سقوط جمهورية دحلانستان؟

سقوط جمهورية دحلانستان؟

أ.د. حلمي محمد القاعود

[email protected]

أخيراً سقطت جمهورية الخوف والرعب والتعذيب والقتل والخيانة والتعاون مع العدوّ فى غزة الصامدة !

سقطت الجمهورية التى استعصت على الترويض طوال سنوات واتفاقات ما بين القاهرة ودمشق وعمّان والأردن وبيروت .. والمجرمون الذين يقودونها سادرون فى غيّهم وإجرامهم وقتل ضحاياهم باسم النضال والثورة !

سقطت جمهورية القتلة والسفاحين الذين انتشلهم ياسر عرفات من القاع ، فصاروا مليارديرات ، وتآمروا عليه وعلى الوطن السليب وراحوا يعملون لحساب العدو النازى اليهودى الذى قهر أهليهم وذويهم وهجّرهم وحرمهم الأمن والطمأنينة والحياة الكريمة بعد أن استولى على أراضيهم ومدنهم وقراهم ومقدسات المسلمين .

سقطت الجمهورية غير الشرعية التى كانت تحظى بحماية الغزاة اللصوص الذين جاءوا من كل بقاع الأرض ليؤسّسوا قاعدة لقهر الأمة الإسلامية وإذلالها وإبادتها ، وتحويل من يتبقى إلى هنود حمر ، لا دين لهم ولا كرامة ولا شرف .

سقطت جمهورية دحلانستان وعاصمتها تل الهوى فى غزة الشريفة المجاهدة التى أرغمت جيش الغزو النازى اليهودى على الرحيل وتفكيك مستوطناته ، وإن كان قد حاصرها برّاً وبحراً وجوّاً بفضل الإخوة الأعداء الذين فقدوا كرامة الإسلام وشرف الجهاد ورجولة التضحيات ، بل كان بعضهم يتطوع بإرسال المعلومات عن الأسلحة التى تهرّب إلى القطاع كى يدافع عنه أبناؤه الشرفاء ! بل منعوا الأغذية والأموال التى كان يتبرع بها العرب والمسلمون لأشقائهم المحاصرين .. ياله من عار يلحق بمن فعلوه وقاموا به وحرّضوا عليه .

غزة التى طردت العدوّ النازى ، لم تستطع طوال سنوات أن تطرد العدوّ العميل ، الذى أساء إلى فتح وشرفاء فتح فى كتائب الأقصى ، ومذ نجحت حماس فى الانتخابات التشريعية والعملاء القتلة لم يهدأ لهم بال ، وفى عاصمتهم تل الهوى ، كان الأمن الوقائى يخطف الناس ويُعذّبهم ويسلبهم ما لديهم ويلقى بهم من على سطحه ! تحوّل الأمن الوقائى إلى صورة مستنسخة من مقار التعذيب والإذلال فى الدول العربية الأخرى التى تدعى الديمقراطية والحرية والحفاظ على كرامة الإنسان !

لو لم تقم " حماس " بغير هذا العمل لكفاها فخراً وشرفاً إلى يوم الدين .

أعلم أن النخب المتغربة الموالية للصهيونية وأمريكا .. لم يُعجبها الحدث ، ولم تر فيه إلا هزيمة للمشروع الغربى الصهيونى الذى يستهدف الإسلام بالدرجة الأولى بعد أن استهدف الأوطان الإسلامية والمقدسات الإسلامية وسيطر عليها وهيمن .. ولكنه لم يستطع أن يُسيطر على النفوس أو يُهيمن على القلوب المؤمنة بالله والرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم - .. ولن يستطيع بإذن الله مهما بلغ القهر ومهما استبد الظالمون ومهما بلغ الحصار .

كتب شاعر عربى من مواليد فلسطين يحمل الجنسية العبرية يُوبّخ الشعب الفلسطينى على ما جرى فى غزة ، وقال : لولا الحياء والظلام ، لزرت غزة ، دون أن أعرف الطريق إلى بيت أبى سفيان الجديد ، ولا اسم النبى الجديد ! ولولا أن محمداً – صلى الله عليه وسلم ( هذه من عندى ) – هو خاتم الأنبياء لصار لكل عصابة نبى ، ولكل صحابى ميليشيا ! "

وأقول للشاعر الذى يحمل الجنسية العبرية : إن القتلة الذين سفحوا دماء الأبرياء فى جمهورية دحلانستان يُساعدون العدو ، ويستقوون به على شعبهم ، وكان الأولى بك أن تدينهم من زمان بعيد ، بدلاً من أن تسخر ممن قاموا بإنهاء إجرامهم وأوقفوا دمويتهم ، مما اضطرهم إلى الهروب فى زوارق عبرية إلى حيفا وعسقلان المحتلتين ، ومنها إلى أرض الكنانة ليستمعوا إلى توبيخ على طريقة أخرى ، فهم يملكون عشرات الألوف تحت قيادتهم مع كثير من الأسلحة والأموال ، ولكن قلة مؤمنة هزمتهم ، وخلصت الشعب الفلسطينى المهزوم من شرورهم .

