أيها الإسلام المظلوم

أيها الإسلام المظلوم

م.نجدت الأصفري

[email protected]

معرفتنا بفتح الإسلام ضئيلة ، شحت المراجع التي تحمل فكرها ومبادئها ولم يتسنى لنا معرفة أهدافها وما تصبو إليه ، ولو سمحنا لأنفسنا التكهن لوقعنا في محظور الخطأ وافترينا وأفتينا بغير علم ولا هدى ، فلم نعرف عن الجماعة إلا ما تسرب من وسائل إعلام تشد القاريء إلى ما تريد وليس إلى الحقيقة ، فليس لدينا مرجعا يوضح أفكارهم ، ولا أهدافهم ، ولا غاياتهم ، ولا أعدادهم .

كل ما عرفناه عنهم لأول مرة  أنهم من اغتال أحد أعضاء السفارة الأمريكية في الأردن ، ألقي القبض على بعضهم هناك وهرب منهم من هرب ، ثم تلا ذلك صوت صدر من دمشق  يشير إلى إلقاء القبض على زعيم من زعمائهم (شاكر العبسي ) الذي لم  ينسب إليه في سوريا شيئا معينا أدخل بموجبه السجن أو ( المصنع ) ليكون جاهزا لتنفيذ ما يطلب منه وما يخطط له ، والشبهة هذه نقولها من خلال خبرتنا في هذا الحكم الدموي الذي هدر دماء مئات الألوف من الأبرياء بلا ذنب ولا سبب ، وإذا به يطلق سراحه عندما انتهت دورته التدريبية في مصنع العملاء ، وتجاهل الحاكم طلبا من الأردن بتنفيذ اتفاقية تبادل المجرمين الموقعة بين البلدين ليقوم السوريون بتسليمهم شاكر العبسي المحكوم غيابيا في القضية المذكورة ، ثم تسلل(؟؟) المذكور إلى لبنان الذي يعتبره الحاكم السوري مربط خيله، ومسرى أوامره ومسقط سلطانه بلا تذمر ولا تردد،كيف تسلل ؟ بل كيف أخلي سبيله ؟ من سجون ( داخلها مفقود وخارجها مولود) لحاكم دموي يعتبر إزهاق الأرواح سيمفونيته المفضلة يتلذذ بعزفها و سماعها ليل نهار تخلصا ممن لا يريده وتخويفا لأمثاله.

 لا نقول ذلك تجنيا على حكم خبرناه خلال نصف قرن ، أفلا يؤهلنا ذلك أن نحكم عليه من خلال ما عشناه  وعلمناه ، أليس هو من قتل من شعبه الآلاف بلا سبب ؟ أليس هو من وزع المآسي على كل البلدان والقرى ؟ أليس هو من أصدر قوانين الطواريء  وأقذرها قانون 49 وحكم بها على البشر دون حسيب أو رقيب ؟ أليس هو من دمر حماة ؟ أليس هو من ارتكب المجازر في تدمر وادلب وجسر الشغور وأريحا وجبل الزاوية واللاذقية .... ؟ أليس هو من أصدر دستورا هتك به كل القيم الديمقراطية والإنسانية ، فجرد مئات الألوف من المواطنين من جنسياتهم وهوياتهم ....؟ أليس .. أليس .. الكثير مما لا يحصى من جرائمه .

من خلال بعض ما ذكرنا ، لم نجد لهذه الفئة التي تتخذ من بعض أسماء الإسلام عنوانا أختاره لها من أوجدها ليدغدغ به أسماع من لا يزال يؤمن بأن الإسلام عصي على التدمير. ومع أننا نؤمن بأن الإسلام محفوظ من قبل الباري جل وعلا لكننا نعلم كذلك من

التاريخ أن الإسلام النقي الصافي ، كان منذ الخلافة الراشدة هدفا لأعدائه والحاقدين عليه ، فقد سعى زعيمهم ابن سبأ المجوسي اليهودي الذي تستر بالإسلام فخطط ونفذ ، ثم توسع أتباعه وروى التاريخ الصادق كثيرا من حكاياهم ومؤامراتهم ليس أقلها وأكثرها أبن العلقمي ، ولا الحشاشين ، ولا  الذين جلبوا الأعداء من المغول والتاتار والصليبيين والمستعمرين القدامى والجدد ، كان يجمعهم كلهم حقد قديم وجديد على الإسلام .

