النهب والسلب إنجاز للجيش العقائدي
النهب والسلب إنجاز للجيش العقائدي
خالد الأحمد *
مهداة إلى حزب البعث في مؤتمره القطري العاشر
مقدمة :
يقول فلاسفة التاريخ : الهدف من دراسة التاريخ ليس اجترار الآلام ، ونبش الماضي بروائحه المتعفنة واسترجاع الصور المبكية ، وإنما هو أخذ العبرة من الماضي ، الماضي الذي كلف سوريا عشرات الألاف من خيرة أبنائها ، كي لايضيع الماضي سدى ، فنستفيد منه في الحاضر ، وعندما أتحدث عن المذابح الجماعية التي مارسها نظام حافظ الأسد في سوريا ، لا أقصد منها سوى أن نعتبر من الماضي المؤلم ، وأن نتخذ كافة الاجراءات والاحتياطات كي لايعود هذا الماضي ، ونجتث الأسباب المؤدية لهذا الماضي المروع من جذورها ، وأهم تلك الجذور الحكم الفردي الديكتاتوري ، الذي استخدم الجيش ( جيش الشعب ) كما قالوا عنه ، استخدم جيش الشعب ليقتل الشعب بدلاً من أن يحميه. وينهب أمواله وأثاث منازله بدلاً من المحافظة عليها .
والنهب والسلب : هو الاستيلاء على أموال الآخرين وثرواتهم وأخذها بالقوة أمام أعين أصحابها ، وكان السلب والنهب قديماً من أهم أسباب الغزو ، عند العرب في الجاهلية ، وبسببه كان العرب يئدون البنات ، لأن البنت لاتستطيع القيام بهذه المهمة ، بل المرأة ممن يسلب مع السبي ، لذلك رأى بعض الجهال دفنها وهي حية قبل أن تكبر . ومازال جيشنا العقائدي محافظاً على تراث أجداده في الغزو والسلب والنهب . يستولي على أموال المواطنين وهم أحياء ، ويأخذها أمام أعينهم .
مأساة حماة 1982م :
في هذه المأساة ذهب ضحيتها عشرات الألوف من الضحايا الأبرياء ، ليسوا مقاتلين ، ولامعارضين ، معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ ، مسلمين ومسيحيين ، وكانت الجثث في الشوارع بمناظرها المرعبة ، وروائحها المتفسخة ، ولكن ذلك كله لم يشغل عساكر سرايا الدفاع والوحدات الخاصة ، ووحدات الأمن العسكري وغيرها من نهب البيوت ، والمحلات التجارية ، والمتاحف والبنوك كما سنرى . ولم يكن هذا النهب والسلب من عمل الجنود والعسكر الصغار ، بل كان مخططاً من قبل الضباط الكبار ، الذين وجهوا الصغار إلى هذا النهب والسلب ، بل كان قادة السرايا والوحدات يشجعون عساكرهم على هذا النهب والسلب ، وقد وعدوهم به قبل المعركة ليدفعوهم إلى قتال الشعب وقتله ، فكانت أيدي الجنود مملوءة بما خف وزنه وزاد ثمنه أما م أعين القادة ، بل رأى الجنود قادتهم أنفسهم يتسابقون إلى انتقاء المغانم الثمينة ويختصون بها لأنفسهم .
السوق الطويل :
السوق الطويل في حماة فيه (380) دكاناً على الجانبين ، وفيه الألبسة الجاهزة والأقمشة بأنواعها ، والأحذية وغيرها ، نهب جنود الجيش العقائدي من هذا السوق ما ملأ ( 60) سيارة ( زيل ) عسكرية ، ثم اشعلت النيران في السوق لإخفاء جريمة النهب والسلب ، واستمرت النيران مشتعلة ثلاثة أيام على الرغم من محاولات الإطفاء .
المعلمة حياة جميل الأمين :
كانت سواعدها مملوءة بأساور الذهب ، وهي معلمة كما قلنا ، وضعت تحويشة العمر في يديها، جمعتها ذهباً ، ووضعته في يديها تحسباً للهرب من المنزل ، أو خوفاً عليه من النهب في المنزل ، وظناً منها أنه في ساعديها أكثر أمناً من المنزل ، ولكن الجندي العقائدي الذي قابلها في شارع أبي الفداء ، وهاله أساور الذهب التي حاول إخراجها من يديها ، لكن عملية إخراج الأساور ستسغرق وقتاً ، وقد يحضر جندي آخر يشاركه في الغنيمة ، لذلك أسرع إلى حربته وقطع يديها من الرسغين ، واستخرج الأساور بسرعة ونجا بها في الدنيا . وترك المعلمة المسكينة تنزف دماً ، حتى قيض الله من يسعفها لتعيش بدون كفين ، وتروي ماشاهدته من حضارة الجيش العقائدي .
