عندما تكون السياسة ممارسة غبية للكذب

عندما تكون السياسة ممارسة غبية للكذب

مازن كم الماز

[email protected]

أصبح من الممل الحديث عن ازدواجية المعايير التي يتمتع بها السياسي السائد و المنظر الدارج ( و هو لفظ يدل على الموضة الرائجة ) , رغم أن هذه الازدواجية تملك حس فكاهة حقيقي يختلف عن البؤس الذي يحيط بنا , هذا وحده هو ما يبرر الكتابة مرة أخرى عن معايير السياسي السائد و معاونه المنظر الرائج , فالذي يجري اليوم في هندوراس لا يقل بأي حال عما جرى في الأمس في إيران , لكن رد الفعل الأمريكي و الليبرالي الجديد يختلف تماما عن نظيره الإيراني , رغم أن القضية هنا ليست في الدفاع عن نظام الملالي و بيروقراطيته الغارقة في الفساد و نهب العباد من نجاد إلى رفسنجاني إلى موسوي , و ليست القضية فقط في أقوال و تصرفات إحدى موظفات نظام الاحتكارات الأكبر على الأرض أي السيدة كلينتون بل في أقوال و "تحليلات" بعض "المنظرين الديمقراطيين جدا" , و لا حاجة للتأكيد مرة أخرى أن الانقلاب العسكري الذي يحظى برضا أمريكي يكذب كل مزاعم الليبراليين الجدد , لقد أدرك بشار الأسد , و من قبله القذافي و أبو مازن و السادات , حقيقة لعبة القط و الفأر مع النظام الرأسمالي العالمي , و هو لذلك يسعى بكل جدية لنيل رضا هذا النظام مقابل أي ثمن , "أي ثمن" , على نفس النمط كان التعامل مع قيام طالبان بتدمير تماثيل بوذا ( التي ترمم الآن بتكلفة ملايين الدولارات ) و مع محاولات المهووسين الإسرائيليين المتكررة , بتنظيم و إدارة من حكومات تل أبيب المتعاقبة , الاعتداء على الأقصى بحثا عن هيكل خرافي , ففيم أثار الهوس الديني عند الطالبان هوسا إعلاميا مقابلا عند الليبراليين الجدد فقد قابلوا الهوس الإسرائيلي بصمت القبور .

بعيدا عن هذا التكرار الفج , فقد وفر لنا السيدين المالكي و بشار الأسد مثالا فكاهيا عن السياسة السائدة , فبعيدا عن التراشق الإعلامي الذي اتخذ من سقوط عراقيين أبرياء مادة له , يمكن التأكيد بكل بساطة أن الضحايا لم يكونوا هم السبب الفعلي في هذا التوتر بين الحاكمين , فكلا الحاكمين في الحقيقة لا يلق بالا لسقوط أي عراقيين أو سوريين و قد مارس كلاهما القتل ضد أبناء شعبهما كما مارسه الأسد ضد الجيران و مارساه ضد كل من يلزم للدفاع عن حكمهما , أغبى الناس هو الذي يعتقد أن المالكي أو الأسد يبالي بنقطة دم من أي عراقي أو سوري بسيط , في عالم السادة يستخدم الصغار فقط لمصلحة السادة , إذ لا وجود فعلي في هذا العالم إلا للسادة , و من يعيش في سوريا و العراق يعي هذه الحقيقة البديهية جيدا . كل هذا الكلام هو مجرد محاولة استغباء الناس , بهدف تأبيد استعبادهم , فلا عبد الناصر أو صدام بالأمس كان يأبه للناس , و لا بوش كان يكترث لأي كان , و لا الأسد أو المالكي , أو غيرهم من "السياسيين" الذين يحاولون أن يشغلوا البشر بالحديث و الجدال عن أيهم يكترث بالفقراء حتى عندما يموتون مجانا في سبيل مصالحهم..........