جنود أميركيون (ستانليس ستيل)!..

جنود أميركيون (ستانليس ستيل)!..

د.محمد بسام يوسف

[email protected]

جنود (رامسفيلد) الذين أرسلهم إلى (جهنّم) العراق و(متاهة) أفغانستان، مُرَكّبون تركيباً خاصاً Made In USA!..، فهم (ضدّ الكَسر) و(ضدّ القتل) و(ضدّ الهزيمة)!.. لأنهم اجتاحوا أفغانستان، وقدِموا إلى العراق.. للتسلية وقضاء إجازةٍ ترويحيةٍ لهم، عما اعتراهم من أزماتٍ نفسيةٍ بعد أحداث نيويورك وواشنطن في الحادي عشر من سبتمبر 2001م!.. والأزمات النفسية -بالمناسبة- هي الأمر الوحيد الذي لم يستطع وزير الدفاع الأميركي (رامسفيلد) وزعيمه (بوش الصغير)، حتى الآن.. أن يحميا جنودهما من شرّها!..

الجنديّ الأميركيّ مقاتل (خارق-حارق) من الدرجة الممتازة، يندفع بسرعة البرق مخترقاً أتون المعارك الشرسة، ثم يخرج منها بعد أن يَقتل المئات من أعدائه، من غير أن يتغبّر بنطاله العسكريّ (الزجاجيّ)، أو يتعفّر وجهه (الكريستال) بغبار المعارك (السوبر ديلوكس)، فضلاً عن أن يُخدَش له ظفر!.. فهو جنديّ (ستانليس ستيل) لا (يكشّ) ولا يصدأ ولا يتغيّر لونه ولا طوله ولا عَرضه، ولا يتأثر بالعوامل الجويّة أو البيئية المختلفة!.. ولا يخترق الرصاصُ جسدَه، وهو مصمَّم خصيصاً بطريقةٍ خاصةٍ تنـزلق بفضلها شظايا القنابل على سطح جسمه الأنيق الرشيق.. كما انـزلقت أميركة في أوحال العراق ومستنقعات أفغانستان، وهو كذلك لا يتمزّق بالقذائف الثقيلة أو بالصواريخ الفتّاكة، كما يمزِّق خَلقُ الله العلَمَ الأميركيَّ داخل ساحات العواصم والمدن، في طول الأرض وعَرضها!..

جنود (رامسفيلد) لا يهابون في هذه الدنيا.. إلا القتال والنِّـزال، و(تناذر) المقاومة العراقية، و(متلازمة) تنظيم القاعدة، و(أعراض) المقاومة الأفغانية!.. لذلك نشاهد الجنديّ الواحد منهم يتدرّع بألفٍ أو يزيد، من عناصر فيلق غدر (بدر سابقاً)، ويتترّس بألفٍ أو يزيد، من (مرتزقة) الشرطة الورقية أو الجيش الكرتوني للحكومة الجعفرية، الفارسية الباطن، الأميركية الظاهر والهوى والجنسية، إذ بتلك الحكومة ينصهر الشكل مع المضمون، لتكون حكومةً أو (خَلطةً) صهيونيةً تجمع الشرَّيْن معاً قلباً وقالباً!.. والجندي الأميركي الذي نتحدث عنه، يقاتل بشراسةٍ قلّ نظيرها، في مقدّمة الصفوف المتمركزة على آخر نقطةٍ خلفيةٍ في جبهات القتال، سواء في (تورا بورا)، أو في الفلوجة وتلعفر والقائم.. وأخواتها!..

عندما تُدَمَّر طائرة أو أكثر من ناقلات الجنود الأميركيين، فإنّ حمولتها من أكداس الجنود لا يصيبهم مكروه، ويسارع (رامسفيلد) لنفي وقوع أي حادثٍ، أو أية إصابةٍ في صفوف جنوده!.. لكن بعد أيامٍ يقوم النافي (رامسفيلد) بنفي ما نفاه سابقاً، إذ يعترف بمجرّد خدوشٍ بسيطةٍ أصيب بها بعض جنوده!.. على الرغم من نفيه وقوع أية إصابةٍ للطائرات التي كانت تقلّهم!.. فالطائرات في عهد (رامسفيلد) يمكن لها أن تكبوَ في أرض المعركة، وقد تفقد عجلاتها أو بعض قطع التحكّم الإليكترونية منها، وربما تفقد محرّكها، لكنها تتابع نشاطها وطيرانها وعدوانها، وتعود إلى قواعدها بسلامٍ وأمانٍ ونصرٍ مؤزَّرٍ مُبين!..