سوق الصاغة :
معظم الصاغة في حماة من المواطنين المسيحيين ، ولهم سوق واحد في مدينة حماة ، جمعهم كلهم في هذا السوق في حي المرابط ، لذا كان الجنود يحضرون الرافعات والونشات لكسر صناديق الخزنة التي وضع فيها الصاغة أموالهم ، وعندما تعذر عليهم أحضروا الحدادين ليفتحوا لهم هذه الصناديق بالمقص الحراري ، وقدرت المنهوبات من سوق الصاغة بعشرات الملايين من الليرات السورية ، عندما كان الدولار لايزيد عن خمسة ليرات ، كما توجهوا إلى بيت أحد هؤلاء الصاغة وهو مسيحي من بيت الظريف ، وطلبوا منه تسليمهم مالديه من ذهب ، فأنكر وجود ذهب عنده في المنزل [ بعد أن سرقوا الدكان في سوق الصاغة ] ، وعندئذ هددوه بانتهاك عرضه شخصياً ، واغتصاب أخته أمامه ، فبادر مكرهاً إلى إخراج مالديه من ذهب في البيت وسلمه لهم وقدر ثمنه بثلاثة ملايين ليرة سورية ، تعادل يومذاك ستمائة ألف دولار .
ضريبة مغادرة :
وصار الجنود يفرضون ضريبة مغادرة على النساء التي تريد الخروج من حماة ، وهي أن تسلم مالديها من الذهب ، ووصل الأمر إلى تحديد مقدار معين من الذهب لايقبل أقل منه ، وهو ضريبة المغادرة ، من حماة حيث الموت والحرق وتقطيع الأوصال . وقتلوا الأنسة فهمية عبد القادر معطي ( 62) سنة عندما رفضت أن تعطيهم تحويشة العمر ، وقدعملت طول حياتها معلمة ، وشقيت في جمع ذلك الذهب ، لذلك قتلوها وأخذوا الذهب . كما قتلوا السيدة ميسون عياش في الدباغة للسبب نفسه .
سرقة المؤسسات الاستهلاكية :
وقد تخصص فيها شقيق أمين فرع الحزب في حماة الرفيق أحمد الأسعد ، بدأت عصابة الأسعد بسرقة الجمعية الاستهلاكية بجوار جامع المدفن ، وهي مقابل مقر حزب البعث في حماة ، وكانوا يرتدون لباس سرايا الدفاع والوحدات الخاصة ، وقد أودعوا هذه المواد التموينية في مستودعات قرب قرية (معردس ) ثم عادوا ليبيعوها بعد وقف القتال للشعب بأسعار خيالية .
سرقة البنوك :
نهب جنود الجيش العقائدي المصرف التجاري السوري في حي الدباغة ، وحملوا الأموال في ثلاثة أكياس كبيرة مملوءة بالنقود ، كما نهبوا مصرف التسليف الشعبي الواقع جنوب القلعة وأخذوا منه (113) ألف كيساً من القنب ، و(140) بالة قطن كبيرة . كما سرقوا الأموال الموجودة في معمل البورسلان ، ومحلجة أبي الفداء ، وغيرها من المؤسسات الحكومية والأهلية .
وفي شهر آذار (1982م) وصلت لجنة من دمشق للتحقيق في سرقة المؤسسات الحكومية ، واستقرت في فرع الأمن السياسي ،ولكن الرفيق أحمد الأسعد أمين فرع الحزب في حماة ، دفع لكل عضو في اللجنة خمسين ألف ليرة سورية ، فسجلوا في تقريرهم أن المواطنين هم الذين سرقوا هذه المؤسسات .
سرقة المحلات التجارية والصيدليات :
كانت تتم باطلاق الرصاص على القفل ، فإذا استعصى أطلقوا عليه قذيفة ( آربجي ) ، ثم يدخلون مسرعين إلى الأدراج ، وكان التجار يضعون أموالهم في محلاتهم ، لأن بيوتهم كانت تفتش عدة مرات في الأسبوع ، وكان الجنود يسلبون مايعجبهم من البيون عند التفتيش ، لذلك فضلوا حماية أموالهم في مكاتب عملهم في محلاتهم التجارية ، كما فعل المواطن أحمد مسقع حلبية الذي كان تاجر حبوب ، فوضع (ثلاثمائة ألف ليرة ) تعادل يومها (ستون الف دولار ) داخل كيس الكمون ، في دكانه قرب جامع المسعود ، لكنهم وصلوا لها ثم أحرقوا بقية المحل .
هذا غيض من فيض مما فعله الجيش العقائدي ، جيش النظام السوري ، جيش عصابة الأسد في الشعب الحموي المسكين ، وقد فعلوا مثل ذلك في حلب ، وادلب ، واينما ذهبوا ، وسوف يلعنهم الشعب السوري ، وأولاد الشعب السوري ، وأحفاد الشعب السوري ، وسوف يلعنهم التاريخ .
ويوم القيامة يردون إلى الحاكم العادل القوي الجبار المتكبر . الذي لايظلم عنده مثقال ذرة في الدنيا إلا أتى بها يوم القيامة .
وإن غداً لناظره قريب .
والحمد لله رب العالمين .
*كاتب سوري في المنفى