ماذا بعد أحداث غزة الأخيرة

ماذا بعد أحداث غزة الأخيرة

عبده مصطفى دسوقي

باحث تاريخي وطالب ماجستير في التاريخ الحديث

[email protected]

منذ أن احتل الصهاينة أرض فلسطين وهم يعملون جاهدين على زعزعة أمن واستقرار المنطقة –وليس هذا بجديد عليهم- ،وقد استطاعوا على مر العقود الأخيرة أن يوطدوا لدولتهم عن طريق إغتصاب الأراضى وصناعة عملاء يعملون جاهدين على إرضائهم، وما كانت اسرائيل تتصور فى يوم من الأيام أن تبلغ مقاومة الشعب الفلسطينى بهذه الضراوة وبهذه السرعة، وظلت اسرائيل تحلم ومن ورائها أمريكا بأن يستقر لها المقام داخل فلسطين حتى استقظت وهى فازعة على اكتساح أبناء حماس للإنتخابات التشريعية الفلسطينية، وسقط فى أيديها وأيد عملائها تشكيلها للحكومة الفلسطينية، وأصبح اسماعيل هنية -المستهدف رقم واحد من قبل الإحتلال وعملائه- رئيسا للوزراء.

فأخذت اسرائيل فى تدريب وتربية عملاء وسط الأزمة يعاونونها على تقويض أركان حكومة حماس، فهب لها أشباه رجال أمثال محمد دحلان ورشيد أبو شباك  ليكونا معول الهدم فى أيدىها ضد الشعب الفلسطينى لا ضد حماس فحسب حتى أنهم ضغطوا على كثير من دول الغرب لمنع المساعدات الإنسانية عن الشعب الفلسطينى ما دامت حماس فى السلطة،وأخذ دحلان ورشيد فى تجنيد رجالا لا حول لهم ولا قوة سوى تغرير دحلان لهم فوجهوا رصاصات مدافعهم إلى صدور إخوانهم فى حماس والشعب الفلسطينى –وهو الوضع الذى يقوم به النظام المصرى مع المعارضة من إطلاق جحافل الأمن المركزى عليهم ليبيدوهم دون تمييز- ، وبالرغم من الإتفاقيات التى أجرتها حماس مع فتح-أو السلطتين الشرعيتين أبو مازن وهنية-إلا أن دحلان ورشيد كانا يعملان على إفشال هذه الإتفافيات، فكانا يطلقان رجالهما لقتل ونهب المجتمع الفلسطيني، حتى ضج الشعب من تصرفاتهم فلم تجد حماس أمام ضعف وتراخى سلطة أبو مازن إلا أن تُنزل رجالها للضرب على أيدى المعتدين وحماية الأعراض والأموال، فهرب من لا غاية له إلا الدنيا من قادة ورجال الأمن الوقائى إلى مصر وتركوا رجالهم خلفهم فى فلسطين لا يستطيعون فعل شئ أمام حماس إلا الضرب العشوائى فى الشعب الفلسطينى، واستطاعت حماس إعادة الأمور إلى نصابها لكن أبو مازن سارع -بعد أخذ الأوامر من أمريكا والصهاينة- بإقالة حكومة حماس الشرعية وتعطيل المجلس التشريعى وتعيين حكومة جديدة برياسة سلام فياض....

لكن السؤال الأن ماذا بعد ذلك؟

وكيف سيكون المستقبل فى فلسطين فى الفترة القادمة؟!!!!

الناظر فى وسط الأحداث ومنذ تولى حماس السلطة ،فرضت أمريكا واتباعها من الغرب وحكام العرب حصارا على حماس وحكومتها لكى تجبرها على الإستقالة إلا أن الأيام أثبتت قدرة حماس على التعامل مع الموقف، وحاولت حماس فى ظل حكومة الوحدة الوطنية الإرتقاء بالبلاد  لكن عملاء الصهاينة أفسدوا عليها برنامجها، وكانوا يهدفون إلى زعزعة ثقة الشعب فى حماس وحكومتها فينقلب عليها ويسهل القضاء على كل حمساوى، ومن أجل ذلك سارعت أمريكا بالإعتراف بحكومة فياض وأنها سترفع الحصار عنها كما اعلن الصهاينة أن حكومة فياض ستكون شريكا فى محادثات السلام لكنها لن توافق على دخول أى حمساوى الحكومة وهذا ما حققه لها أبو مازن، واعطى هذا لاسرائيل الضوء للعودة لسياسة إغتيال قادة حماس يساعدها عملائها أمثال دحلان.

فاعتراف امريكا السريع بحكومة فياض رسالة إلى الشعب الفلسطينى يقول فيها أن حماس كانت سبب نكبتكم وحصاركم ومن ثم يجب التخلص منهم للأبد بالقتل أو النفى حتى لا يبقى حمساوى واحد على أرض فلسطين، وايضا نشر قوة دولية لا لحماية الشعب الفلسطينى من الإعتداءات الإسرائيلية- فاسرائيل لا تستطيع العيش فى سلام- لكن لحماية اسرائيل من صواريخ المقاومة.

يظن الجميع خلال النظر وسط الأحداث أن الوضع فى غير صالح حماس، لكن الناظر المدقق يجد أن المستقبل لها رغم الحصار لأن حماس التى نشأت فى رحم الأحداث الجسام واستطاعت أن تبرز كقوة ضارية بإيمانها وثقتها فى الله لن يهيبها أمريكا التى لم تستطع فعل شئ لها منذ الإنتفاضة الأولى سوى اغتيال بعض قادتها لكنها عجزت عن ابادتها كما كانت تخطط لذلك، ومن ثم ومع الإنهزامية التى سيطرت على اسرائيل وجنودها وعملائها الخونه ستظل حماس موجوده  لأنها لم تصبح فصيل واحد فحسب لكنها أصبحت هى الشعب الفلسطينى الحر الأبي الذى رفض كل ألوان الهوان من اسرائيل وعملائها أمثال دحلان ورشيد.