الوزير (رامسفيلد) كان ينفي أن يكون قد قُتِلَ أي جنديٍ من جنوده الأشاوس في (محرقة) أفغانستان.. فالنـزهة بين عشرة ملايين لَغَمٍ أرضيّ، وأكثر من خمسةٍ وعشرين مليوناً من الأفغانيين المدجّجين بالسلاح، الذين يكرهون أي محتلٍ أجنبيٍ أكثر مما يكرهون (إبليس) وجنودَه.. النـزهة هذه تسير قُدُماً، في الجبال الشاهقة والكهوف المظلمة والمتاهات الأفغانية.. ولا خسائر!.. وعندما تسقط قذيفة أو أكثر على تجمّعٍ للجنود الأميركيين المختلطين بجنود (سجين) كابول : (قرضاي) .. فإنّ مئةً أو يزيد من جنود الأخير يُقتَلون، لكن الوزير (رامسفيلد) ينفي وقوع أي قتيلٍ في صفوف جنوده السوبر، المتداخلين مع الجنود الأفغان!.. ويمكن له بعد أيام، أن يعترف بجرح جنديّين أو ثلاثةٍ من جنوده (الستانليس ستيل)، أو انخداشهم، أو تغبّرهم!.. وحين تنفَّذ عملية بطولية جريئة للمقاومة العراقية، ضد جموعٍ أو وحداتٍ مشتركة، مُشَكّلةٍ من جنودٍ أميركيين وأفرادٍ من الشرطة العراقية العميلة.. فإنّ عشرات القتلى والجرحى من الشرطة العميلة يَسقطون قتلى وجرحى، لكن خسائر (رامسفيلد) لا تتعدى انجراح جنديٍ ونصف.. من جنوده!.. وعلى الرغم من تداول بعض الأخبار، التي تفيد بأنّ آلاف (التوابيت) والأكياس السوداء الممتلئة بجنود (رامسفيلد).. قد شوهدَت في العراق والكويت وألمانية وأفغانستان وباكستان وأوزبكستان، فضلاً عن عشرات آلاف الجرحى الأميركيين والبريطانيين .. فإنّ نفيه يبقى صامداً مستمرّاً لا يلوي على شيء!..

القصف الهمجيّ الأميركيّ على أرض الرافدين الشمّاء، الذي يستهدف القرى والمساجد والمشافي والأعراس والبيوت الآمنة، فيجعل عالِيها سافِلها، ويقتل مئات الأطفال والنساء والرجال والعجائز، الذي تشهد عليه كل وكالات الأنباء ومراسلوها.. لا يجد لدى الصهيوني الأميركي (رامسفيلد).. إلا الإنكار والتكذيب والنفي!..

أي خبرٍ أو تقريرٍ صحفيٍ يُنقَل عن الوزير (رامسفيلد)، لا بد أن يبدأ بعبارة : (نفى وزير الدفاع الأميركيّ..)!.. لذا أصبح من الواجب على (جورج بوش الصغير)، أن يطلق على وزارة الدفاع الأميركية العجيبة اسم : (وزارة النفي) الأميركية.. وعلى الوزير (رامسفيلد) اسم : (وزير النفي) الأميركي، أو وزير (الكذب) الأميركي، أو وزير (الدَجَل) الأميركي.. فيبدو أن صُحبة رامسفيلد مع روافض فارس وحكومتهم العراقية الفارسية العميلة في بغداد، قد زادت من خبراته في الدجَل والتُقية والباطنية!..

المستغرَب في وزير النفي الأميركي، أنه يمارس كل تلك الهوايات في أساليب النفي، مع أنه كان يعترف بكل صفاقةٍ بجرائم سجن (أبو غريب)، كما اعترف بكل عنجهيّةٍ وحقدٍ دفينٍ منذ سنوات.. بارتكاب مجزرة قلعة (جانجي) في أفغانستان، بحق مئات الأسرى والمرضى من الأفغان المسلمين، وصرّح آنذاك بعنجهيةٍ أميركية، ضارباً بغطرسته عُرْض (البنتاغون) و(البيت الأبيض)، وكل مزاعم الغرب الصليبيّ المنافق عن حقوق الإنسان ومعاهدات الحروب والتعامل مع أسرى الحرب.. صرّح قائلاً : (لا نريد أسرى، فكلّ من يؤسَر ينبغي قتله، نريد قتلى)!..

