حقوق الإنسان في مصر وسوريا أين هي ؟

حقوق الإنسان في مصر وسوريا

أين هي ؟

التعذيب حتى الموت مسألة رهيبة وعلامة تخلف خطير مقيت ..، ودلالة صارخة على امتهان إنسانية الإنسان ..، وانحطاط المرضى الذين يمارسون التعذيب .. وأجدرهم بالعقوبة والتغييب من عالم الإنسان ، هم أولئك الذين يمارسون ساديتهم وعقدهم وإجرامهم حتى تموت الضحية بين أيديهم ..

أما النظم التي تسمح بذلك وترضى عنه ولا تقاصص عليه بالمثل " النفس بالنفس " يعني إعدام المجرمين عدلاً وجزاءً وفاقاً .. وكل من أمرهم وتواطأ معهم وأعانهم أو علم بجرائمهم ولم يمنعها مع استطاعته ذلك بأية وسيلة ! ... ، ولا شك أن مثل تلك الجرائم دلائل انحطاط ونذر سقوط المتوحشين أعداء الإنسان والإنسانية !

وفي مقالنا هذا نستعرض نموذجين ـ من بلادنا العزيزة .. وهذان النموذجان من اعتراف هيئات من البلدين نفسيهما وبعضها شبه رسمية ...، ولذا فنحن لا نتجنى ولا نفتري على أحد ، ولم نكن يوماً كذلك ، وقد كنا نشير لذلك أحياناً ، وإن كان يعوزنا الدليل ..، وها هو الدليل ناصعاً ثابتاً ، " ومن أفواههم ندينهم " كما يقال ..، ولكن معرفتنا لأمثال تلك النظم وتركيباتها و.. إلخ يجعلنا نتوقع منها ذلك الشر وأكثر منه ..، بل ونتجاوز ذلك إلى تحميل المسؤولية كذلك لمن أوجد تلك النظم ودعمها ولا يزال .. أو ساهم في إيصال تلك النماذج " غير السوية وغير المناسبة " لسدد الحكم !

" في سوريا " فقد أعلنت جمعية حقوق الإنسان في سوريا يرأسها الأستاذ " هيثم المالح " ، أن " 13 سورياً " توفوا تحت التعذيب سنة 2004 أثناء التحقيق ، بعضهم في فروع الأمن الجنائي " المكتب الثاني " التابع لوزارة الداخلية السورية .

وأشار التقرير الصادر عن الجمعية السورية المذكورة " إلى استمرار ظاهرة التعذيب والاعتقال العشوائي دون مذكرات قانونية " قانون الغاب والحقد الطائفي والحزبي والمزاجي ! "، كما رصد التقرير بقاء أكثر من ألفي سجين سياسي في سجون سورية عدا عن الآلاف الذين تمت تصفيتهم وقتلهم تحت التعذيب وغيره . وذكر التقرير أن " 270 معتقلاً " منهم في سجن " صيدنايا "، وأن الباقي في فروع الأمن المختلفة .. وأكبرها " فرع فلسطين " ..، الذي يحشد فيه عدد كبير كثير منهم فلسطينيون قضوا عشرات السنين في ظروف غير إنسانية ..، وبينهم كل من " فكر" في أن يقوم بأي عمل فدائي عبر الحدود مع دولة اليهود ! وأجمع عدة ناجين من ذلك الجحيم ، أن صوت الصراخ من التعذيب في فرع فلسطين يسمع عالياً وشبه مستمر من شدة التعذيب ومرارته ..، وأنه أفظع فروع السجون وأسوؤها ظروفاً ! وفيه محتجزون من أيام " تل الزعتر" و " نهر البارد " و " البداوي " وغيرها من المخيمات التي سبقت فيها سوريا ـ ومعها قوات ليبية أحياناً وغيرها ـ سبقت الكتائب والمجرمين " حبيقة " و " جعجع " و " شارون " وأمثالهم في العدوان على مخيمات اللاجئين الفلسطينيين وتصفية ما أمكن منهم ..، هذا في الوقت الذي تلعب فيه سوريا دور البقية الباقية من " الحردانين " ـ " المعارضة " ودور " المناصرة " لفلسطين وشعبها وقضيتها " وتحتضن " بعض رموز المقاومة ، وخصوصاً المعارضة الإسلامية أخيراً ! ويستعملون كورقة ضغط على سوريا وأحد أسباب وصمها بالإرهاب ، بالرغم من أن رئيسها صافح رئيس اليهود " موشيه كتساف " في جنازة البابا مؤخراً .. وزعموا أنها مصافحة عرضية .. ولربما كانت إشارة لبدء ظهور المخبوء وإيذاناً بالدور السوري الأخير المرسوم للقضية وتصفيتها !

