تبقى الأحداث وتستمر المآسي في الوطن الجريح

تبقى الأحداث

وتستمر المآسي في الوطن الجريح

د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري

[email protected]

[email protected]

من أعظم المآسي في وطننا العربي والفاجعة فيه هو:أن البناء الفكري والإجتماعي لايتراكم طبقة فوق طبقة, ومرحلة بعد أخرى ليعلو ويتكامل .بل ترى في كل جيل يصاب بالخيبة في قناعات الجيل السابق , ويضطر إلى هدمها وإعادة التجربة من نقطة البدئ . ثم مايلبث أن يفجع في قناعته ذاتها .فلا يسلم شيئا ثابتا للجيل الذي يليه .

كما فجع الإٌصلاحيون الأوائل في إقامة مجتمع عادل في إطار الدولة العثمانية في قيام مملكة عربية متحده . وفجع الليبراليون والإشتراكيون  وفي امكانية إنشاء الدوله المجزأة العصرية القائمة على العدل وسيادة القانون بين شعوبها.

ليأتي الفشل في أعم وأشمل في ضياع الأرض العربية وتجزئة المجزأ إلى مجزأ أكثر  وأكثر ليتضاعف عدد الدول العربية من 12دوله إلى 22دولة الآن والعدد قابل للزيادة أكثر وأكثر .

ولم يقتصر الأمر على الهدم الفكري وعدم الإستفادة من الموروثات الفكرية السابقة المتراكمة للخروج بمنطلقات فكرية مبنية على الموروث والمتوارث , وإزالة الشوائب منه للوصول إلى بناء فكري قويم مبني على الحركة المستمرة والتي بدورها تتفاعل مع الأحداث الراهنة والمستقبلية للوصول إلى التأثير العالمي الناجح لدور هذه الأمة و تأثيرها الحضاري والمتفاعل والمتوازن مع الفكر العالمي.  وإنما نحى البناء الفكري العربي إلى التمجيد بالحكام والسيطرة الفردية المطلقة ليكون قالبا مصطنعا ومفصلا على حكام البلدان المجزأة للحاكم والنظام الأمني والمتمثل بكل شروره وفساده للوصول إلى :

1-  الظلم المطبق على الشعوب العربية في كل الأجزاء الجتزأة من الوطن الأم

2-  فساد الحكام أعقبه فساد الشعوب (الناس على دين ملوكها)

3-  عم التخلف والرجوع والتقهقر بخطى سريعة إلى الوراء

4-  كل نظام يعمل لأجل البقاء ولا يهمه إلا التجارة وكسب المال وتكويمها في البنوك العالمية خوفا على نفسه من أن المستقبل غير مضمون له ولعائلته

5-  الكل في كفة واحدة والكل يسعى إلى الهدف المنشود للنظام وهو:أنا ربكم الأعلى, ومع ألد الأعداء أنا خادمكم المطيع

6-  الصراع بين الأخوة الأعداء:

سوريه والعراق أقرب الشعوب العربية مودة بين بعضها وأكثر الدول تثار العداوة بينها ماهي أسبابه ولماذا .فقد تعجز كل أقلام المفكرين في العالم عن معرفة السبب . والجرح يتعمق ويشتد بين البلدين وينتقل إلى لبنان من سوريه لتجعل لبنان خرابا كما كان في حرب أهلية مدمرة لكل شيء كما في العراق .

والمصيبة والفاجعة والتي تعم على الجميع لماذا لم يع البلدين أن الخلاف والإقتتال بينهما ليس إلا دمارا للبلدين وبكافة خطواته . وهو الذي يقودنا إلى المصيبة العظمى في أننا نهدم الماضي والتجارب السابقة ونعود نبني تجارب أخرى من جديد.

لم يستفد الحكام من الماضي . ولم تستفد الشعوب من الحروب الأهلية التي اندلعت في الماضي وما زالت مشتعلة والحرب مستمرة وكأن قدرنا هكذا هو الحال .مع إيماني المطلق أن الله سبحانه وتعالى لايريد بنا إلا الخير.

واستقر الأمر للحكام وبنوا المزارع والمستوطنات وشبعت البنوك العالمية من أموال شعوبهم حتى أصابتها التخمة فأفلست .

فمتى تعي الأنظمة  أن الخير في بلدانهم والصلح مع شعوبهم وقوتهم مع بعضهم متحدين لامجزأين . وأن يتصالحوا مع معارضيهم ليبنوا الوطن والأوطان وبيد واحدة . وينتفي التشرد والتمرد وتنتفي أسبابه .

فبدلا من أن يمدوا أيديهم إلى الأعداء مع ذل وانكسار وخضوع واستسلام . ليمدوا أيد

يهم إلى شعوبهم أولا . ويعتزوا بهم وبلحمتهم ووقوفهم يدا واحدة ليذهب الزعيم أو القائد ويقف موقف الند للند مع الأعداء . ويملي شروطه هو ولا تملى عليه .

ولن تجد هذه الأنظمة هذه العزة والكبرياء إلا إذا وقفت مع شعوبها ولا يهمها إلا مصلحة الشعب والوطن . ولن تقف المآسي المحيطة بالأمة والذل والإذلال لها إلا بالبناء الفكري المعتمد في أساسه على العزة الموروثة للمواطن في هذه البلدان . وأننا أخوة جمعتنا العقيدة ومهبط الوحي والأنبياء واللغة والتاريخ والتراث .

فبدلا من سياسات الهدم في فكر حكامنا فليجربوا ولو سنة واحدة سياسة البناء وعندها سوف يعرفون معنى السعادة.