تركيا وسوريا

جارتان بالأرض فقط

د. خالد أحمد الشنتوت *

[email protected]

نفرح كثيراً نحن المهجرين القسريين كلما سمعنا عن توافق سوري تركي، وكلما رأينا الرجل العظيم ( رجب الطيب أوردغان) في دمشق ، ونستبشر خيرا لعل الرئيس بشار الأسد يقلده في بعض أفعاله ويستفيد منها ...

1-       الرجل العظيم رجب الطيب أوردغان حل أكبر مشكلة في الشرق الأوسط بعد القضية الفلسطينية ، حزب العمال الكردستاني ، الذي يحارب الحكومة التركية منذ عشرات السنين ، وكلف الشعب التركي والكردي مئات وربما آلاف الضحايا ، ومليارات الدولارات ...هذه المشكلة الكبيرة ، هؤلاء الثائرون المسلحون قبلهم رجب الطيب أوردغان مواطنين في الجمهورية التركية العظيمة ، وحقق لهم بعض مطالبهم أو أكثرها .... ونحن في سوريا مهجرون لم يسبق لنا أن أمسكنا سلاحاً ( عدا خدمتنا العسكرية ) ، ولم نقتل مواطناً سورياً ، ولم نرتكب أي جريمة بحق الوطن ، بعضنا يلتزم بالإسلام عقيدة وشريعة ، ويطالب بالوسائل السياسية السلمية أن تطبق الشريعة الإسلامية  في شؤون حياتنا لأننا مسلمون ، يجب أن يطبقوا شريعة ربهم ... ومن شريعة ربنا أن الناس ولدوا أحراراً ، وأن المواطن ( أياً كان دينه ومذهبه وفكره السياسي ) له كامل الحق للعيش في وطنه، مع كامل الحقوق ومنها حق التعبير والتفكير،   ومع هذا كله فالمرسوم (49) الذي سنه حافظ الأسد يحكم بالإعدام على كل من يرى أو يغلب على ظنه أن تطبيق الشريعة الإسلامية فيه خير للوطن  .

2-       الرجل العظيم رجب الطيب أوردغان يحاكم الضباط العسكريين أمام المحاكم المدنية ، ليوفر لهم حق الدفاع عن أنفسهم ، ولتكون المحاكمة علنية أمام الجمهور يحضرها من أراد ، وبشار الأسد مازال ينفذ سياسة أبيه ويحاكم المدنيين ( إن حاكمهم ) أمام المحاكم العسكرية ، وللحق أقول أن بشار يحاكم المدنيين أمام المحاكم العسكرية ، حيث لادفاع ولا جمهور يعرف ماجرى في المحاكمة ، أما والده فكان يترك آلاف المواطنين أكثر من عشرة سنين في المعتقلات بدون محاكمات .... واليوم يقدم بشار المحامي هيثم المالح ابن الثمانين أمام المحكمة العسكرية ، كما فعل مع قادة إعلان دمشق ....

3-       الرجل العظيم رجب الطيب أوردغان يبعث القيم المسلمة والأصيلة في تركيا ، ومنها الحجاب بأسلوبه الناعم والهادئ ، حيث ظهرت ابنته في حفلة عقد قرانها على ابن الرجل العظيم الثاني (عبد الله جول ) وجميع النساء الفتاة وأمها وأم العريس ظهروا بالحجاب الذي قررته الشريعة الإسلامية ، وأي دعوة أبلغ من هذه الدعوة ، وأي خطب وأية دروس أكثر تأثيراً في المسلمات من هذا المنظر  ....وبشار يقبض على السيدة فداء الحوراني ابنة أحد مؤسسي حزب البعث العربي الاشتراكي الذي أوصل أباه حافظ إلى السلطة ، ومازالت في السجن ، ويرحل زوجها الطبيب الفلسطيني ، مع أن سوريا بلد للعرب جميعاً كما نعلم ...لم يراع بشار أنوثة الدكتورة فداء ولا أمومتها عندما أبعدها عن زوجها وأولادها وأودعها في السجن ...

4-       وأخيراً في هذه العجالة يستوعب الرجل العظيم رجب الطيب أوردغان الشعب التركي الذي يقترب من مائة مليون ، ويصعب على بشار أن يستوعب صبياً عمره ستة عشر عاماً اسمه مصعب الحريري ، فيحكم عليه بالإعدام لانتمائه لتنظيم الإخوان المسلمين ، ولا أدري متى انتمى مصعب للتنظيم ، وقد ولد خارج سوريا وعاش مع والده مع المنفيين القسريين ...إلا إذا عرف بشار ــ وهو طبيب ــ أن الفكر ينتقل بالوراثة من الأب المتهم بانتمائه للإخوان المسلمين إلى الابن ( مصعب ) ابن السادسة عشرة من عمره ....

وأخيراً ليت بشار يتعلم من جاره قيادة الشعوب ، ويأخذ بعض سجاياه فيلغي المرسوم (49) ، ويسمح للمنفيين بالعودة إلى وطنهم ، ووطنهم بحاجة لهم أكثر من حاجتهم له ، ويلغي قانون الطوارئ ، ويسمح بالتعددية الحزبية لتعود سوريا إلى سابق عهدها في الحرية والديموقراطية ، قبل أن يفكر ويهتم بتطوير المفاوضات غير المباشرة مع الصهاينة إلى مفاوضات مباشرة بالمحادثة وجهاً لوجه ( بدون هاتف ) ، أو على طاولة الطعام مع أطباق الحمص الشامية ّّ!!!

               

*دكتوراه في التربية