مؤتمر الأحزاب العربية في دمشق
لماذا تُصرّ الأحزاب الإسلامية العربية على المشاركة؟!..
د.محمد بسام يوسف*
لفهم إشكالية تحالف النظام السوريّ مع الحركات الإسلامية، نؤكّد على النقاط المهمة التالية:
أ- هدف النظام من هذه التحالفات:
تعزيز سلطته، والمحافظة على حكمه وسطوته، ومَدّ نفوذه الإقليميّ إلى أبعد بُقعةٍ ممكنة!.. فالنظام يعرف أنه ساقط داخلياً لدى شعبه، ولا يمكنه الاعتماد في استمراره على هذا الشعب، لأنه يعرف أنّ الحكم الشموليّ الأحاديّ الذي يحكم بالحديد والنار والظلم والقمع، لا يمكن أن يستمرّ، إلا بالتعويض عن دعم الداخل بالدعم المقدَّم من الخارج، لهذا، فهو يعوّض عُريَه الداخليّ، بهذه العلاقات العلنية الصاخبة مع الحركات الإسلامية، التي تؤمِّن له التغطية الكاملة، وذلك لغايات التترّس بسياجها أمام شعبه، لأنه بهذه العلاقات، يحاصر الحركة الإسلامية السورية، ذات النفوذ الأكبر لدى هذا الشعب السوريّ المنكوب بنظام الحكم الاستبداديّ!..
ب- نلاحظ في هذه الإشكالية ما يلي:
1- بعد تعمّق انطلاقة الصحوة الإسلامية في أوائل التسعينيات، شعبياً.. عمل النظام على ركوب موجة هذه الصحوة، بالانفتاح على الحركات الإسلامية (غير السورية) التي تمثّل الشعوب العربية والإسلامية، محاولاً استقطابها لتحقيق ثلاثة أهدافٍ رئيسيةٍ معاً:
أ- استخدام هذه الحركات الإسلامية أوراقاً ضاغطةً على حكومات بلدانها، ابتزازاً وتهديداً.
ب- استثمار علاقاته بهذه الحركات، لتوسيع مَدَيَات نفوذه واختراقاته الإقليمية.
ج- تقديم نفسه لأميركة والغرب، على أنه يستطيع في أي وقتٍ أن يضبطَ هذه الحركات، نتيجة علاقاته معها.. بل أن يقدّم رؤوسها إن اقتضى الأمر، وذلك إذا ما قبض ثمناً سياسياً وإقليمياً مناسباً له.
2- كما نلاحظ أنّ هذا النظام السوريّ الباطنيّ، يتحرّك بوجهَيْن سياسيَّيْن، أولهما ظاهر: وهو وجه مَصلحيّ داعم بشكلٍ ما للحركات الإسلامية، وهو وجهه الابتزازيّ.. وثانيهما باطن: وهو وجه قامع لما يُعرَف (في الأدبيات الغربية والأميركية والصهيونية) بالتطرّف الإسلاميّ، مقابل الثمن المناسب، وهو وجهه التجاريّ، الذي يستخدمه في عمليات البيع والشراء مع أميركة والغرب والكيان الصهيونيّ، لتثبيت نفسه في الحكم!.. فهو مثلاً: يحكم على أبناء جماعة الإخوان المسلمين السوريين بموجب القانون رقم 49 لعام 1980م، الذي يقضي بالإعدام، لمجرّد الانتماء الفكريّ للجماعة.. لكنه (أي النظام) يستقبل كل قيادات الإخوان المسلمين من الأقطار الأخرى في أرقى الفنادق بدمشق، وفي المؤتمرات الحزبية الشعبية العربية، التي ينظّمها لتحقيق أهدافه ومآربه، ولتسويق نفسه على أنه حامي حمى العرب والإسلام والمسلمين والقدس والأقصى وفلسطين!.. ومرةً أخرى.. وأخرى، نلمس هنا السياسة الباطنية التي يتقنها هذا النظام الطائفيّ، ويغفل عنها تماماً، معظمُ الحركات الإسلامية التي تَحُجّ إلى دمشق!.. أوَلَيست دمشق، هي قلعة (الممانعة) بوجه أميركة والعدوّ الصهيونيّ ومشروعهما المشبوه؟!!.. ورضوان الله على الفاروق عمر بن الخطاب القائل: (لستُ بالخِبّ ولا الخِبّ يخدعني).