" وفي مصر" أصدر المجلس القومي لحقوق الإنسان ، التابع لمجلس الشورى ويرأسه د . " بطرس غالي ".. تقريره السنوي الأول " في 358 صفحة " أورد فيه وقائع عديدة ـ ومحددة بالأسماء والمواقع والتواريخ ـ لموت مواطنين تحت التعذيب في محافظات مختلفة في السجون وفي أقسام الشرطة ومقار مباحث أمن الدولة ؛ كما أورد التقرير حالات موت محتجزين مرضى أو مصابين .. ـ نتيجة إهمال السلطة التي تحتجزهم ـ .. وتشمل الانتهاكات سجناء رأي ومحتجزين عاديين .. منهم البائع المتجول " محمد حسن إسماعيل " الذي قتل في قسم الأزبكية ، و " محمد السيد نجم " الذي عذب على مدى " 8 أيام متواصلة " في مقر مباحث أمن الدولة في مدينة بنها بالقليوبية ..، ومات بعد ساعات من الإفراج عنه ، وهو في حالة غيبوبة من أثر التعذيب ! .. وغيرهما .

وقال التقرير : " ظل عدد قد يصل إلى الآلاف من المحتجزين من منتسبي " الجماعات الإسلامية "،الذي جرى اعتقالهم خلال التسعينات في إطار المواجهات مع ما أسموه " الجماعات المتطرفة " ظلوا قيد الاحتجاز، بالرغم من انتهاء مدد محكومياتهم ! وبعضهم يجري تجديد اعتقاله استناداً إلى قانون الطوارئ " المزمن "، والذي ترتكب كل تلك الجرائم باسمه وفي ظلاله المقيتة ! ولذا فقد طالب التقرير بإلغاء حالة الطوارئ " السارية منذ سنة 1981 ـ 25 عاماً "، وكذلك ليتسنى للمواطنين المشاركة في الاستفتاء على " تغيير نص المادة 76 من الدستور وانتخاب رئيس الجمهورية وأعضاء مجلس الشعب " في جو من الحيدة والاطمئنان .

وتابع التقرير.. أن حالات اعتقال جماعية عشوائية جرت في شمال سيناء ـ بعد عملية طابا ـ ... وتعرض المعتقلون وذووهم للتعذيب .. وحتى الشهود على انتهاكات حقوق معتقلي سيناء تم تعذيبهم !!

وبمناسبة سجون مصر " المزمنة " نذكر بما ـ ربما ـ أشرنا إليه غير مرة ..، ذلك أن فرعون قد هدد موسى بالسجن ـ إن عبد غيره ـ لا بالقتل " لئن اتخذت إلهاً غيري لأجعلنك من المسجونين "! ذلك أن رهين السجون الفرعونية يتمنى الموت لما يرى ويلاقي من هول التعذيب وألوان النكال ، بحيث يرى الموت بعينيه ويشرف عليه في كل يوم أكثر من مرة فيتمنى أن يموت ويستريح ! فهم يقلدون جهنم " لا يقضى عليهم فيموتوا .. ولا يخفف عنهم من عذابها "، ولكن هنا كثيراً ما يموت المساجين بين يدي زبانية التعذيب في سجون العصر الحديث والحضارة والديمقراطية !

بقي أن نذكر أن حالة السجون هذه وانتهاكاتها الصارخة ـ إحدى الحجج الدامغة للمطالبة بالتغيير ـ سواء على المستوى الداخلي أو من الخارج ، حيث يتذرع بها من كانوا في كثير من الأحيان من أسبابها ومسببيها ومشجعيها ! وهنا تكون حقاً أريد به باطل .. ولكنها باطل هي وخطط الغزو..، ويجب أن يسقطوا معاً ـ جميعاً ـ " نظم التعذيب والمخابرات المتخلفة وسجونها وزبانيتها ..