سوريا بعد الأسد

سوريا بعد الأسد

د.خالد الأحمد *

(1)

يتخوف بعض السوريين ، وبعض العرب ، وبعض الدول الغربية ، من تغيير النظام الأسدي الذي أهلك الحرث والنسل ، في سوريا ولبنان ، وساهم في هلاك العراق ، ولن يتورع عن إلحاق الأذى بأي دولة عربية .... يتخوفون من تغييره ... ويتخوفون من البديل الذي سيحل مكانه ، ويتصورون الفوضى التي حلت بالعراق ، لذلك يخافون من تغيير النظام الأسدي ...

لذلك ومن متابعة مسيرة المعارضة السورية الداخلية والخارجية ، تجمعت لدي معالم واضحة ، وأهداف مؤكدة ، اتفقت عليها فصائل المعارضة السورية ، داخل سوريا وخارجها ، ترسم هذه المعالم والأهداف صورة لسوريا المستقبل ، سوريا ما بعد الأسد ، سوف أعرضها في هذه الحلقات بإذن الله عز وجل .

1-  التغيير السلمي بأيدي سورية :

 تؤكد المعارضة السورية الفاعلة ، داخل سوريا وخارجها – باستثناء فصيل الغادري  – تؤكد هذه الفصائل على ضرورة التغيير السلمي بأيدي سورية ، فالمعارضة السورية ترفض رفضاً قاطعاً الاستقواء بالأجنبي ، وقد اتضح من خلال التجربة العراقية المرة ، أن المستبد الداخلي ، أقل شراً وضرراً من المستعمر المحتل ، ولا أحد يجادل اليوم في أن ظلم صدام وبطشه أقل ضرراً للعراق من الاحتلال الصفوي الأمريكي لبلاد الرافدين ... ويصدق المثل هنا بأنهما أمران أحلاهما مر ...

لقد رفضت المعارضة السورية ممثلة بجماعة الإخوان المسلمين في سوريا الاستقواء بالأجنبي قبل احتلال العراق من قبل الصفويين والأمريكيين ، ومن خلال مشروع الميثاق الوطني (2002) ، وكان من أهم توصياته رفض الاستقواء بالأجنبي ، والعمل على التغيير السلمي بأيدي سورية ..

( انعقد المؤتمر الأول للمعارضة السورية في لندن ما بين (23/ 8 25/8/2002) ، وقد دعت إليه جماعة الإخوان المسلمين في سوريا . وكان لهذا المؤتمر أصداء إيجابية داخل سوريا وخارجها ، ودهش  كثيرون داخل سوريا لما عرفوا أن من أهم قرارات المؤتمر ( عدم الاستقواء بأحد من الخارج على الوطن ) ، كما يفعل غيرهم من المعارضة غير السورية ، ودهش آخرون داخل سوريا وخارجها من قبول الإخوان المسلمين الحوار مع الماركسيين ، والجلوس معهم حول طاولة واحدة ، والتوقيع معهم على ميثاق وطني ).

كما أن تحالف حركة الإخوان المسلمين في سوريا مع الأستاذ عبد الحليم خدام دليل قاطع على رفض الإخوان المسلمين – وهم الفصيل الأكبر في المعارضة الخارجية – للاستقواء بالأجنبي ، ومد الأيدي للمعارضة الوطنية ...وأول ما ترمي له الجماعة من تحالفها مع الأستاذ خدام هو تشجيع الوطنيين المخلصين من رجال النظام من الطائفة العلوية ، ومن البعثيين على الوقوف في صف الوطن كما فعل الأستاذ خدام.

ويبدو لي من متابعة تصريحات كبار القادة في جماعة الإخوان المسلمين أن الخطوات الفعالة في تغيير النظام سلمياً هي :

1-    تكاتف المعارضة السورية في الداخل والخارج ، من خلال مؤتمر وطني عام يعقد خارج سوريا ، وداخلها ، يجمع فصائل المعارضة كلها ، ووسائل الاتصال الحديثة كفيلة بجمع رموز المعارضة ، وتفاهمهم ولو كانوا في عدة قارات من العالم ...

2-    وقوف جزء من أبناء الطائفة العلوية مع المعارضة السورية ، مثل جبهة الخلاص الوطني ، ونداء دمشق ، وغيرهما .

3-    وقوف جزء من البعثيين مع المعارضة السورية ، مثل جبهة الخلاص الوطني ، ونداء دمشق ، وغيرهما .

وهكذا يكون التغيير السلمي بأيدي سورية ، وتحدث بعضهم عن ثورة الياسمين التي أطاحت بتشاشسكو طاغية رومانيا ، وتمنوا أن تتكرر ثورة الياسمين في سوريا ، وليس ذلك غريباً عندما يتعاون بعض أبناء الطائفة العلوية ، وبعض الرفاق البعثيين مع المعارضة السورية ممثلة بجبهة الخلاص الوطني ، ونداء دمشق ....

وهذا يؤكد لنا عزم المعارضة السورية على رفض الطريقة العراقية في التغيير ، ورفض الاستقواء بالأجنبي ، والاعتماد على الله أولاً ، ثم على الأحرار السوريين الذين لن يسكتوا أكثر مما سكتوا على النظام الإرهابي الأسدي ...   

وكل ماتريده المعارضة السورية من الدول العربية والغربية رفع الغطاء عن النظام الأسدي ومساعدة الشعب السوري على أن يقول كلمته بدون خوف من بطش النظام الأسدي ...ووسائل الإعلام اليوم جعلت مايجري في أي بلد من العالم ، معروفاً لدى جميع العالم في اللحظة نفسها ، ولم يعد الحال كما كان في عام (1982) عندما قصف حافظ الأسد وأخوه رفعت مدينة حماة براجمات الصواريخ والدبابات حتى دمروا ثلث المدينة وقتلوا فيها قرابة خمسين ألفاً من أبنائها ، دون أن يعلم أحد سوى الشعب السوري المسكين ، وقليل من الصحفيين المهتمين والمتابعين مثل ( روبرت فيسك ) الذي دخل حماة في أواخر أيام المجزرة ، ورأى بقايا الجثث في الشوارع ....

            

    * كاتب سوري في المنفى باحث في التربية السياسية