* * *
لشرح المنهج السياسيّ الرسميّ السوريّ، لابد من الرجوع إلى ثوابت نهج النظام وسياسته المعتَمَدَة وسلوكه في التعامل مع الأحداث المختلفة، من ذلك:
1- يتميّز النظام بباطنيته، وبقدرته على الخداع، فهو يُظهِر غير ما يُبطِن، وعلى الرغم من كل النكسات والكوارث والإحباطات التي سبّبها للأمة العربية والإسلامية منذ أكثر من أربعة عقود، وعلى الرغم من كل سياساته التواطؤية، وعلى الرغم من كل الجرائم والمجازر التي ارتكبها بحق شعوب دول المواجهة (سورية وفلسطين ولبنان).. فإنه يقدّم نفسه على أنه حامي حمى العرب، وأنه النظام (الممانِع) الذي سيحرّر القدس والأقصى.. تُشجّعه على ذلك مواقف بعض الأحزاب العربية القومية التي (تَسْكر) على شعاراته الفقاعية، وبعض الحركات الإسلامية التي تعشق التحليق في عالمَ الشعارات الصوتية، والتي لم تتعلّم من التاريخ أي عِبرةٍ أو دروس.
2- لنلاحظ أنّ النظام لم يعمل لتحرير الجولان، ولم يوجِّه سلاحاً باتجاهها منذ عام 1974م.. وأنه يقف موقف المتفرّج من انتهاكات الطائرات الحربية الصهيونية المتكرّرة للأراضي السورية واللبنانية.. وأنّ رئيسه صافح (كاتساب) رئيس الكيان الصهيونيّ الأسبق خلال جنازة (بابا) الفاتيكان السابق.. وأنه أرسل جيشه إلى (حفر الباطن) لقتال العراق الشقيق جنباً إلى جنبٍ مع قوات (الإمبريالية الأميركية)، كما يسمّيها في أدبياته.. وأنه اصطفّ إلى جانب إيران ضد العراق في الحرب العراقية الإيرانية، التي استمرّت ثماني سنوات، مع أنّ هذا النظام السوريّ يقدِّم نفسه، من الناحية الرسمية، نظاماً بعثيّاً قوميّاً عربيّاً!.. وأنه انخرط فيما يُسَمى بعملية السلام مع الكيان الصهيونيّ منذ مؤتمر مدريد في 30/10/1991م، مع أنه يرفع شعار: (الصمود والتصدّي والممانعة) ومحاربة (إسرائيل)!.. وأنه وافق على أكذوبة: الأرض مقابل السلام.. وأنه دخل في مفاوضاتٍ سرّيةٍ ثم علنيةٍ مع الصهاينة.. وأنه ينوي تطوير مفاوضاته غير المباشرة إلى مفاوضاتٍ مباشرة (تصريح رسمي لبشار بن حافظ أسد قبل ستة أيامٍ من اندلاع حرب غزّة الأخيرة).. وأنّ أكذوبة (السلام) بالنسبة إليه هي (خيار استراتيجيّ) ثابت معتَمَد، كما يكرّر في كل مناسَبة.. وأنه حليف علنيّ لأميركة في ما يسمى بمكافحة الإرهاب، كما يصرّح رئيسه ومسؤولوه باستمرار.. وأنّ هذا النظام خيار صهيونيّ ينبغي المحافظة عليه ودعمه، كما صرّح بذلك عدد من القيادات الصهيونية، على رأسها السفّاح (آرئيل شارون)!..
