الأخ الأستاذ صبحي غندور المحترم

المهندس نجدت الاصفري

الأخ الأستاذ صبحي غندور المحترم

المهندس نجدت الاصفري *

مقال رائع رسمت بكلماته لوحة واضحة وإن كانت فاضحة للخزي الذي تعيشه الامة منذ الازل وأخاف انه للابد. استيقظنا على الفرد الواحد لامثيل له ولاتفكير إلا عنده (ليس كمثله شيء) والفرد عندما يصل لمنصبه لايقلعه عنه إلا عزرائيل  أو متآمر مثله جاء على دبابة ليودعه سجن رهيب يستقر في قعره حتى تعود الدورة مسيرتها لمؤامرة جديدة او زيارة مفاجئة لملك الموت.

إن الاوضاع المزرية التي وصلنا فيها لحا ل تضحك من غرابتها وتبكي من سوء عاقبتها أفرزت يأسا لدى العامة والخاصة على السواء فالسلطان قابع يلتهم الاوطان بمالها واهلها وليكن الطوفان وليس عنده إلا شعارات خرقاء تافهة بكلمات ونبرة عالية مثل (لا صوت يعلو فوق صوت المعركة) ولو سألت عن المعركة لسمعت عجبا (فلندعها للاجيال القادمة)مثلنا كمن القي في بحر زاخر تتلاطم فيه الامواج وهولايجيد السباحة لسباق  وخصمنا سباح ماهر اعد نفسه بكل ما يحتاج فلمن يكون النصر في سباق غير متكافيء؟

هذا الوضع افرز لدى كل طائفة شعورا بالغبن والمرارة وفقدان الثقة بالفئات والطوائف الاخرى وحصرتها آلامها بحل واحد هداها اليه عقلها الذي سحقته كوابيس الظلم الذي ذاقته عقودا من حاكم ظالم وزبانية جاهلة أن الانفصال هو طوق نجاتها مما مر معها ويصعب عليها ان تقتنع بان التغيير في الحكم سيغير الاسلوب وإن كنا نعذرها في تفكيرها ولا نملك الاوعود الاخوة وحسن الجوار الذي عاشه الآباء والاجداد في لحمة لم يكن فيها كيد وضغائن وإن مايشكون منه قد أذاقنا الطاغوت أضعافه فهل نكفر بالحياة اذا اساء استخدام الحياة سقيمإن قصتنا متشعبة مبعثرة لكنها كالقنفذ لاتعرف له ممسك دون ان تؤذي نفسك .

فهل هذه الامة عقيمة ان تلد مخلّصا مخلصا يقود سفينتنا الى بر الامان؟

إن البذرة السيئة التي بذرتها في اذهاننا الانظمة المتعاقبة قد فرغت عقولنا إلا من الدخن في تمجيد الحاكم الاوحدحتى أوصلناه لسقف العبادة ( لايسأل عما يفعل) مما فرخ فئات لاتؤمن إلا بنفسها ولاتعترف للاخر بنصيب ومساحة للحوار أو حتى للحياة فإما معنا أو ضدنا يستحق اللعنة وسوء المصير ولو سمح وحاورك لكان مايطلبه كل شيء وليس لك أي شيء سوى الموافقة على ميريد دون اظهار تبرم او تأفف .

إن ما طبقه ضدنا من هو محسوب من اهلنا وبني جلدتنا لا يرقى باي حال لما يطبقه عدونا على اهلنا في الارض المحتلة حتى قام بين الناس من يقارن بين ديمقراطية العدو وديكتاتورية القريب إن سياسة احد انظمة المتهالكة اليوم قد لخصها اخو الحاكم بقول عجب( المطرقة يا رفاق في يدنا سنكسر بها الرؤوس كل الرؤوس فإن سقطت من يدنا فليكسر رأسنا من يستلمها ) ولعله سيقرأ ويتذكر مبدأه إذا اطلع على ردي هذا اليوم.

