إيران وحقوق الشعوب
ناصر عودة الأحوازي
الحالة السائدة للحكومات العادلة هي ان تبرز نفسها من خلال الديمقراطية و حقوق الإنسان و الاقتصاد و السياسات الممنهجة لتصدي اي حالة طارئة التي تنفع او تضر البلاد بدايتاً في الديمقراطية التي هي أحد أركان الحرية في الحياة حيث إتخذتها الدول النامية و جعلتها سبب لتطورها في عدة مجالات من أهمها الاقتصاد اذ نرى الحالة الاقتصادية للشعوب المتطورة خاصةً الأروبية بشكل ملحوظ تسعى للتحسن خدمةً لشعوبها في تلك الجغرافيا و في التمعن الدقيق في سياسة تلك الدول في مجال حقوق الإنسان نرى بإن هنالك لكل فئة او قومية او شعب ، حقوق كاملة متساوية مع كل الشعوب في نفس الدولة بدايتاً من الدراسة بلغة الأم فصاعداً الى الصحافة و التلفزيون و المجالات الحيوية في البلاد .
إذا قايسنا السياسة الاقتصادية للدول النامية مع الدول المتأخرة في الشرق الأوسط نرى بأن في الدول الأروبية المتطورة لا توجد العراقيل و السياسات الفاشلة إلا بشكل نادر لكن في المقابل اذ تمعنا الى مجتمعاتنا الشرق أوسطية نرى وجود الرأسمالية و الفرق الطبقي في مجتمعاتنا يزداد حيث ان الفقير يفقر و الغني يزداد غناءه و المشكلة هنا تكمن في إهمال الحكومات في التصدي لهذه الحالة التي تولد الفرق الطبقي بين الشعب الواحد او الشعوب في الجغرافيا الواحدة و يتكون المصدر الأول للمشاكل الإجتماعية في وجود المافيا في الحكومات التي تحرك الخيوط في الفساد المالي و ترعاه من خلف الستار من المدن فصاعداً للعاصمة بشكل مبرمج و دقيق.
أحد الحالات التي هي بعينها تقلق الشعوب في الشرق الأوسط خاصة ، السياسة التعليمية في المناهج الدراسية التي تسنها الحكومات في عواصمها و تكون بذاتها مصدر قلق لكل الشعوب من حيث إهمال الحكومات لحقوق تلك الشعوب كالحق بتعليم لغة الأم طبق ميثاق الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الذي يعطي الحق في التعليم والتعلم بلغة الأم من حيث ان هذا القانون يجمع في الرأى ان للشعوب ثقافات و لغات تتميز عن بعضها و لابد ان تكون هنالك قوانين لحفظ اللغة والتراث لتلك الشعوب و دعمها بشكل قوي للحفاظ عليها .
بنظرة سريعة نرى بان هنالك عدة دول في شرق الأوسط يتكون سكانها من عدة شعوب تتميز في لغاتها وثقافاتها عن بعضها البعض و طبقاً لوجود تلك الشعوب سنّت الدول قوانيناً لسياستها التعليمية و وضعت القوانين لتعطي ولو قليلاً من الحقوق لها التي تكون جزءأ منها او محتلتها قسراً من أجل كسب رضاها و دمجها في ما بعد و لكن هنالك شعوب لا تكافح من أجل تلك الحقوق البسيطة ، بل لها شعاراتها و برامجها و بروتوكولاتها للمستقبل من أجل إحقاق حقوقها في ظل القانون الدولي الذي يعطي و يدعم حق الشعوب في تقرير مصيرها.
من الدول التي يتكون سكانها عدة شعوب هنالك الكثير لكن نحن نتصدى خلال هذا المقال و نسلط الضوء على أهمها في الشرق الأوسط انها إيران التي خلال ثمانية عقود عملت على دمج واحتلال عدة شعوب و ضمهما الى خريطة فارس (إيران) . من تلك الشعوب في جغرافية إيران هم العرب و الأتراك والأكراد والبلوش يكافحون و يناضلون و يضحون من أجل نيل حقوقهم الذي سلبت من قبل إيران بشتى الطرق والسبل و يمثلون شعوبهم في تنظيماتهم و مؤسساتهم و حضورهم في البرلمانات و المؤسسات الدولية خير شاهد على نشاطهم الذي اخذ الدور البارز في الإعلام في بداية الألفية الثالثة و سيطر إعلامياً على الساحة و غطاها بشكل جيد لا بأس به .
