لأنها دار الأرقم

لأنها دار الأرقم

محمد خالد

لأنها معلم بارز من معالم الحضارة الفلسطينية المعاصرة ، ؟لأنها الصرح الشامخ الذي شيده إمامنا الياسين ، لأنها الإنجاز العملاق الذي جسدته " حماس " ولا تستطيع الأبواق الناعقة من الشرق والغرب أن تنعته بالإرهاب . فهي نموذج صارخ لسمو أهداف الحركة الإسلامية التي حرصت على إيجاد جيل رباني تتم تنشئته في بيوت العلم ودور المعرفة بالتآزر مع المساجد وأندية الثقافة . لأنها دار الأرقم مشعل الهداية ومنارة التربية ؛ ملتقى علم راسخ ومجمع فكر أصيل ... لذلك تم استهدافها ـ يوم الأحد 25ـ 9 ـ 2005 الساعة الواحدة والنصف ليلا ـ من  قبل عدو أعلن العداء السافر لله " عز وجل " ؛ والله لا ريب قاصم ظهره وهازم جنده ... ( فإذا جاء وعد الآخرة ليســوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علو تتبيرا ) ـ وهل أصدق من الله حديثا ـ .

استهدفتها بقصف صاروخي من طائرات " الإف 16 " ـ أمريكية الصنع ـ ؛ مدمرا مبنى يقع على مساحة 500 متر مربع  ، مكون من ثلاث طوابق مخصص لأقسام الإدارة والمحاسبة وغرف الحاسوب وآلات الطباعة وأجهزة الاتصال ومرفق به مصعد كهربائى لذوي الاحتياجات الخاصة فالمبنى كما يتضح عصب المدرسة  ومركزها المحرك ولم يكتف العدو بذلك بل امتد إجرامه لجناح مخصص للقاعات الدراسية مكون من ثلاث طوابق يشمل 21 غرفة صفية دمره تدميرا شاملا ولم تسلم باقي المباني والمرافق فقد أصيبت بأضرار جسيمة كذلك تضررت شبكات المياه والكهرباء والاتصالات بشكل كبير ؛ ليصل تكلفة الخسائر الأولية مليون دولار .

مدرسة دار الأرقم " للذكور "تلك التحفة المعمارية الجامعة بين الأصالة والحداثة ـ المقامة على مساحة 8000 متر مربع ـ التي اتسمت بخاصية ميزتها عن قريناتها من مدارس نموذجية وخاصة وحكومية ومدارس " أونروا " ، تعلو مئذنتا مسجدها تعانقا سماء غزة الحبيبة ، تطل عليك باحتها الفسيحة مرحبة بقدومك . يأخذك تناسق مبانيها ، تشدك روعة هندستها وجمالها والتي يكفي للتدليل على عظم إنجازها وتقدم مسيرتها بازدياد عدد فصولها ليصل من ثمانية فصول في بداية انطلاقتها في العام 2000 إلى 38 فصلا في العام الحالي وارتفاع عدد طلابها من 230 طالب منذ نشأتها إلى 1200طالب في هذا العام أما مستوى طلابها فتشهد لها بذلك مدارس الثانوية التي يلتحقون فيها لتميز تعلمهم وسمو أخلاقهم .

ارتكب العدو هذا المجزرة ـ والتي سبقها قصف لعرض عسكري لكتائب القسام ارتقى خلاله عشرون من خيرة المجاهدين وأبناء شعبنا  وتبعه اغتيال لقادة عسكريين من مختلف الفصائل وواكبه شن غارات وهمية وحقيقية على مدار الساعة طوال هذا الأسبوع ـ كي يحجب صورة الجيش المندحر المنهزم ، ليقول بلسان زائف خائف أنني رُحِّلتُ عن غزة أرضا لكنني  زلت أصول معربدا في سمائها ؛ أجبرت صاغرا علي الرحيل المذل أمام مقاومتكم الأسطورية لذا سأنتقم شر انتقام سأستهدف منشاتكم

العلمية والصحية سأجعلها خرابا كما مغتصباتى التى خربتها بيدى !!

فلن تهنئوا بنوم أو راحة سأملؤ قلوبكم وقلوب أطفالكم رعبا سأصم آذانكم !!

هذه هي الرسالة الشارونية التي يود إيصالها لنا عبر طائراته , ليس من عجب أنني وأنا أخط هذه المقالة قد انطلقت غارة وهمية صاحبها صوت مزلزل , فلم أتوقف عن الكتابة سوا ثانيتين لم ينقطع جرائها حبل أفكاري ولم تتشتت خلايا ذهني ،لم يعلو صوت الأطفال من حولي بالصراخ بل إن حديثهم الطفولي العذب لم يتوقف البتة .

وصلت رسالتك يا شارون لكنها رسالة فاشلة ,مصاغة بلغة رديئة ركيكة مفردتها وتراكيبها خاطئة محتواها فارغ كما جوفك وعقلك مضمونها يؤكد أننا الأقوى وأنك الأضعف وان كنت تدعى جرأة وقوة دع غارة وهمية تنطلق في سماء(تل الربيع) وحينها ستكفينا وسائل اعلامك الرخيص مشقة الوصف والتحليل معلنة عن عشرة آلاف حالة هلع وفزع تزدحم بهم مستشفياتكم وأن مئة من جنودك قد رحلوا للجحيم نتيجة السكتات القلبية والجلطات الدماغية ناهيك عن المئات الذين سيصابون بحالات الهستيريا والجنون .

هل علمت الفرق بيننا وبينكم بين غاصب للأرض وبين صاحبها المستميت في سبيل استرددها كاملة .

فدار الأرقم ستستأنف الدراسة فيها خلال أسبوع كما أكد رئيس مجلس أمنائها الأستاذ محمد شمعة (أبو حسن) وكما شدد على أن دار الأرقم ستظل منارة للعلم والمعرفة فعيون كل معلميها وعامليها تنطلق بعزم وإصرار على مواصلة مسيرتهم التربوية الرائدة . وسيحجم طياروك عن التحليق في سماء يخافون أرضها ، وسيكفوا مرغمين عن لعب دور " البعبع " الذين هم أشد رعبا من رؤيته وسماع صوته .

سننعم بالنصر والتحرير ؛ متنسمين هواء غزة الحرة ليملأ صدورنا عزما ويقينا صلدا ؛ بأن جند الله هم الغالبون .