إن المخازي التي مرت في حياتنا التي ضيعناها في نقاش عقيم وفكر سقيم اتاحت لنا الاطلاع على جرائم لايستقيم لها ميزان مهما كان الغبن وصفه.. ففي اسرائيل تتلألأ انوار في كل مدنها وقراها بينما على الطرف الآخر من الحدود - إذا اشعل الرجل سيكارة في ليل يطفيء فيها كمده وغضبه – أخذ وجميع افراد عائلته الى حيث الموت فيها ارحم وأهون هذه سياسة ستحرربشعب مغيب مقهور معذب  وتلك سياسة تحتل تبني وتتطور إن ما اوردته عن تحويل الطوائف الى كيانات هي من اكبر الجرائم التي خلقتها انظمة لاتبصر ابعد من انوفها ولاتعرف الا السيف سبيلها للتفاهم كأن المعرفة حكرا عليها ،لقد جمعتني ظروف العمل السياسي مع الاخوة الاكراد (دماثة في الاخلاق واخلاص في خدمة الاهل)  لكن الاجحاف الذي لاقوه من النظام الفئوي العائلي وجه تفكيرهم لحل يقع ضمن ما وصفت في مقالك مما لايخدم إلا عدوا يتربص بكلا الطرفين ان يحقق له ما يريد ولكن الراشدين منهم من لاينزلق الى ما يريد الاعداء (اعداء الجميع) يكاداليأس يستولي على الجميع بل قل لقد استولى وانتهى فإن ما نراه مستمرا منذ نصف قرن أو يزيد وسوف يستمرولا ضوء في النفق يوحي بالخلاص فهل-:

ننتظر عصى موسى؟

أم ننتظر مخلصا من السماء يهبط علينا برسول جديد؟

أم هناك فئة ستقوم من تحت الركام فيها منعة السقوط كسابقتها في وحل الخطيئة وعبادة الذات والانانية واحتكار كل شيء لصالحها وحرمان الاخرين إلا بمقدار ما ينافقون ويتجسسون؟

الحقيقة كما قالها ( موشي دايان)  وبمقدار ماهي مؤلمة أن تأتي على لسان عدو وتراها صادقة هي اننا أمة لا تقرأ لأسباب لاتخفى على بصير فلو قرأنا لفهمنا ولو فهمنا وعرفنا للزم علينا ان نرفع صوتنا .. فهل مسموح لنا ان نرفع صوتنا دون ان تسوى اجسادنا بالتراب بعد أن نذوق الوان التنكيل وصنوف العذاب إننا امة كانت ولا تزال لا تقرأ فالمناهج المدرسية محشوة بسيرة بني هلال وعنترة وسيف بن زيزن  والزير سالم وغيرها مما لا ترفع متعلما وتطور مجتمعا ولو تركنا ذلك لمن يتخصص في قصص الخيال من التراث وبعثنا في هذه الاجيال التي مرت في الحياة وعبرت للآخرة دون ان تترك ولو بصمة صغيرة ولو بخنصر قدمها على مجرى الحياة لنفتخربها في المقابل عدونا لم يبدأ في مخططاته عام 1982 بل قبلها بكثير منذ أن زار وايزمان السلطان عبد الحميد الثاني 33 مرة يرغبه بما يريد ليقتطع لهم من فلسطين جزءا بدون جدوى حتى اذا فقد الامل وخطط للاطاحة بالخلافة رسموا وخططوا ونفذوا ما يريدون حتى اذا جاءت ثمرة جهدهم الذي ما كلوا ولا ملوا في سبيله باخلاص يبهر المتتبع( وليس لنا إلا أن نعترف بذلك) وحصلوا على استقلالهم وإنضمامهم للامم المتحدة جاء في خطابهم الذي القاه رئيس وزرائهم الاول ( ديفيد بن غوريون) ما الخصه بالتالي :

إن هذه الدولة الفتية التي تحتفلون معنا بإستقلالها وانضمامها الى منظمتكم الموقرة.... لن تستطيع أن تعيش بسلام في هذا الخضم من الكراهية والعداء الذي يحيط بها ما لم تتقسم هذه المنطقة الى دويلات وعشائر متناحرة متعادية تبقى اسرائيل اكبرها وأقواها..