إيران هي من تلك الدول التي سنت القوانين بصورة حبر على ورق و لم تطبق أي من تلك البنود المسنونة في قانونها و الموقعة عليها في الأمم المتحدة و هي التي بعد الثورة المسروقة للشعوب بقيادة الخميني آنذاك إعطيت شعارات بإحقاق حقوق الشعوب في حقها في التعلم بلغة الأم و قوانين عدة لو تطبقت لا بأس بها للشعوب المحتلة في إيران بعد ما عانت من نظام إستبدادي ملكي شوفيني الذي لا تختلف سياساته عن خليفته الحالي حيث أخذ على عاتقه تصهير القوميات و محو معالمها و اراد ان يجعل منها أمة إيرانية ارية تتكلم بلغة واحدة و بملبوس واحد. ولكن و بمجهود الشعوب و تضحياتها فشلت خططهم لمصاهرتهم مع الكيان المحتل المتمثل في الكيان الفارسي و بقيت الشعوب في جغرافية إيران تعاني من الفقر و زج مناضليها في السجون والإعدامات البشعة لكنها رغم ذلك ابت ان تستسلم اذ ان حيثما يزيدوا الضغط عليها يزداد عزم أبناءها و يأبون ان يخضعون لأمر الواقع كما يسموه المحتلين و كلما خمدوا صوت تعتلي أصوات مطالبة بالحرية و إحقاق الحق .
الشعوب المحتلة في جغرافية إيران عانت الكثير من التمييز العنصري و سلبت حقوقها في التعلم بلغة الأم وتم تغيير أسماء مدنهم الى الفارسية و قتلوا من أجل هويتهم و سلبت أراضيهم وعانوا من عدم إعطاء مواليدهم الجدد الجنسية ( للذين لا توجد أسمائهم في القاموس الاري للأسماء) و من التميزات العنصرية التي يواجهونها أبناء الشعوب هي ان يرون بأم اعينهم من الأعدادية الى الجامعة ( اذ كان سمحوا لهم بالوصول الى بوابتها ) الفرق و التميز من قبل المعلمين والأساتذة الفرس تجاههم في التعامل اذ ان الفارسي يحظى برعاية خاصة من المسئولين في المدرسة ولكن الغير فارسي يعاني من القسوة والإهانة في تلك المدرسة ومن نفس المدرس . و وصل حد التمييز الى ان في بعض المدارس التي يكون غالبيتها من غير الفرس لا توجد مقاعد دراسية للأطفال اذ يجبرون ان يأخذون من الأرض مقاعد و اذ كانوا من المحظوظين سوف يحصلون على المقاعد المستعملة التي جلبوها من المدارس الفارسية . ومن إنهى دراسته يمنع إنتخاب الفرع الدراسي الخاص للفارسي و الممنوع على أبناء الشعوب في المجالات الحساسة ويمنع من التوظيف في أكثر الدوائر الحكومية بسبب لغته التي تكون سبباً في عدم توظيفه حسب الرؤية العنصرية للفارسي التي يرى في التطور العلمي للشعوب في إيران خطر يحاصره و يهدد كيانه لذلك أصر على عدم إعطاء الشعوب الفرص للتطور حتى في مجال اللغة الفارسية و كذلك الحق في التعليم بلغة الأم و عدم إعطاء أى حقوق لإحياء الشعائر القومية و المناسبات الدينية وبذل جهده ان يجعل من الشعوب في إيران شعوب إمية ليسيطر عليها .
ان الشعوب في إيران لم تطالب عن حق التعليم بلغة الأم و لا حق التصويت ولا ترشيح مندوبين في الشورى و البرلمان ولا حقوق بسيطة في إيران بل الشعوب في إيران خاصة العرب و الأتراك والأكراد والبلوش يطالبون المؤسسات الدولية والأمم المتحدة بالنظر في قضاياها ومطالبها و طرحها على مؤسساتها من أجل إحقاق الحق و أخذ القرار الصائب التي انتظرته الشعوب ثمانية عقود مؤمنة بحقها بتطبيق قرار حق تقرير المصير و بناء كياناتها المستقلة على أراضيها .