أيها المسلمون : تذكّروا عبارة وزير النفي (رامسفيلد) الأخيرة جيداً، فالحرب الصليبية تمضي قُدُماً، وجنود (وزير النفي) المعتوه، الذين يبلغ عددهم عشرات الآلاف، وربما مئات الآلاف، في العراق وأفغانستان وغيرها من البلدان الإسلامية.. لن يكونوا بمنأى عن الأسْر، فهم يرابطون في محيطٍ ضخمٍ يُكِنّ لهم كل الكراهية والحقد، ويتربّص بهم، للثأر والانتقام لآلاف الأطفال والنساء والرجال الأبرياء المسلمين، الذين أبادتهم  وحوش وزير (النفي) الأميركي وضواريه!.. فالقصاص.. القصاص، لدحر الظلم والعدوان!..

الجنرال (ريتشارد مايرز) رئيس أركان الجيوش الأميركية المشتركة، أعلن مؤخراً، أنّ (الولايات المتحدة لابد أن تكسب الحرب ضد المقاومة في العراق، لأن عواقب الهزيمة فيها ستفوق بكثيرٍ عواقب الهزيمة في الحرب العالمية الثانية)!.. (مفكرة الإسلام 28 أيلول 2005م).. أما صحيفة (الواشنطن تايمز) فلها رأي آخر، حين تقول نقلاً عن بعض الأوساط الرسمية الأميركية : (إنّ أميركة لا تستطيع هزيمة المقاومة العراقية)!.. (المختصر 28/9/2005م).

إننا نرى ما تراه (الواشنطن تايمز) في هذه القضية، لذلك نذكّر رؤوس البيت الأبيض الأميركيّ، ووحوشَ حملته التي يزعمون أنها حملة على الإرهاب.. بأنّ الإرهاب الأميركي الفظيع، سيولّد مقاومةً عنيدةً لن تتحمّل ضرباتها أميركة الإرهابية!.. ولتنظر قيادة الشر الأميركية، إلى حقيقة أنّ آلاف المدنيّين المسلمين، الذين صبّت عليهم الطائرات الحربية الأميركية ومدرّعات العدوان..كل صنوف الموت والهمجية.. أنّ هؤلاء الأبرياء لهم آلاف العائلات والعشائر والقبائل، ومن خلفهم أكثر من مليارٍ ونصف المليار من المسلمين، وهم سيتحوّلون في قابل الأيام إلى ليوثٍ ضارية، لن ترحم أميركة ولا أغبياءها أو جبناءها أو حلفاءها الذين ربطوا مصيرهم بمصيرها!.. وإذا لم يصدّق (وزير النفي) الأميركي، فليسأل الصحفيّ البريطانيّ (روبرت فيسك)، فعنده الخبر اليقين!.. ولعلّ البيت الأبيض الأميركي ووحوشه، سيشتاقون في المستقبل القريب إلى (رحمة) الفيتناميين بهم، وستتحقق نبوءة الجنرال الأميركي (ريتشارد مايرز) بإذن الله، لأن الذي يمارسونه هو الباطل والظلم والعدوان، والذي سَيَلْقَوْنه هو ما تفرضه سنّة الله عز وجل في أرضه بالظالمين المعتدين الهمجيّين، وستُهزَم أميركة هزيمةً نكراء في العراق وأفغانستان، وستكون هزيمتها مدوّية، لأن هذه الهزيمة على أيدي المقاومة العراقية الشامخة، كما يقصد (مايرز).. سيهوي بالدولة العظمى إلى التفتّت والضياع، وسيؤدي إلى خلاص العالَم ببلاده وعباده من طغيان الأفعى الأميركية الصهيونية، ليصبح عالماً رحباً واسعاً حُراً فسيحاً، تُصَانُ فيه كرامة الإنسان وحقوقه، التي تنتهكها أميركة وحليفتها إسرائيل بأبشع طريقةٍ على مَرّ التاريخ!..

شكراً أيتها المقاومة العراقية المجيدة.. شكراً مقدَّماً، وإنّ غداً لناظره قريب !..

5 من تشرين الأول 2005م