حول أحداث لندن

حول أحداث لندن

معتصم الحريري

لطالما دفعت الشعوب العربية ثمن السياسات الغير مسؤولة لحكامها ويبدو أنه قد حان الوقت للشعوب الأوربية  أن تشرب من نفس الكأس اللذي شربت منه هذه الشعوب، إن تفجيرات لندن الأخيرة هي المثال الصارخ لهذا الثمن وكأنها تقول:من يزرع الشوك لا يحصد إلا الشوك.

ومع أننا لانقبل قتل الأبرياء واللذين هم ضحية الظلم والعدوان منذ فجر التاريخ إلا أنه من الطبيعي أن يختلف  ثأر الأمم عن ثأر الأفراد , فالفرد يثأر من آخر آذاه بشكل ما فلذالك تبدو الأمور أكثر عدالة من حالة الأمم واللتي يتداخل في ثأرها الشعور الديني والقومي مع ما تخلفه الحروب من مصائب وما ينتج عنها من انتهاك لكرامة الإنسان واستباحة لمحرماته وبالتالي تشتعل نار الأحقاد والكراهية لتأكل الأخضر واليابس.

وإنه من الظلم الفادح أن نشير بإصبع الإرهاب إلى ردة الفعل قبل أن نتهم الفعل اللذي أدى إلى نشوئها وهذا قانون طبقه الغربيون في الفيزياء (لكل فعل ردة فعل مساوية له في المقدار  ومعاكسة له في الاتجاه) وعليهم أن يستوعبوه في سياساتهم.

إنه من المخجل أن نسمع رئيس وزراء بريطانيا السيد بلير يصرح عقب الإنفجارات بأن هؤلاء الناس لاهم لهم إلا القتل  والقتل فقط,وهذا الكلام في نظر كل إنسان عاقل هو تزوير للحقائق ومغالطة واضحة للواقع,فالأجندة السياسية في العراق واضحة للعيان كما أن التاريخ الإستعماري للمملكة المتحدة مازال راسخا في ذاكرة الأمة وتمتد آثاره حتى وقتنا الحاضرمما خلق جوا من الإحتقان العام واللذي تظهر بعض آثاره في مثل هذه الأعمال.

إن مثل هذه التصريحات تبقي باب الصراع مفتوحا, وتقطع الطريق على كل محاولات اللقاء بين الحضارات لتسود ثقافة العنف والعنف المضاد نتاجاً طبيعياً للعبة المصالح الأنانية للدول الكبرى وللغطرسة الأنجلو أمريكية في العالم فتكون بذالك هي المسؤول الأول عن هذا العنف وكما قيل(البادئ أظلم) ومن يرش الناس بالرصاص لن يرشوه بالورود.

إن على الجميع أن يصغي لصوت العقل والمنطق,لا أن يُطلب من الطرف المغلوب على أمره أن يتوقف في حين يستمر الآخر المتكبر في الطغيان والعدوان وفي تنفيذ مشاريعه الجشعة للسيطرة على كل شيء من البترول وحتى العقول.

9/7/2005