3- سياسة النظام وسلوكه يدوران حول محورٍ واحدٍ فحسب: حماية نفسه وعرشه من السقوط، واستمراره في الحكم، وذلك مهما قدّم في سبيل ذلك من تنازلاتٍ على حساب سورية وكرامتها، وعلى حساب الحقوق والقضايا العربية والإسلامية.. وهو لذلك يغيّر جلده بسرعةٍ كبيرةٍ عند ممارسة الابتزاز عليه، فيتنازل على حساب سورية وشعبها، ويخضع بسرعةٍ فائقة: فقواته -مثلاً- دخلت لبنان بحجة حمايته من (إسرائيل)، ثم كان أول الفارّين من وجه الجيش الصهيونيّ خلال اجتياحي 1978م و1982م.. وزعم أنه ألدّ أعداء (الإمبريالية) وأميركة، فإذا به يعقد الصفقات والاتفاقات معها ومع رئيس دبلوماسيّتها في السبعينيات من القرن الماضي، وهو وزير الخارجية الأميركيّ اليهوديّ الصهيونيّ (هنري كيسنجر)، ويختبئ تحت العباءة الأميركية، ويسرح ويمرح في لبنان تحت غطائها محلياً ودولياً مدة ثلاثة عقود.. ويزعم أنه يحمل لواء تحرير فلسطين، ثم يسحق المقاومة الفلسطينية ويتآمر عليها، إلى أن تم إبعادها نهائياً عن لبنان وعن حدود فلسطين.. مع ملاحظة أنّ السجون السورية ملأى بالمعتقلين الفلسطينيين، وأنّ مخيّمي (التنف والوليد) المُقَامان على الحدود العراقية-السورية، يضمّان حوالي ثلاثة آلافٍ من الأطفال والنساء والرجال الفلسطينيّين، الفارّين من اعتداءات الميليشيات الشيعية العراقية منذ سنتين ونصف السنة، ولا يسمح لهم النظام السوريّ بدخول سورية، ما ألجأهم -وهم على حدود سورية (الممانِعة)- لطلب اللجوء إلى بلدانٍ أوروبية، من مثل: اليونان وإيسلندة ورومانية وبريطانية وألمانية وإسبانية، و..، ولا ننسى مجازر تلّ الزعتر وطرابلس والكرنتينا وبرج البراجنة وصبرا وغيرها، التي ارتكبتها قوات النظام السوريّ بحق الفلسطينيين.. وحين يُفتَح ملفُه في واشنطن داعماً للإرهاب ويُهَدَّد بقانون (محاسبة سورية)، فإنه يتعاون مع أميركة في قضايا ما يسمى بمكافحة الإرهاب، بل يُقدِّم ما لديه أو ما يُلفِّقه من وثائق للمخابرات الأميركية، ويعلن أنه قد ساعد أميركة على حماية مواطنين أميركيين!..
4- لقد عمل النظام السوريّ طوال أكثر من أربعة عقود، على تدمير البنية التحتية والأرضية الصلبة اللازمة لبناء مقاومة الشعب السوريّ، ففتّت الوحدة الوطنية بحكم الحزب الواحد القائد، وزرع الفتنة بين مكوّنات الشعب السوريّ بحكمه الطائفيّ ثم الأسرويّ، وحوّل الجمهورية إلى مهزلة (جمهوريةٍ وراثية)، وحكم البلاد بقوانين الطوارئ والأحكام العُرفية والقانون رقم 49 لعام 1980م، وصادر الحريات العامة، وفتح سجونه الواسعة لأحرار سورية، ودمّر الاقتصاد السوريّ، وشوّه تاريخ سورية وثقافتها، وتآمر على دِين شعبها بتغطيته الكاملة ودعمه للمدّ الشيعيّ الفارسيّ داخل البلاد، وحكم البلاد والعباد بزرع الخوف والشك، وكانت وسيلته للحوار مع مواطنيه –على الدوام- هي الدبابة والبارودة والمدفع، فارتكب أفظع المجازر الإنسانية في العصر الحديث، وكانت (مجزرة سجن صيدنايا) في الصيف الماضي، وتدنيس جنوده المصحفَ الشريفَ لاستفزاز السجناء المسلمين.. إحدى (مآثره) التي عتّم على أخبارها الغرب الصليبيّ والأميركيّ كله.
لقد استطاع النظام السوريّ، أن يستقطبَ الحركات الإسلامية، فضلاً عن الأحزاب العربية القومية، وأن يُقيمَ مع قياداتها علاقاتٍ حميمة، ويعقد لها المؤتمرات والاحتفالات والمهرجانات والندوات، لتكونَ هذه السياسة الاستقطابية، جزءاً من المفارقات الكثيرة، ضمن المسار المقرَّر على طريق تحقيق الهدف العام لهذا النظام، وهو نفس المسار الذي يتطلّب منه أن يحتوي فصائل المقاومة، ويُقدّم لها شكلاً من أشكال الدعم، الذي لا وزن له في موازين الصراع، ليجني مكاسب استراتيجيةً كبرى من وراء ذلك، تؤهّله: لإثبات وجوده على ساحة النفوذ في المنطقة، ولتنفيذ مخطّطه وهدفه العام الأكبر والأخطر –مع حليفه الفارسيّ الشيعيّ- لاجتياح المنطقة العربية والإسلامية، وإحكام السيطرة عليها بدوافع طائفيةٍ وأيديولوجيةٍ عدوانية!..
