لقد انتحر البعث منذ زمن بعيد
لقد انتحر البعث منذ زمن بعيد
ماجد رشيد العويد[i]
في الرد على مقال الدكتور خلف الجراد" البعث المتجذر[ii].. وهلوسات أحزاب الانترنيت "
بل لقد غيّر جلده يا دكتور خلف، وانتهك " حرمة " منطلقاته، ليس اليوم بل منذ زمن بعيد.. منذ أن تحوّل حزباً للسلطة وفيها، ومنذ أن غوّل أتباعه وشرّع لهم الوطن ينهبون ماله. غيّر جلده منذ صار الأحمق الجاهل يتحكم بمقدرات الناس، ومنذ أن تحولت الصحافة إلى شيء تافه في عهده. وأما وسائل الإعلام الأخرى التي قمت بشتمها على طريقتك فهي البديل لصحافتكم الأسيرة التي جُعلت وقفاً لكم أنتم البعثيون الذين لم تكتبوا ما هو جدير بالقراءة. وأما أن " البعث العربي الاشتراكي لم ينتحر ذاتياً كما كانوا يأملون " بحسب تعبيرك، فهو قد انتحر لا كما يأملون بل كما أردتم له منذ أن نُهب الوطن باسمه، منذ انقلاب الثامن من آذار والبعث يترنح وينتحر، ويقلب الأرض عاليها سافلها، فإذا بنا أمام " غيلان بعثية " كأولئك الذين كشفت عنهم النقاب مراسلة إيلاف بهية مارديني.. غيلان تسعى جهدها لتحقيق الاشتراكية البعثية على طريقتها. على مدى عمري لم أجد من يفوق البعثي صلفاً وجبروتاً وقدرة على النفاق وعلى قلب الحقائق، وعلى مدى عمري المتبقي، ولا أعلم بالطبع قدره، لن أسمع عن أحد يفوق البعثي انتهازية ورغبة بالتملق والتسلق، وقدرة على الارتشاء.
أما أنه " الحزب " " لم يتب عن مواقفه القومية العروبية " بحسب تعبيرك أيضاً فهذا غير صحيح بالجملة فلقد تاب عن هذه المواقف منذ عهد مؤسسه ميشيل عفلق الذي شجّع على الاغتيال السياسي للوصول إلى غاياته، ومنذ انكسرت شوكة هذا المؤسس أمام الديكتاتور حسني الزعيم، ولاحقاً أمام الطاغية الأعظم صدام حسين يوم اعتبر أن هذا الأخير قائد الضرورة والحتمية التاريخية. ولن أذكرك بما جرى بينه وبين حسني الزعيم فلا بد وأنك تعرف ما دمت تناضل في صفوف حزبه العتيد. وانتحر أيضاً في حرب الخليج، وانتحر يوم سلم بما أراده الأمريكان وترك الفلسطينيين لشأنهم. وبين قوسين ومن باب السياسة فانا أعلي الشأن السوري على ما عداه لأن سورية بلدي، ولأنني لست بعثياً. وانتحر أولاً وأخيراً يوم غوّل الكثيرين وجعل منهم إمبراطوريات مالية، وفي أصول هؤلاء الأباطرة فقر عبرت ريحه إلى أربع أرباع الأرض. فعن أية اشتراكية تتحدث يا دكتور خلف؟
أما الشبكة العنكبوتية ومواقعها التي تعد " بمئات الألوف " فأين الخطأ في النشر فيها، ما دمتم " تملكون " الثورة وتشرين ووزارة الثقافة واتحاد الكتاب. ولماذا تغضبون من هذه المواقع ما دامت تبث " أكاذيبها وهلوساتها "؟ وكله بحسب تعبيرك. أيضاً لماذا تتهمون كل من رفع صوته بأنه يرفعه من " لندن أو واشنطن أو باريس " جلّ الذين تناولوا الشأن الداخلي تناولوه من الداخل، وكثير منهم تعرفه، وبعضهم يكتب في " صحيفتك ".
أما بصدد المؤتمر العاشر لحزبكم فلم يعلّق عليه غير المجنون أملاً أبداً. إن من أخطأ لن يصلح. وأما إن كنت تقصد بالمنهزمين والمنافقين " ممن لم تدخل عقيدة البعث قلوبهم أو عقولهم " بعض من خرجوا أخيراً من قيادة البعث وهذا ما يُفهم من كلامك " وألف قَلْبَة ولا غَلْبَة " المثل الذي استشهدت به لتدلل على أهمية الخطوة التي انتهى إليها البعث في مؤتمره. فهذه حجة ترتد عليك. فهل احتجتم، في الحزب، إلى أكثر من أربعين سنة لتكتشفوا " نفاق " الذين لم يدخل بعثكم قلوبهم ولا عقولهم؟ لماذا على سبيل المثال لا تكتب أنت رسالة وتوجهها إلى سيادة النائب عبد الحليم خدام وتسأله فيها: ألم تكن في السلطة طوال أربعين عاماً وتزيد فكيف تتحدث في جامعة قطر عن الديمقراطية، وعن أن الأنظمة العربية ظلمت شعوبها؟ ولماذا لا تكتب للذي رأس السلطة التشريعية ثلاث دورات وكانت خلالها هذه السلطة عفناً على عفن وتسأله أيضاً السؤال ذاته، وكيف سمح لنفسه أن يعطي حديثاً للصحافي يوسف كركوتي لدار الخليج ويعترف فيها أن حزب البعث ظلم السوريين وحرمهم من حريتهم؟ أليس قدورة هذا هو ذاته الذي اتهم الشعب السوري بأنه شعب منعّم؟ وأليس هو ذاته الذي قال له عضو مجلس سابق هو الفنان محمود جبر أن " كلبك " يأكل أفضل من أسرة سورية؟ تصور يا دكتور خلف أن كلب أحد قياديي البعث يأكل أفضل من أسرة سورية وتأتي أنت في نهاية الزمن وتتحدث عن الاشتراكية. لو كنت مكانك لأغلقت فمي ألف دهر ودهر.
ودعني أسرّ لك بأمر لن تستطيعوا عبر البعث " رفع مستوى المعيشة وإصلاح الإدارات ومحاربة الهدر وامتصاص البطالة " " وفي الوقت نفسه ستتعمق الحوارات الوطنية الهادفة إلى تفعيل الحياة السياسية في البلاد " لماذا؟ لسبب بسيط يعرفه قليل المعرفة لأن الفساد نخر حزبكم وأركان سلطتكم. وأما بشأن الحوارات فلأنكم تريدونها تحت سقف المادة الثامنة وهذا لن يقبله منكم أحد. وليست المعارضة السورية " غادرية " الطابع وهذا تعرفه عندما تخلو بنفسك يا دكتور خلف.
أخيراً كنت أتمنى على السيد الرئيس بشار الأسد أن يذهب إلى حلّ هذا الحزب ولا بأس عندها يا دكتور خلف أن تتهمني أنت وكل من تربع على عرش منصب حكومي آخر باللا قومي واللا وطني، عندها لن تجد مني أذناً صاغية.....
الهوامش:
[i] أديب سوري
[ii] نشر في تشرين 13 ـ 6 ـ 2005