في نفس الوقت الذي كان يذاع هذا الخطاب الذي يحمل الخطط للمستقبل كان بيريز يقنع فرنسا بتزويدهم بمفاعل (ديمونة) الذي نصب في النقب دون أن يلتفت العرب اليه أو يعرفوا عنه شيئا حتى فضحه (فعنونو)بعد أن اصبح مخزونه مئات الرؤوس النووية فأية أنظمة هذه التي اوردتنا مورد الهلاك والدمار ليس بما مر معنا فيما مضي وانقضى بل بما خلفه لنا من تخلف في كل الميادين حتى العقلية والخلقية..

فأصبحنا لانعرف ما نريد ولا ندري ما نفعل إننا نترحم على ايام الاستعمار الذي ترك لنا بعد رحيله شبكة طرق لانزال نستخدمها وتعتبر الشبكة الرئيسية حتى يومنا هذا وكل ما أضفناه عليها مغشوش سيء حتى العظم كانت السرقات من ميزانيته اكثر مما صرف عليه ولايرقى الى مستوى الطرق الفرعية والجانبية والزراعية وتفتقر الى ادنى متطلبات السلامة (خططها ونفذها لص قريب من السدة) لايمكن مساءلته او الشك فيه، كذلك الابنية التي خلفها الاستعمار   لم يقم بعدها و مثلها أو اقل منها حتى أن مما يضحك ويبكي أن الرئيس الخالد (في سقر) اذاع مرسوما يطالب قطيع المواطنين الذين استلموا من مؤسسات دولته الفتية (الاسمنت الذي كان محصورا بالاستيراد من قبل الدولة) أن يهدموا ما بنوه به من تاريخ كذا الى تاريخ كذا(قبل سنتين من صدور المرسوم) لأن الاسمنت المستورد من قبل اركان حكومته كان تالفا لتجاوزه عمره العملي.

مدارس وجامعات شهاداتها لاتخضع لمقاييس العلم في شيء فإن كنت من؟؟؟ كان لك كل شيء ، وإن لم تكن منهم لم يكن لك شيء ، علامات تعطى لأبناء المسؤولين ليتقدموا على زملائهم ويحتلوا المنصب والوظائف بدون وجه حق . فلم الدراسة والامتحانات والمدارس والجامعات  ؟؟؟

التلف والخراب متفش في كل ركن وزاوية ولو ذهبنا نعدده لأخذنا الدهر كله .فماذا نحن فاعلون ؟

البلاد ستتقسم والحروب ستشتعل ويقف العاقل حيرانا مذهولا لا يأمن إن اصبح هل سيمسي وإن أمسى هل سيصبح والناس حيارى لايدري العاقل ماذا يريد ويفعل هذا غيض من فيض ضربنا به المثل على بلد نعرفه يقينا ولم نتطرق الى بلاد اهلها ادرى بشعابها وان كنت لااجانب الحقيقة انها مثل ما نقلنا عن بلدنا بالاجمال وقد تختلف بالتفاصيل.

فأين المخرج من هذا المأزق ؟

هل نعض على جذع شجرة كما يروج بعض المتدينين؟

هل نهرب من بلاد نيأس من اصلاحها ؟

هل ندعوا لمؤتمر عاجل فوري من اللون الاحمر اسمه مؤتمر انقاذ ؟

هل سنتفق مع الذين اعماهم النظام الظالم عن الحقائق وحشاهم بالاوهام والخرافات ؟

هل نشعلها حربا ضروسا لاتبقي ولا تذر ترفع شعار (علي وعلى اعدائي) وليكن الطوفان ؟

أم نصبر ونصابر ونحتسب وندعو بالتي هي احسن لنغير المفاهيم ونربي جيلا يؤمن بالغير ويحترم الآخر علنا نصل بعد قرون ودهور لتفاهم افضل ووضع احسن وأسلم ؟

معذرة اليك أني بكيت عندك افكاري التي تلهبني حتى النخاع والعظام والمفاصل ولم توفر لي قدرا من نوم اتخدر به من سقم ما نحن فيه

              

* سوري يكتوي الغربة في امريكا