تركيا وداعش.. ودروس العراق
محمد عبد الكريم النعيمي - المدينة المنورة
على الرغم من أن تركيا من أكثر الدول تضرراً بداعش، لأنها تمتلك حدوداً بطول 900 كيلومتر في شمال سورية، وبخط تماس مباشر مع داعش، إلا أنها على ما يبدو أدركت أن المعركة التي تحشد لها القوى الغربية اليوم لا يراد بها داعش، بقدر ما يراد بها المكوّن السني عامة، وتحجيم دوره حتى في المناطق التي يمتلك فيها أغلبية عددية، وهذا ما يفسِّر تحفظها في مواجهة داعش، رغم الخطر الذي قد يشكله هذا التنظيم على أمن وسلامة واستقرار أراضيها.
وتخشى تركيا أن يتكرر السيناريو العراقي، حينما ساهمت دول عربية وإسلامية في إسقاط نظام صدام حسين "السني"، لتطعن أميركا - من ثم - حلفاءها في الظهر، وتقدم العراق على طبق من ذهب لإيران!!
أولاً: للمزيد من الضغط على الدول العربية والإسلامية، والمزيد من استنزاف أموالها ونفطها، عبر تخويفها بالبعبع الشيعي الإيراني، ودفعها إلى إبرام صفقات أسلحة بمليارات الدولارات لهذا السبب.
ثانياً: لأن المكوّن الشيعي - بشهادة الصهيوني أرييل شارون - لا يشكل تهديداً بعيد المدى على إسرائيل والمصالح الغربية، بقدر ما يشكله أهل السنة، ربما لأن التاريخ علّم الغرب والدول الاستعمارية، أن الشيعة غالباً ما يتطوعون ليشكلوا حصان طروادة لكلِّ محتل أو غازٍ، ويقدمون المساعدات المجانية للغزاة في البحث عن الثغرات المؤدية إلى تقويض الدول وبيع الشعوب، يدفعهم حقد طائفي دفين، وهو - بالنسبة للمحتل والمستعمر - كنز لا يُفرِّط فيه، ويجيد استخدامه بكل براعة، ويسعى لتقوية هذا المكوّن الطائفي "الشيعي"، معتبراً إياه خطاً أحمرَ وطفلاً مدللاً إلى جانب الأقليات الطائفية الأخرى، كالدروز والإسماعيلية والنُّصَيْرية "العلوية" واليزيدية والصابئة، فلا تتحرك في القوى الاستعمارية شعرة واحدة لمقتل ربع أو نصف مليون سوري مدني بكل وحشية، فقط لأنهم بكل بساطة "سُنَّة"، بينما تتحرك الآلات العسكرية الضخمة إذا ما تعرّضت إحدى هذه الأقليات الطائفية لخطر بسيط، وما سَعْيُ الغرب إلى تجنيب الساحل السوري نيران الحرب، إلا مثال صريح على هذه الازدواجية النتنة والنفاق الغربي القذر.