صدى المؤتمر العاشر لحزب السلطة
صدى المؤتمر العاشر لحزب السلطة
خالد الأحمد *
قرأت قبل دقائق أن كثيراً من أعضاء المؤتمر العاشر لحزب البعث المنعقد في دمشق (6ـ 9) حزيران (2005) ، يربطون بين حركة الإخوان المسلمين السوريين ، وحزب الإصلاح بزعامة الأستاذ فريد االغادري ، من حيث الاستقواء بالخارج ، فذهلت ولم أستطع تأجيل الكتابة حتى أقرأ الكثير عن مقررات المؤتمر .
ذهلت من جهـل هؤلاء الأعضاء ( المنتـخبـين ) لحضور المؤتمر ، ألا يتابعون الفضائيات ، ومواقع الانترنت ، والصحافة العالمية ، أما صحافتهم في سوريا ، فلاشك أنها تحجب الحقيقة ، وتنشر عكسها ( كما كنت أعرفها وآمل أنها تغيرت ) ، وأما الصحافة العالمية والفضائيات والانترنت فقد أشبعت هذا الموضوع ، حتى صار ناراً على علم ، وشـفقة على هؤلاء الأعضاء أذكرهم وآمل أن يصلهم هذا الموضوع ، فهو مكتوب لهم خاصة ، يذكرهم ببدهيات فاتهم الاطلاع عليها . وهي :
1ـ في أيار (2001) أصدر الإخوان المسلمون ميثاق الشرف الوطني ، الذي وزع في سوريا بكميات كبيرة ، وزعته المعارضة السورية الداخلية جزاهم الله خيراً ، وفي هذا الميثاق تأكيد صريح على عدم الاستقواء بالأجنبي .
2 ـ في آب (2002) عقد الإخوان المسلمون مؤتمراً مصغراً في لندن ، حضرته أطياف من المعارضة الخارجية ، وأصدر هذا المؤتمر بيان الحوار الوطني ، وهو تعديل طفيف لميثاق الشرف الوطني الذي نشرته الجماعة (2001) ، وأهم نقطة في هذا البيان هي عـدم الاستقواء بالأجنبي .
3 ـ نشرت جماعة الإخوان المسلمون مشروعها السياسي في عام (2004) ، وقد وزع في سوريا بالاف النسخ ، وزعته أيضاً المعارضة السورية الداخلية ، التي قررت أن جماعة الإخوان المسلمين تعترف بالآخر ، وبالتعددية السياسية ، وبالديموقراطية ، وأنها رقم أصيل في المعارضة السياسية ، بل قال الدكتور هيثم مناع : أن جماعة الإخوان المسلمين هي أكبر معارضة سياسية سورية . وقد أكد هذا المشروع في تأكيده على التلاحم الوطني ، والاعتماد على الذات . وعدم الاستقواء بالأجنبي .
4 ـ تحدث الأستاذ علي صدر الدين البيانوني أكثر من بضع عشرة مرة أمام الفضائيات خلال العام الماضي فقط ، وفي كل مـرة كان ـ يحفظه الله ، يؤكد ويكرر موقف الجماعة من عدم الاستقواء بالأجنبي ، ورفضها للطريقة العراقية التي أدخلت المعارضة على الدبابة الأمريكية .
5 ـ دعت وزارة الخارجية الأمريكية حزب الإصلاح وغيره إلى حوار جرى في واشنطن قبل شهور قليلة ، ولم توجه الدعوة لجماعة الإخوان المسلمين لحضور ذلك الحوار ، وذلك بسبب إعلان الجماعة المتكرر عدم الاستقواء بالأجنبي ، ومنه عدم الاستقواء بأمريكا .
6 ـ أعلن فريد الغادري منذ بداية تأسيس حزب الإصلاح يقول : البعثيون خربوا سوريا خلال ثلاثة عقود من الحكم ، والإخوان لو حكموا سوريا لن يكونوا أفضل من طالبان ، كما قال : البعثيون والإخوان وجهان لعملة واحدة ، ومع أن الجماعة لم تـرد عليه ، حسب منهجها في عدم االـرد . لذلك وجه دعوة للجماعة لحضور المؤتمر الثاني الذي عقده في أوربا قبل سنة تقريباً ، ولم تحضر الجماعة ذلك المؤتمر .
