الحسم في غزة شر لا بد منه
خليل الصمادي
[email protected] عضو اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين/ الرياض
لا بد من الحسم ، لا بد من تفوق فريق على آخر لا سيما في غياب الدولة القوية
إنها بديهيات من السنن الكونية إذ لا يتم الأمن والاستقرار إلا بتغلب فريق على آخر، و حتى إن كان هذا الآخر باغيا أو غير شرعي، وفي التاريخ الإنساني نماذج كثيرة وفي تاريخنا الإسلامي عبر من تلك الأحداث التي حدثت ألم يتنازل الحسن بن علي رضي الله عنهما لمعاوية بن أبي سفيان من أجل الحفاظ على ما تبقى من دماء المسلمين التي استنزفت آلاف من الطرفين لأكثر من خمس سنوات ، وليست مواقع الجمل والنهروان وصفين وحيدة في تاريخنا الإسلامي بل هناك عشرات من المعارك التي حدثت بين المسلمين وأسفرت عن آلاف القتلى بين الطرفين ولم تنج البلاد إلا بتغلب طرف على آخر وفرض سيطرته على جميع البلاد، ولم ننس يوسف بن تشفين رحمه الله الذي غزا الأندلس وفرض الأمن والأمان هناك بعد أن سجن أمراء الحرب الذين عاثوا في الأرض الفساد وتعاونوا مع العدو قبل الصديق ، وحوادث كثيرة يضيق المقام لذكرها وليس هذا العرف في تاريخنا الإسلامي أو العربي لقد كان سمة التاريخ الأوروبي والأمريكي لقرون خلت ، بل هي سنة من السنن الكونية .
ليس هناك في العالم كله أسوأ من الصراع على السلطة ولا سيما في وجود أكثر من رأس في البلاد، فثروات البلاد وإمكاناتها تستنزف لدعم هذا الفريق أو ذاك ويعيش الناس في وجل وخوف ويخشون على أرواحهم وممتلكاتهم وتنتشر البطالة والأحقاد والثارات التي تنمو مع الاقتال عندها يصعب الرتق على الراقع.
إذا كان في البلاد أكثر من طرف وكل طرف يحمل سلاحا ويدعي الشرعية ولا سيما في الحكومات الضعيفة كما في فلسطين أو العراق أو الصومال وغيرها ، فوجود السلاح في فرقاء عدة يؤذي الوطن والمواطن ويؤخر البلاد والعباد مئات السنيين وكلنا نذكر أمراء الحرب في الصومال قبل سنوات عديدة وكيف كانت حالة البلاد في عهدهم طبعا : تخلف ودمار وحريق هنا وهناك وقتل وخطف وفلتان أدى إلى الثبور والتخرب ، ولكن بعد أن قامت المحاكم الإسلامية بغض النظر عما تنادي به وفرضها للأحكام على المناطق التي سيطرت عليها عاش الناس ولأول مرة بعد سنواعت الذل والهوان في شيء من الأمن والأمان، ولكن عادت الأمور كما كانت ليست بسبب المحاكم بل بسبب الذين يدعون الحرية والديمقراطية ، وما حصل بالصومال حصل كذلك قبل عشر سنوات ونيف في أفغانستان فبعد خروج الاتحاد السوفياتي من هناك غرقت البلاد في وحل الإخوة الأعداء واستمرت الحروب بينهم سنوات وخربت البلاد وقتل العباد وهدمت البيوت والطرقات ونمت الأحقاد ،وفجأة ظهرت قوة طالبان وبعيدا أن كنا نوافقها أم لا إلا أنها سيطرت على جل أفغانستنان وفرضت الأمن والأمان وأصبح المسافر يجوب البلاد من شرقها لغربها ومن شمالها لجنوبها دون أن يخشى إلا اللصوص، وطبعا بفضل الديمقراطية الأمريكية صار الناس يترحمون على طالبان كما أن العراقيين الآن يترحمون على صدام .
ما أريد أن أقوله أن الفلتان الأمني أيا كان مصدره يعد دمارا للبلاد من حيث الانتاج والتطور والبناء فكيف يعيش الإنسان في بلد لا يأمن فيه على حياته أو حياة أطفاله وأقاربه وكيف يقتل الأخ أخاه والجار جاره وكل يدعي الحق والشرعية ، لا يعرف الأمن إلا من فقده ، ولا يعرف الحق إلا من كابده .
يقولون لقد تم قتل العشرات وجرح المئات من جراء فرض الأمن ، أقول وبعد الأسى والترحم على الأموات والدعاء للجرحى بالشفاء : لو لم تحسم الأمور لفقدنا كل يوم عشرات وربما مع مرور الأيام مئات ولا سيما إذا كان الفريقان متعادلين في القوة والشراسة لأن كل فريق يشتد ضراوة وعداوة على الأخر وينخر القتال بالأسر والعشائر والحمايل عندها يستفحل الأمر ولا يمكن علاجه إلا بمعجزات إلهيه ، إذن لا بد من الحسم ولا بد من فرض الفريق القوي قوته ومن بعد عدله على الناس حتى لو وقعت بعض الضحايا التي لا بد منها... فكما يقول المثل الفلسطيني "وجع ساعة ولا كل ساعة"
وأخيرا لقد منَّ الله على عباده بالأمن فقال "فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف" إنها نعمة كبرى لا يعادلها إلا نعمة العقل.
اللهم ابسط الأمن والأمان في كل بلاد المسلمين وابعد عنهم الفرقة والاختلاف والقتال واجعل سلاحهم في نحور أعدائهم الذين شرعوا منذ الأمس في أفغننة وصوملة وعرقنة البلاد لأنهم يريدون استمرار القتال ولو ادعوا غير ذلك!!