حول تصريحات الرئيس الإيراني نجاد  بشأن الصهيونية

حول تصريحات الرئيس الإيراني نجاد بشأن الصهيونية

محمد هيثم عياش

[email protected]

تركت تصريحات الرئيس الايراني محمد احمدي نجاد حول ضرورة نقل دولة الصهاينة من فلسطين الى اوروبا ولا سيما الى مناطق في المانيا والنمسا وتأكيده بأن احراق النازيين اليهود في المانيا وبولندا عبارة عن حكايات خيالية واتهامه في الوقت نفسه مسئولية اوروبا عن هذا المذابح غضب في اوروبا وخاصة في المانيا فقد أعلنت الحكومة الالمانية شجبها لهذه التصريحات التي تعتبر تحريضا ضد اليهود في العالم مؤكدة تضامنها وحرصها على سلامة الصهيونية وكيانها في فلسطين المحتلة ، بل ذهبت الى أبعد من ذلك حين أعلن مستشار شئون الأمن القومي في دائرة المستشارية الالمانية توماس دوميزير الى ان الحكومة الالمانية تريد طرح تصريحات نجاد أمام منظمة الامم المتحدة ومجلس أمنها الدولي لاتخاذ قرار يعاقب من خلاله الرئيس نجاد ومنع ايران من المشاركة في العاب بطولة كرة القدم الدولية التي ستجري في المانيا خلال صيف العام المقبل ، في حين أعلنت المستشارة الالمانية انجيلا ميركيل انها ستقوم بزيارة تضامن الى الكيان الصهيوني في وقت لاحق من شهر كانون ثان/يناير المقبل .

ولا تعتبر تصريحات نجاد حول الصهيونية بأنها سرطان خبيث زرع في جسد الامة الاسلامية الى جانب التشكيك في مزاعم محرقة اليهود في اوروبا وانها قصص خيالية بالشيء الجديد فقد أشار اليها مؤرخون اوروبيون كان من بينهم المفكر الفرنسي المسلم روجيه جارودي الذي كشف في كتبه أباطيل ادعاءات الصهيونية العالمية وحقها في فلسطين وادعاءاتها حول تصفية اليهود في اوروبا هذا الكتاب الذي عانى من انتقادات وتأييد من مفكرين اوروبيين كبار كان من بينهم ذلك القسيس الفرنسي الذي قتل في صومعته في وقت سابق من هذا العام لأسباب لا تزال مجهولة كما أكد الكاتب والمفكر الالماني مارتين فيلسر في كتابه / موت منتقد / اكاذيب اليهودية هذه ، هذا المفكر الذي اتهمه رئيس قسم الشئون الثقافية في صحيفة /فرانكفورتر الجماينه / اليهودي مارسيل رايش راينيسيكي بأنه معاد للسامية وكاد أن يتعرض للسجن لولا دعم من المستشار الالماني السابق جيرهارد شرودر الذي قام بتقديم كتابه أمام العامة من خلال ندوة صحافية .

الا أن جهادنا ضد الصهيونية وأعداء الاسلام يجب أن يتسم بطابع مغاير لتصريحات نجاد ، اذ ان للصهيونية حماتها في وقتنا الحالي ولا سيما ان ايران تعيش حاليا في أزمة مع اوروبا والعالم من اجل تخصيبها عنصر اليورانيوم للصالح العلمي اتخذها الغرب ذريعة بأن ايران تريد تطوير أسلحتها النووية وتقوم بتهديد ايران بعواقب وخيمة مثل الحظر التجاري والتدخل العسكري لتأديب القيادة الايرانية .

وتصريحات نجاد وان كانت حقيقة الا انها لا تجد دعما من أي حكومة دولة اسلامية فقد استطاعت حرب الخليج الثالثة التي أسفرت عن سقوط العراق أسيرا أن تجعل منطقة الشرق الاوسط تعيش تحت رحمة احتلال غاشم وذلك لضعف المسلمين ولا تريد الولايات المتحدة الامريكية الخير لشعوب هذه المنطقة من خلال نشر الحريات العامة وارساء الديموقراطية فيها بل من أجل حماية الكيان الصهيوني والخوف من مطالبة الصهيونية العالمية اوروبا بإقامة دولة في القارة العجوز . والحوادث السياسية تثبت ذلك .

فقد عقد في العاصمة السويدية استوكهولم أوائل شهر حزيران/يونيو من عام 1995 مؤتمر دولي حول الحوار الاسلامي الاوروبي كان من بين المشاركين مراقب من وزارة الخارجية الالمانية / يعمل حاليا قنصل المانيا العام في لندن / اذ كشف اليّ وقتها النقاب بأن تتمة هذه المؤتمر سيعقد في مدينة بون وطلب مني مساعدته في توجيه دعوات الى شخصيات اسلامية تشارك فيه وقد كاد هذا المؤتمر أن يعقد في شهر تشرين ثان/نوفمبر من العام المذكور وفي اليوم التالي لمقتل رئيس وزارء الكيان الصهيوني اسحاق رابين وألغي هذا المؤتمر لاعلان الرئيس الايراني السابق هاشمي رفسنجاني عن سروره لمقتل رابين الأمر الذي أعاظ الحكومة الالمانية وأعلنت إلغاء هذا المؤتمر حتى أن الرئيس الالماني السابق ريشارد فون فايتسيكر لم يصافح الرئيس الرئيس المذكور أثناء مؤتمر دولي .

ان الكيان الصهيوني هو المستفيد حاليا من الانتقادات لأن لهم دولة يحميها الغرب فقد استطاع الكيان الصهيوني كسب تأييد سياسي وعسكري كبير من اوروبا وخاصة في المانيا فعندما قام النظام العراقي السابق أثناء حرب تحرير الكويت بقصف الرياض بصواريخه قصف ايضا تل أبيب ولم يبالي احد من الغرب بما فعله صدام حسيبن من أذى في السعودية مثل مبالاته وقلقه على الكيان الصهيوني وقد قام وزير الخارجية الالماني السابق هانس ديتريش جنيشر بزيارة الكيان الصهيوني تضامنا معهم وقد كاد حفدة القردة والخنازير ان يضربوه لأن المانيا كانت تبيع العراق معدات عسكرية .

ان الصهيونية هي وليدة الغرب بالفعل وقد زرعها الغرب في فلسطين كما زرع معها غيرها، وذلك من اجل تفتيت منطقة الشرق الاوسط وقطع أجنحة العالم الاسلامي وعدم قيام للمسلمين قائمة ومنعهم من العودة الى التربع على قمم المجد ، وان زوال هذه الكيان والدويلات الطائفية الاخرى آت لا محالة ولكن يجب ان يكون جهادنا من أجل ذلك جهاد حكمة نتحلى بالبعد السياسي من خلال تعامل المسلمين بحكمة مع اوروبا التي لا تزال تعاني من مرض نفسي يكمن في خوفها من الاسلام خوفا لا مبرر له .

وتبقى تصريحات نجاد حول الصهيونية وخطرها بمثابة صرخة في واد فهو في يعرف تماما ان أكثر الدول الاسلامية اصبحت تمد يدها الى الكيان الصهيوني من أجل إقامة علاقات معه فالباكستان أصبح لها تعاون عسكري مع الصهاينة الى جانب مصر والاردن وغيرهم من الدول الاسلامية .