داعش وامريكا .. التفاضل والتكامل

داعش وامريكا .. التفاضل والتكامل

احداهما على كف عفريت ..

والاخرى على كف الشيطان

وليد رباح /الولايات المتحدة الأمريكية

[email protected]

ليست هذه الكلمة درسا في الرياضيات .. وليست تحليلا لما  يحدث .. ولكنها تتجه نحو استشراف المستقبل ان كان معتما ام فيه بعض الضوء .. ومن هذا المنطلق .. فاني (اثمن  سلبيا) ما قامت به اجهزة الاعلام الامريكية على مدى اشهر طويلة .. للتهيئة لما هو قادم  على اعتبار ان السياسة الامريكية لا توضع للاوقات الراهنة .. بل تتعدى ذلك الى خمسين سنة قادمه .. ولا يستطيع الرئيس الامريكي ان يغير فيها شيئا لانها مبنية على مفكرين متطرفين الهم الاول لهم ان تحافظ امريكا على نفوذها في هذا العالم .. ولا تهمهم ( الكميات ) التي تموت او تدفن تحت القذائف .. صحيح ان الاستراتيجية الامريكية في هذا الامر لا يمكن تغييرها .. ولكن التكتيك في الحروب او النية في اشعالها يتغير حسب الظروف التي تستجد ..

وبدءا نريد ان نؤكد ان انتشار داعش في العالم العربي بهذه السرعة .. والتسليح الضخم بهذه الكثافة .. لم يأت من فراغ .. فقد شارك فيه العديد من الاطراف الدولية والعربية .. سواء كان عن قسر او طيب خاطر ..  وليس الحشد الذي تقوم به الولايات المتحدة الامريكية الا صدى لما هو غير بائن .. اما من يعرف الحقيقة .. فانه يصطدم بها لانها ليست زائفه .. وبعض هذه الحقيقة السلاح الضخم الذي تستخدمه داعش .. فجلها اسلحة امريكية من دبابات وصواريخ ومدفعية بعيدة المدى او قصيرها .. فمن اين اتت تلك الاسلحة .. ومن الذي مول شراءها او لم يدفع فيها .. من الذي سرب تلك الاسلحة الى قيادتها .. من الذي تخطى الحدود لتسليمها لمصدرها .. مع ان دول المنطقة جميعا لا يستطيع احد المواطنين ان يمر من بواباتها وهو لا يحمل جواز سفره بيده . هذا ان جاءت عن الطرق البريه .. اما ما نقلته الطائرات الضخمة فما هي المطارات التي هبطت فيها والى اي من الدول تتبع .. هل هبطت بأوامر امريكية ام محلية . ومن اين انطلقت تلك الطائرات الضخمة ومن اي المطارات وهي محملة بما ( لذ وطاب) من صواريخ ودبابات ومناظير ليلية وذخائر لا توجد الا في حلف الاطلسي .. 

وثانية الحقائق ما ورد في كتاب وزير خارجية امريكا السابقه .. من ان امريكا هي التي اوجدت داعش وسلحتها شرط ان تلتزم باوامرها .. ولكن تمدد داعش وغرورها بنفسها ووحشيتها في التعامل مع الاقليات خاصة في العراق وعدم التزامها بالاوامر .. جعل الادارة الامريكية تنأى بنفسها عنها.. بل وتحشد اعضاء حلف الاطلسي وغيرهم لايقاف داعش عند حدودها .. واني لاعتقد ان امريكا غير جادة في القضاء على داعش حسب مقولتها .. ولكنها تريد قصقصة اجنحتها واعادتها الى الاتفاق الاول معها ان تكون تحت اوامرها وتعليماتها ..

وثالث تلك الحقائق .. فان ايجاد داعش يمكن ان يضعف الثورة السورية بايجاد الوسائل التي تجعلها تقف امام القوة المسلحة في الثورة .. فتفتعل المبررات لقتالها وهنا تضعف الثورة السورية .. وبالتالي تفتيتها لكي يظل القتال دائرا في سوريا على مدار السنوات القادمه .. وبعد ذلك ( حتى وان نجحت داعش في هذا الامر ) تنقض امريكا على داعش لقصقصة باقي اجنحتها على ما  تقوله امريكا : دعهم يتقاتلون ومن ثم ننقض على المنتصر .