وليتك أيها الشاعر التقدمي (!) الذى لم يعطف على شعبه بمليم واحد ، مما يحصل عليه من جوائز عربية وأجنبية نظير معاداته للإسلام وآخرها جائزة مصرية بمائة الف جنيه ، قلّدت رفيقك اليسارى المحترم " بلال الحسن " الذى وقف على شاشة التلفزة وأعلن تاييده لحماس ، ولم يُخافت برأيه أن كل اتفاقيات وقف إطلاق النار فى غزة ، كان سبب إخفاقها  أن عصابة دحلانستان فى تل الهوى كانت تعمل لحساب الغزاة اليهود .. ومالنا نذهب بعيداً ، وقد حملت أنت  العلم الصهيونى ذات يوم ومضيت به فى احتفالات دولة أوروبية شرقية أيام ازدهار الشيوعية وانتشارها ؟

إن حماس ليست نبياً جديداً ، وقواعد فتح ليست أبا سفيان الجديد ، ولكن أهل غزة تعبوا وعانوا وتعذبوا بأفعال العصابة التى حكمت من تل الهوى ، حتى هوى بفضل الله .

ألم يستوقفك أيها الشاعر الذى يحمل الجنسية العبرية – وهو أمر لا حيلة لك فيه – أن أولمرت وبوش والاتحاد الأوروبى والدول العربية ( المعتدلة ) وقفت إلى جانب عصابة تل الهوى ، وزعمائها الروحيين فى رام الله بدءًا من المناضل البهائى حتى نظيرهم الرجوب ؟

ولا شك أن هناك من الشيوعيين الفلسطينيين من اتخذ موقفا أكثر رجولة وشهامة من الآباء الروحيين لعصابة تل الهوى والدول المعتدلة . لقد أكد أنور رحاب عضو المكتب السياسى للجبهة الشعبية أن حركة حماس أنقذت غزة من حرب أهلية ، وأنها لو لم تقم بخطوة الحسم الميدانى فى القطاع فإن الأمور كانت ستسير بشكل متسارع  نحو حرب أهلية واسعة النطاق نظرا لما كان يقوم به رجال تل الهوى من استعدادات وتجييش مدعومة بتأييد صهيونى أمريكى .

لقد كانت حماس أكثر إنسانية حين أعلنت العفو عن الذين لم يُعذبوا ولم يقتلوا ولم يحاربوا ، وكانت أكثر رحمة حين أعلنت أن شرفاء كتائب الأقصى مع غيرهم من الفصائل هم رفاق السلاح ضد العدوّ الصهيونى الذى يحتل فلسطين ، ويحاصر أهلها ويُذيقهم العذاب صباح مساء .

إن الوثائق التى وقعت فى يد حماس بعد سقوط تل الهوى تكشف عن إجرام لا حدّ له خطط له المجرمون فى دحلانستان ، وصل إلى درجة الخيانة العظمى ، ناهيك عما وجدوه فى بيوت الهاربين من آثار تدل على انحراف خلقى ووطنى وقومى .. وللأسف فإن المجرمين يواجهون العالم على شاشات التلفزة وهم فى ثياب المناضلين الأتقياء الأنقياء .. وإنى لأناشد حماس ألا تسلم هذه الوثائق للوسطاء الذين يسعون بكل السبل للحصول عليها ، بحجة الحفاظ على الوحدة الوطنية ، وينبغى للعالم العربى والإسلامى أن يطلع عليها ليعرف سرّ بقاء الاحتلال النازى اليهودى لفلسطين ، وسرّ الخونة الذين باعوا ضمائرهم لدرجة أن الوضيع الذى انتشله عرفات من قاع المجتمع وتحول إلى ملياردير ، كان فى مقدمة المتآمرين على قتله وتصفيته مع أن عرفات كان يعده تلميذه الوفى !

نحن نتمنى أن نرى اليوم الذى تسقط فيه جمهورية " رجوبستان " أيضا ، ويتمكن أبناء فلسطين المجاهدين فى القسّام والجهاد وكتائب الأقصى والشعبية وغيرها ، من تحرير جهادهم من الخونة والاختراق ، وليقوموا باختراق العدو وإيلامه ، كما فعل حزب الله – وما النصر إلا من عند الله ، ولعنة الله على الخونة فى كل زمان ومكان.