الشعب السوري بين نسبتين 99.99% و 97.62%

د. محمود عبد القادر

الشعب السوري بين نسبتين

99.99% و 97.62%

د. محمود عبد القادر/سورية

[email protected]

97.62% من الشعب السوري قالوا بالأمس القريب نعم للطاغية الصغير ، وأي نعم هذه التي قيلت خوفا من شروره واتقاء لخبث أجهزته الأمنية ورعونتها ؟!!، وأي فرحة مزيفة صورت على الوجوه ؟!! ، والقلوب تندب حظها وتدعوا الله من أجل الخلاص {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }آل عمران26

لا أنا ولا حمارنا :

في كل استفتاء يجري على الرئيس في سورية ، تسأل لجنة من المخابرات المواطن السوري المستفتى ، هل أنت موافق على ولاية جديدة للرئيس ؟!!، فيقول المواطن المسكين نعم ، وليس أمامه من خيار غير القول الذي قاله وإلا ........؟؟؟.

هل ترغب بالتصويت عن أقربائك ؟!! ، بالتأكيد نعم ، لا يوجد بين أقربائي من لا يرغب بالسيد الرئيس ، الكل موافقون ؟!!، وتنهمك اللجنة الاستخبارية بالتأشير على ال-نعم وعلى الأسماء الغائبة الموافقة من عائلة فلان !!!، وتمتلئ الصناديق !!.

واحد قالها فقط في إحدى الاستفتاءات جوابا على السؤال هل أنت موافق على ولاية جديدة للرئيس ؟، فقال : لا أنا ولا حمارنا ، سوف أصوت عن حماري لأن الحمير هم أقربائي الجدد الذين أصبحنا نحن وهم في ظل السيد الرئيس من فصيلة واحدة .

قالها المسكين مخاطرا بسنوات من السجن ظنا منه بأن الموت هو للإسلاميين فقط حين يعترضون على النظام الدكتاتوري في دمشق ، أما الشيوعي مثله فرأس مالها حسب ظنه سنوات من السجن وتنقضي ، لكنه مات في السجن تحت التعذيب ، فنسأل الله له حسن الخاتمة .

الشعب الطفران :

سبعة عشرة مليون سوري في الداخل قالوا ال - نعم المذكورة ، وهل يدري أحد كيف قالوها ؟، ولماذا قالوها ؟، وأقول سبعة عشرة مليون بعدد السوريين في الداخل كلهم لأنهم مضطرون جميعا لتنشئة أطفالهم على حب الرئيس والقول له نعم خوفا من زلات الألسن لدى الأطفال ، فكم من أب زار السجن بسبب كلمة قالها ولده ، تنم عن عدم حبه للرئيس ، وسبعة عشرة مليون سوري في الخارج ، هم من مشردي القهر والاستبداد أو مشردي الجوع وسوء الأحوال الاقتصادية في ظل الحكم البائس للأب من قبل وللابن من بعد .

كل فؤاد في الداخل يتعلق بفؤاد مشرد في الخارج ، وكل فؤاد في الخارج يحن إلى رؤية الأهل والأقارب والوطن في الداخل ، ولكنني أنا المشرد منذ أكثر من خمس وعشرين سنة والمحروم من العيش المطمئن في ظل بلدي ، والمحروم من رؤية الأهل والأقارب أيضا ، أنا مطمئن بأنني لم أحرم من شرف الاستفتاء على الرئيس ، لأن أخي أو ابن عمي قام بالواجب نيابة عني ، ولاشك أن الكل من أمثالي قالوا نعم للرئيس ، لأن أقرباءهم فعلوا كما فعل أخي أو ابن عمي ، وقالوا نعم للرئيس عنهم ، وهذا يجوز في عرف الاستفتاءات على الرئيس في سورية فلا تستغربوا من هذا ؟!!.

لا غرابة في نسبة ال 97.62% ، لأنها لا زالت من نسب الشعب الطفران والحاكم التافه الحقير الذي لا يبالي بما سوف يقال عنه ، ولكن الغرابة كل الغرابة هي كيف نزلت النسبة من 99.99999% في الاستفتاءات السابقة على الحاكم الأب إلى 97.62% في الاستفتاء الأخير على الرئيس الابن ، علما بأن جميع الرفاق والمطبلين والمزمرين والراقصين بحماسة ، يجمعون على أن عهد الابن أفضل من عهد الأب !!!!!، أمر عجيب لهذا الشعب الطفران!!!!!، يقول نعم للسيد الرئيس بالإجماع ، ومن جهة أخرى يتداول في أجهزة التليفونات السيارة ما يدل على حالة الطفران من ارتفاع مستوى المعيشة والرفاهية في ظل الحكم الرشيد للبطل الصنديد ابن الصنديد ، ويقول عنها الدعاء في خطبة الجمعة :

اللهم لا نسألك التوفير ولكن نسألك حسن التدبير ، اللهم زيادة في الرواتب وثباتا في الأسعار ، اللهم يا حنان يا منان يا مجيب الدعوات أنزل غضبك على المطبلين والمطبلات والمزمرين والمزمرات الأحياء منهم والأموات ، فلا نعود نسمع منهم عبارات النفاق والمياعة لا من تلفزيون ولا إذاعة .

 اللهم يسر لكل مواطن سيارة ، ولا تدع بين الجماهير عازبا ولا عزباء محتارة ، اللهم اجعل ليالينا مع حلو المسلسلات ولا تكرر علينا مسلسل أبو الهنا أو مسلسل السبع دوخات ، اللهم من القهر أحفظ عبادك الموظفين ، وأوصلهم إلى آخر الشهر مستورين ، ولا تحشرهم بين زمرة المفلسين .

وفي مسجد آخر يقول الدعاء : اللهم حول النسبة 97.62% إلى الرقم /1757/ ، وانصر عبادك المظلومين بما شئت ، وكيف شئت ، ومتى شئت ، اللهم ميليس قاضيا للتحقيق ، {وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمينَ }البقرة95

اللهم سيرج برامرتس مدعيا عاما {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ }الأنعام129

اللهم {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَاداً لِّي مِن دُونِ اللّهِ وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ }آل عمران79

اللهم إن لكل فرد من سبعة عشرة مليون سوري في الخارج جواز سفر ، وكل جواز سفر بمائة وخمسين دولار ، وعلى كل رب أسرة ضريبة اغتراب بأثر رجعي لا تقل عن ألفي دولار ، اللهم يسر السفر مجانا لبشار وزمرته إلى المحكمة الدولية ، ولا تكتب الرجعة لهم ،كي يدفعوا ضريبة الاغتراب {وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ }إبراهيم49{فَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل رَّبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ }الأنعام147

{وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ }القصص39، اللهم سيدة سوداء راكبة على أعناق أصحاب السيادة والغرور والفخامة في قصور الطغيان الوحشية الأسرية {وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً }الفتح7 .{وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ }إبراهيم42