* * *
من مفارقات العلاقة ما بين النظام السوريّ والحركات الإسلامية غير السورية، أنه –على ما يبدو- استطاع أن يمرّر عليها مزاعمه الماكرة.. ومن هذه المزاعم (سوى أنه نظام "ممانِع" يواجه أميركة والكيان الصهيونيّ):
1- إنّ الحركة الإسلامية السورية تختلف عن شقيقاتها، أي الحركات الإسلامية الأخرى، فهي تعارضه، بل دخلت في صراعٍ مريرٍ معه منذ عشرات السنين، لتحرفَه عن (نضاله) في سبيل فلسطين والجولان وهدف التحرير، وبذلك، فهي تخدم أعداء الأمة، من مثل: أميركة والكيان الصهيونيّ!..
2- وإنّ الحركة الإسلامية السورية، هي سبب كل احتقانٍ داخليٍ سوريّ، وسبب تأخّر برامج التقدّم الاقتصاديّ والاجتماعيّ والأمنيّ والسياسيّ للمواطن السوريّ، لأنها تَشغله (أي النظام) عن مهمّاته الجسيمة في تحقيق ذلك، وتضطرّه لاستخدام القبضة الأمنية القمعية وقانون الطوارئ والأحكام العُرفية!..
3- وإنّ الحركة الإسلامية السورية تقف في الصف المعادي للأمة العربية والإسلامية، وللمقاومة، لأنها تعلن عن تصدّيها للمشروع الإيرانيّ المدعوم من قِبَلِه (النظام السوريّ)!.. أليست إيران هي الداعمة للمقاومة؟!!.. فإذن، كل مَن يتصدّى للمشروع الإيرانيّ الفارسيّ الشيعيّ المشبوه، هو في الصف المعادي للمقاومة، بل في السلّة الأميركية الصهيونية!..
4- كما أنّ الحركة الإسلامية السورية، هي التي تضع العوائق الكثيرة أمام حَلّ مشكلتها أو قضيّتها معه، وهي –لأنها تعمل لصالح أميركة والصهيونية (كما يزعم)- لا تريد أن يتمّ حَلّ هذه القضية، لأنها تريد أن تستمرّ حالة الاحتقان الداخليّ، لاستنـزاف النظام (الممانِع) نيابةً عن (إسرائيل وأميركة)!..
حقيقةً، لا يحتاج المرء إلى مناقشة مثل هذه المزاعم المتهافتة، فما أصبح مكشوفاً تماماً حول ما يُسمى بـ (محور الممانعة)، كفيل بدحضها، ويكفينا القول: إنّ عكس ما يزعمه هذا النظام الطائفيّ الباطنيّ المتاجِر، هو الصحيح!.. لكن هل نعتب عليه وهو النظام المكشوف بأجلى صورةٍ وأوضحها.. أم نعتب على مَن يستحقّون العتب، مِمّن يُصدّقون مزاعمه المتهافتة؟!.. ويُسخِّرون أقلامهم وإعلامهم وعلاقاتهم، لتثبيت هذه المزاعم لدى الشعوب العربية والإسلامية، فيُقدِّمون الخدمة تلو الخدمة، لأشدّ أنظمة الحكم دمويةً وديكتاتوريةً وبطشاً وطائفيةً وتآمراً على قضايا الأمة، في التاريخ الحديث؟!.. (كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلّاً وَلا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ) (التوبة:8).
* * *
قد يكون من المناسب اليوم، أن نُذكِّر ببعض ثوابت الحركة الإسلامية السورية، ذات المرجعية المستمَدَّة من الإسلام ومنهجه المتطوّر للحياة، فالحركة أعلنت -في أكثر من مناسبةٍ- رؤيتها لمختلف القضايا التي تهمّ الأمة العربية والإسلامية والخصوصية السورية، من ذلك:
1- إنّ فلسطين وقضيتها هي القضية المحورية للأمة، وإنّ مسؤولية السوريين كبيرة في تحريرها، لأنهم من أقرب الشعوب العربية والإسلامية إليها، فتلك أولوية شرعية إسلامية، وجغرافية.
2- إنّ المشروع الصهيونيّ هو جزء من المشروع الأميركيّ في منطقتنا، وكلاهما يهدّد الأمّتَيْن العربية والإسلامية، ويهدّد حاضرهما ومستقبلهما.