فإذا سمعنا جدلا لأفكار جند الشام ، وفتح الإسلام ، وسواهم مما نبق فجأة أو لا يزال في مكنونات الحكم الأسدي العميل ، وقسناه على ما تعلمنا من الرعيل الأول من عظماء هذه الأمة وهداتها ، لوقفنا عند المأثور : أرسل حكيما ولا توصه ، لأن الحكيم يزن الأمور بميزان الحكمة والشرع الحنيف . وكذلك : المسلم كيس فطن  يزن الأمور بميزان الشرع الدقيق لا بالهوى والرغبات.

أما قول عمر (ر) لست بالخب ولا الخب يخدعني . كفيل أن يجعل ممن يرفع شعار الإسلام وأهدافه أن يقيس الأوامر والتعليمات على قاعدة أصلية هي ما المصلحة التي نتوخاها في فعل ما يطلب منا وما محاذيره ؟ كفيل ذلك بأن نكون ( كربعي بن عامر ) عندما أرسل مفاوضا عن جيش المسلمين أمام أعدائهم دون تجهيز أو توجيه مسبق من القائد والحاكم ، فلم يكن بحاجة إلا الذي يريده المسلمون وما يقع في صالحهم ، فأحسن العرض وسدد الكلمات واختار التعابير بما جعل كلماته الذهبية سطورا في تاريخ ناصع .

إذا قسنا كلامنا هذا على ما تصرفته من تسمي نفسها فتح الإسلام فنسألها :

ماذا عملتم للإسلام من شيء ترفعون به عن الإسلام وأهله ما يعانون علي أيادي الحكام الطواغيت ؟

ما الحكمة التي توخيتموها في الإندساس بين من يكويهم الفقر وحياة المخيمات فجلبتم عليهم مصيبة أهوال التراشق بالنيران وتمترستم بين الشيوخ والنساء والأطفال لتزيدوا محنة اللجوء الأليمة التي يعيشونها ويأملون أن يعودوا إلى بلادهم ، وإذا بكم  تضعوهم بين نار من أرسلكم لتخدموه يحقق أهدافه المشبوهة في إشعال نار الحقد والكراهية ، وبين عجزهم وفقرهم ومأساتهم المستمرة منذ أكثر من ستين عاما ، فهل هذا ما يخدم الإسلام والمسلمين ؟

ما الذي تتصورون أن تحققوه للإسلام من قلب المخيمات ؟

 لا يزال في الوقت متسع لصحوة ضمير ، وعودة حميدة لنصاعة الإسلام وجوهره في الحفاظ على النفس البشرية ودمها الطاهر الذي عبر عنه رسولنا الكريم (ص) بأنه  أهم من الكعبة الشريفة .

كما أن الشعب اللبناني المنكوب ، إن كان لكم رغبة في تجنيبه هذه المآسي التي تدمر حاضره ومستقبله ، فكونوا معه وليس ضده ، كونوا معه في فضح مخططات من دمر لبنان على مدى أكثر من أربعة قرون نهبا وقتلا واغتصابا وتدميرا .

أما الشعب السوري الذي يعاني من هذه الطغمة المارقة ، تلعب به قتلا وسحلا لخيرة شبابه جلهم من الإسلاميين الطيبين والعلماء العاملين والمثقفين الفاعلين والمواطنين المخلصين ، فإن كنتم لا تعرفون ماضي هذا الحكم العميل والدكتاتور اللئيم ، فلا عذر لكم بعد اليوم وقد أعلمناكم بالحقيقة الناصعة ، أما إذا كنتم تعرفون ما قلناه وتتشبثون بما تفعلون ، فأنا خائف عليكم أن تكونوا عونا للظالم في ظلمه ولن ينالكم من ذلك إلا الخسران المبين . أوجه كلامي هذا لمن لا يزال على قيد الحياة ممن سمعت أسماءهم عبر الإذاعات وهم :

شاكر العبسي ، والقائد العسكري شاهين شاهين ، وأبو طه ، وآخر السلسلة شهاب قدور الملقب بأبي هريرة

 دوروا مع الحق حيثما دار ، وقفوا مع المظلوم لا مع الظالم ، وكنوا مع الله لا مع الكفرة الفجرة ...

ألا هل بلغت اللهم فاشهد