7 ـ وسبق أن عيـّر أحد البعثيين فريد الغادري بعمالته لأمريكا فرد الغادري قائلاً : نحن أعلنا منذ اليوم الأول على أننا على صلة وثيقة بالإدراة الأمريكية من بوابة وزارة الخارجية ، أما البعثيون فهم على صلة مع ( c.i .a. ) منذ بداية حكمهم ، وقد أكد مسؤول بعثي هذه العلاقة قبل أيام قليلة عندما أعلن عن قطع التنسيق والتعاون مع المخابرات الأمريكية والجيش الأمريكي .
8 ـ ويبدو ـ بل أنا متأكد ـ أن هؤلاء الأعضاء ( الرفاق ) لم يسمعوا بمشاركة جيشهم العقائدي جنباً إلى جنب مع جيش الامبريالية الأمريكية ضـد الرفاق البعثيين العراقيين عام (1991)م ، وأشد ما أخافه أن بعض هؤلاء الرفاق يفسر ذلك الحدث المؤلم على أن [ أمريكا استقوت بهم ، ولم يستقووا بأمريكا ] .... ، كما نشرت ذلك في موضوع سابق ( حافظ الأسد مع أمريكا ضد العراق ) نشر في كثير من مواقع الانترنت منها مركز الشرق العربي ، وأخبار الشرق .
9 ـ من الواضح قبول المعارضة الداخلية للتعاون مع جماعة الإخوان المسلمين ، وأكبر الأدلة على ذلك التصفيق الذي رد به (400) مثقف سوري في منتدى الأتاسي ، بعد قراءة رسالة الإخوان المسلمين من قبل الأستاذ علي العبدالله ( فرج الله أسره ) ، بل إن تعاون رموز المعارضة مع الإخوان ومنهم الدكتور هيثم مناع ، والأستاذ رياض الترك ، والأستاذ حسن عبد العظيم ، والأستاذ أكثم نعيسة ، والأستاذ ميشيل كيلو ، والأستاذ عبد الرزاق عيد ، والأستاذ أحمد أبو صالح ، وغيرهم كثير ... لم يكن لولا استفاضة موقف الإخوان لدى الخاصة والعامة ( ماعدا الرفاق المنتخبين ) ،حتى صار من البدهيات في السياسة السورية الآنية وهو رفض الإخوان المسلمين للاستقواء بالأجنبي .
على الرغم من الظلم والقهر والقتل والتعذيب والنفي والتشريد لعشرات الآلاف من أبناء الجماعة ، وأبنائهم وأحفادهم ، لكن على الرغم من ذلك كله فقد أجمعت الجماعة وأعلنت موقفها قبل محنة العراق ، وهو رفض الاسـقواء بالأجنبـي .
أخيراً أرجو أن يعرف الرفاق (المنتخبين ) الذين ربطوا بين فريد الغادري والإخوان المسلمين أن جماعة الإخوان المسلمين جماعة وطنية منذ نشأتها ، وقد ساهمت في الحياة السياسية السورية منذ الخمسينات ، ودخل الوزارة عدد من أبنائها ، كما كانت كتلة برلمانية فاعلة عندما كان في سوريا برلمان ينتخبـه الشعب ، ولا تعينه أجهزة المخابرات العسكرية ، ومازالت جماعة الإخوان تساهم في السياسة السورية ، ويرى المتتبع للسياسة السورية أن مطالب المعارضة السورية داخل وخارج البلاد هي نفسها مطالب الإخوان المسلمين ، كما أن المشروع السياسي الذي أصدرته جماعة الإخوان المسلمين عام (2004 ) تلته عدة مشاريع سياسية من أحزاب المعارضة السورية داخل البلاد وخارجها .
كما أن جماعة الإخوان المسلمين أسست في سوريا عام (1945) بينما أسس حزب الإصلاح في أمريكا عام (2001) تقريباً ، ومن ( الجهـل المركب ) ربط جماعة الإخوان المسلمين بحزب الإصلاح الأمريكي .
* كاتب سوري في المنفى