3- إنّ المشروع الإيرانيّ الشيعيّ، هو مشروع قوميّ فارسيّ يستتر بالدِّين، ليضمن اختراقه للمجتمعات العربية والإسلامية، وهو يهدّد الأمّتَيْن العربية والإسلامية، ويزرع الفتنة بين المسلمين، ويُشوِّه الصورة الوسطية للإسلام الحنيف، ويهدم كيان الأمة الإسلامية، بهدم قِيَمِها وأسس دينها وأصوله وعقيدته وثوابته الشرعية والعقدية، وقد حقّق هذا المشروع المشبوه اختراقاتٍ كبيرةً في المجتمع السوريّ، بتغطيةٍ كاملةٍ يؤمّنها له حليفه الطائفيّ: النظام السوريّ.
4- ينبغي للأمة الإسلامية أن تستشعر الخطر الداهم للمشروعَيْن المشبوهَيْن المذكورَيْن، وأن تُسارع إلى إنضاج (المشروع الإسلاميّ الوسطيّ المستقلّ)، الذي يجمع العرب والمسلمين، ويحفظ الأمة ودينها وشعوبها وإنسانها وأرضها وثرواتها، من شرور هذين المشروعَيْن.
5- إنّ الجولان السوريّ هو أرض عربية سورية إسلامية محتلّة، ينبغي تحريرها بكل الوسائل الممكنة.
6- إنّ أول شروط الممانعة الحقيقية، إن كان الهدف تحرير الأرض المغتَصَبة والتصدّي للمشروع الأميركيّ-الصهيونيّ.. هي إعادة حقوق الشعب السوريّ إليه، وتحقيق العدالة والمساواة بين أبنائه، واحترام حرّية إنسانه وكرامته، ورَفع سوط الاستبداد والظلم والقمع والدكتاتورية عن كاهل هذا الشعب، ومن أول شروط المصداقية في ذلك: اقتران أقوال النظام بأفعاله.
* * *
نُذكِّر كل القوى الوطنية العربية والإسلامية وأحزابها، بأنه على الرغم من وجود قضيةٍ مركزيةٍ للأمة، هي القضية الفلسطينية، ومع أنّ حقها علينا جميعاً نصرتها.. فإنه توجد أيضاً، قضية للشعب السوريّ المضطهَد، ضحاياه على أيدي نظام حكمه القمعيّ الذي يزعم (الممانعة).. أكثر بكثيرٍ من ضحايا فلسطين الشقيقة على أيدي العدوّ الصهيونيّ، ومحنته المتطاولة منذ أكثر من أربعة عقود، قتلاً واعتقالاً وسَجناً ومصادرةً للأملاك وتهديماً للبيوت وتدميراً للمساجد وتهجيراً وإخفاءاً واعتداءاً على الأعراض وإقصاءاً.. تستوجب من كل شرفاء الأمة وأحرارها وأحزابها.. السعي لإنهائها، أو -في أقل تقديرٍ- وقف كل أشكال التغطية على ظلم هذا النظام واستبداده ودكتاتوريّته وطائفيّته، وأنه من حق هذا الشعب العربيّ السوريّ المسلم، الإنصاف والنصرة على ظالميه ومضطَهِدِيه.. وأنه مَن يظنّ، أنّ تحرير فلسطين والجولان سيتم من دون شعبٍ سوريٍ حُرٍ كريمٍ محكومٍ بالعدل والقسط والحق، بمن فيه كل القوى الوطنية والإسلامية السورية.. مَن يظنّ ذلك، فهو يعيش في وهمٍ كبير، يفوق حجم الوهم الذي يدعو السذّج للاقتناع، بأنّ إيران الفارسية الطائفية ذات المشروع التفتيتيّ الشعوبيّ المعادي المشبوه، وتابعها النظام الطائفيّ السوريّ، ومخلبها الطائفيّ اللبنانيّ.. سيحرّرون الجولان، أو مزارع شبعا.. أو شبراً من فلسطين!.. فهل تستوعب الأحزاب الشعبية العربية والإسلامية كل هذه الحقائق، وتتّخذ موقفها الجريء الحازم، من النظام الذي يستضيفها في دمشق لتحقيق مآربه ومخطّطاته.. هل تتّخذ موقفها بكل شهامةٍ ومروءةٍ وضميرٍ حَيّ، يسجّله التاريخ لها في صفحاته الناصعة المشرقة؟!..
*عضو مؤسِّس في رابطة أدباء الشام