المؤتمر العام الخامس لأحزاب (التلميع والتزييف) العربية
المؤتمر العام الخامس لأحزاب
(التلميع والتزييف) العربية
د.محمد بسام يوسف*
في دمشق، المحكومة بالحزب الواحد وقوانين الطوارئ والأحكام العُرفية والقانون القاتل رقم49 لعام1980م.. وسطوة الأجهزة الأمنية.. سينعقد المؤتمر العام الخامس للأحزاب العربية!..
صاروا خمسة مؤتمراتٍ بعيون الشيطان.. ومئةً وخمسةً وثلاثين –عَدَّاً وحزباً- بعيون إبليس!..
رئيس المؤتمر السوريّ الجنسية (صفوان قدسي).. أكّد، بأنّ الدعوة وُجِّهَت للأحزاب في الأقطار العربية التي (تأخذ بالتعدّدية الحزبية والسياسية)!!.. في طليعتها طبعاً: القطر العربيّ السوريّ، المحكوم بالحزب الواحد الأوحد القائد للدولة والمجتمع: حزب البعث العربيّ الاشتراكيّ السوريّ (كما هو مثبّت في المادة الثامنة من الدستور الاسديّ السوريّ)!!.. فهل فهمتم شيئاً مما قذفه –بثقةٍ عاليةٍ- على مسامعنا، وعلى رؤوس الأشهاد.. السيد (صفوان قدسي)؟!..
* * *
سيجلسون في قاعة المؤتمر مُتَصَدِّرين، وسيبتسمون بإتقانٍ وإخراجٍ جيد، وسيؤتي عَقار (الميرديان) و(إيبلا الشام) و(فور سيزونز) و(شيراتون دمشق) أكُلَه على أفضل حال.. ما سيحمل المؤتَمِرين على التصفيق بدفعاتٍ و(سَحباتٍ) لا تُعَدّ ولا تُحصى.. ليذكّرونا بالنَّصْب التذكاريّ في (الصالحية) المسمى بـ (مجلس الشعب) أو (البرلمان) السوريّ، المتشكل نصفه، من أعضاء حزب البعث الحاكم، الفلاحين والعمال، والنصف الثاني، من الأعضاء الآخرين لحزب البعث الحاكم.. أيضاً، المكشوفين أو المقنَّعين لضروراتٍ استغفالية!.. هذا عندما سيصفَّقون!.. أما عندما سيتكلّمون ويخطبون، فلنا أن نتذكّر حالة احتقان كل شيءٍ داخل المجتمع السوريّ، وذلك بمجرّد النظر إلى الوجوه المحمرّة والحناجر الهتّافة والأوداج المحتقنة، التي سيقف أصحابها وراء مكبّرات الصوت المزروعة في مكان التلميع والتزييف، التي يتجاوز عددُها أعدادَ الحاضرين والحاضرات!..
طبعاً، وكما جرت العادة، فلن يتذكّرَ المؤتَمِرون الصاخِبون في قاعتهم الصاخبة، أن يسألوا زعيمَ الممانَعَة على جبهة (الجولان) المحتلّة، الهادئة منذ أكثر من ثلث قرن.. لن يتذكّروا سؤاله عن أمكنة المقابر الجماعية في صحراء تدمر، وفي حماة وحلب وحمص واللاذقية وجسر الشغور.. ودمشق ودير الزور والرقة!.. ولا عن مدى استعداداته -المزعومة- للتصدي للهجمة الأميركية الصهيونية.. المزعومة أيضاً!.. ولا عن العدد الحقيقيّ للمواطنين السوريين المغيَّبين عن الفعل الوطنيّ والحزبيّ، ولا عن كيفية إعادتهم إلى دائرة الفعل الذي يخدم سورية وممانعتها الحقيقية، وعددهم بالملايين!.. ذلك إذا كانوا –حقاً- يريدون لسورية أن تصمدَ أو تتصدّى، أو أن تمانعَ الشرّ الذي أصبح هؤلاء المؤتَمِرون بعضَ أدواته.. أو غطاءه الساتر السافر!.. وستغيب –كالعادة- عن أذهانهم، أخطارُ قوانين الطوارئ والأحكام العُرفية، على التماسك الوطنيّ الضروريّ لصمود الوطن وممانعته.. بل واستمراره!.. كما لن يفطنوا لطلب الكشف عن آلاف السوريين والعرب المفقودين، المُغَيَّبين -منذ ثلاثة عقودٍ- في أقبية الصمود والتصدّي والممانعة، فلا يهمّ أن يتمَّ الكشف لشعبنا: هل أولئك المغيَّبون في عِداد الأحياء أم الأموات؟!.. وسيخجلون (أو يتهيّبون) من السؤال عن مئات الآلاف من المهجَّرين القسريّين السوريّين، وعن عشرات الأحزاب السورية، التي أقصاها النظام المضيف وحَمَلها على الهجرة –قَسراً- إلى كل أنحاء المعمورة!.. وسوف لن يستوعبوا حقيقة الإصرار على عَقد مؤتمرهم في عاصمة الانتهاكات الإنسانية.. عاصمة الأحادية الحزبية الشمولية!..
* * *
ربما على أولئك المؤتَمِرين، أن يكونوا رجالاً لا ذكوراً.. أصحابَ عدلٍ وحقٍ لا أهلَ ظلمٍ وباطل.. ربما عليهم أن يفتحوا أبواب الممانعة السورية الوطنية بمفاتيحها الحقيقية، لا أن يُغلقوها بأغلال النظام الأحاديّ الشموليّ الدكتاتوريّ القمعيّ الطائفيّ!..
بالله عليكم، أيها المؤتَمِرون بين أغلال دمشق وأصفادها: أمؤتمر أحزابٍ عربيةٍ شعبيةٍ هذا؟!.. أم مؤتَمَر باطلٍ وتلميعٍ وتزييفٍ وتطبيلٍ وتزمير.. وتسبيحٍ بحمد الطغيان والشيطان؟!..
*عضو مؤسِّس في رابطة أدباء الشام