هناك مؤشرات تدل دلالة واضحة على ان داعش قد ( خلقت ) لتنفيذ أمر واحد .. ان تتمدد بقدر حتى لا تكون خطرا على اسرائيل .. اضافة الى التزامها بخلق اجواء تمردية ضد الانظمة العربية التي ترى في امريكا واسرائيل هما العدوين الاولين .. ومع ان الدول العربية قاطبة الا القليل تتبع اوامر امريكا حفاظا على امن اسرائيل اولا .. وعلى مصالح امريكا ثانيا .. فان في داخل داعش من يرى ان اسرائيل هي العدو الاول .. وقد بنت استراتيجيتها على العنف والسرعة فيه وعدم الالتفات الى احتجاج المحتجين .. وبعبارة وجيزه انها تمردت على اوامر امريكا لان الكثير من قادتها قد انشقوا عن القاعدة التي لم تطلق طلقة واحدة على اسرائيل .. بل رأت ان الاولوية هي تفتيت الوطن العربي الى أمارات ومشيخات ودول لا تستطيع حماية نفسها .. لقاء وعد امريكي بان ينصبوا في دولة قادمة وسط امارات ودول متفرقة لا تكون خطرا على اسرائيل ..

لقد اقدمت داعش على افتعال مذابح اجرامية في العراق وسوريا .. وكانت الاسلحة الحديثة تأتيها تباعا .. ولكنها لم تقم حتى باصدار بيان استنكاري حول العدوان على غزه .. مما يدل دلالة واضحة على انها ان فعلت .. فانها تتجاوز الخطوط الحمراء التي بنيت لها .. هذا اضافة الى خط احمر ثان ان لا تتقدم نحو الاردن .. حتى لا تصبح على حدود اسرائيل .. لذا فان داعش قد اكتفت بان تبني حواضن في داخل الاردن ليست فاعله .. وتفعيلها عندما ترى انها ضرورة للتمدد ..

من كل ذلك نخلص .. ان مستقبل داعش على كف عفريت .. واعني ان قصقصة اجنحتها لعدم تنفيذها الاوامر قد قربت .. وان امريكا التي تنام على كف الشيطان لن يكون لها ما تريد لان داعش ببساطه .. قد استطاعت ان تبني لها حواضن في العديد من الدول العربية .. صحيح انها حواضن ليس لها من فاعلية في هذا الظرف .. ولكن مايحمله المستقبل يقول : بان تلك الحواضن سوف تتحرك في الوقت المناسب لاجتياح دول عربية اخرى غير سوريا والعراق .. وهي استراتيجية امريكية بنيت ايام الرئيس بوش .. بما عناه الفوضى الخلاقه .. فاولها كان الربيع العربي .. وآخرها ( وليس اخيرها) ذلك الاجتياح الدموي لداعش في كل من سوريا والعراق .

لكل ذلك .. فاني لا اقتنع ان امريكا تريد القضاء على داعش كما قال الرئيس الامريكي مؤخرا .. بل انها تريد تحجيمها .. ولسوف تصدر التصريحات الامريكية مستقبلا عندما تتقلص فاعلية داعش .. ان تجعلها احدى البؤر التي تأمرها ان تتحرك في الوقت الذي تراه مناسبا لاستراتيجيتها .. وان تحجم في الوقت الذي ترى فيه غير ذلك ..

نحن نعيش في فكي الرحى بين العفريت والشيطان .. وكلاهما يريد بالوطن العربي سوءا .. ولن تسمح امريكا بقوتها ما يمكن ان يسمى بالدولة الاسلامية .. سواء كانت من داعش او غيرها .. لذا فان المستقبل لا ينبىء بخير ..

وكل ما يجري .. تجذير لاسرائيل ان تظل دولة كمخلب قط لتأديب الوطن العربي مستقبلا .. و .. لنا الله.