نحارب باللعب ونلعب بالحرب

صالح مفلح الطراونه

صالح مفلح الطراونه

[email protected]

أدركت بعد مباراة مصر والجزائر كم نحتاج لكثير من الوقت حتى ندرك كم كرة القدم تستخف بعقولنا , وكم كرة القدم جيرت أحولنا الآجتماعيه الى غير مما يجب أن تكون عليه , وكم كرة القدم حولتنا الى عالم ينفصل عن الهويه الواحده والمذهب الواحد وحولتنا الى أشلاء من الأمم واجداث من الرمم , فقد بات علينا أن نتسلح بكرة القدم لنكون بالقمه في كل شيء وبات علينا ان نُسخر كل طاقاتنا السياسيه والفكريه لكرة القدم حتى يتقبلنا الآخر وأحيان حتى لنتقبل انفسنا إننا ضمن المسار المرسوم ..

فقد تحولت شوارعنا الى مزاد لقميص لاعب وحذاء لاعب وتحولت أسواقنا الى يافطات تعلن الحرب بكرة القدم على كل من يحاول المساس بحقوق البث لهذه المباراه , فشوارعنا تعطلت بها لغة المسير وبدأ الليل نهار والنهار ليل , وبدأت احاديث الأعلام ورجال السياسه والطائرات والقطارات ورؤساء الدول تتحدث مع اللاعبين وتزورهم بمضاجعهم وملاعبهم وتسامرهم التدريب تشد من أزرهم فغداً مباراه لا تقبل القسمه على إثنين , غداً مصير المونديال غداً مصير الدوله كله بميدان كرة القدم .

هكذا هو حالنا العربي للأسف الشديد اقولها بكل مراره هب هبة رجلاً واحد لكرة القدم وفطبول قسمنا الى شرائح ودويلات ومكن العنصريه من الدخول حتى بعلاقاتنا العربيه المصيريه التي تمتد الى سالف العصر يوم كانت الأمه إمة حرب على كل ما يسيء الى الأمه , حالنا الجديد ذهب بعيداً عن قضايا الأمه المصيريه ونسينا ما يجري الآن على الحدود السعوديه واليمنيه معاً , نسينا ما يحدث بقطاع الأراضي الفلسطينيه من نهب وسلب وتجريد الى الارض والأنسان , نسينا مصيبة الموت اليومي لمرض إنفلونزا الخنازير , ونسينا قضية الجوع في السودان والكوراث التي أصابت الأمه جراء إنتكاساتها عبر التاريخ من الصراع الاسرائيلي العربي , ونسينا التهجم الواضح على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .

مصر تستدعي السفير والجزائر تستنفر المطارات والطائرات والحجوزات ومصر تحتفل بالشوراع حتى الصباح وتعلق مسيرة الماره والسيارات الى إشعار آخر , والأعلام ترتفع وسط القاهره والموت المفاجئ يقتل الجزائريين , وهدف متعب يقلب موازين القوى والمدرجات تصاب بحالات الأغماء والحالات كثيره بالمستشفيات .

لأجل كرة القدم حسبنا الله ونعم الوكيل على من حولنا الى أشلاء امم وأجداث رمم , حسبنا الله على كل من حول شوارعنا الى ضيق الأفق حتى ما عاد علينا ان نستوعب بعض جراء هذا الفصل العنصري الجديد بمفاهيم كرة القدم وما آلت اليه .. السودان يستنفر جيشه وقواته الأمنيه بالملعب والشوارع والمطارات , وأم درمان بالسودان تستقبل الأبطال الذين سوف يرفعون راية النصر الكبير بجنوب افريقيا .

نعم إننا نحارب وقت اللعب ونلعب وقت الحرب ولعلكم تدركون ما أقصده هنا ...

لعلكم تدركون كم نحتاج الى ثقافه حتى بالرياضه وكم نحتاج الى زمن جديد لنصل الى مفاهيم الروح الرياضيه بكرة القدم وغيرها من العاب .