الباشــا السـفاح...!!؟
الباشــا السـفاح...!!؟
بـدرالـدين حسـن*
قال له صاحبه وهو يبثه همومه..!! اليك هذه الحزورة الخفيفة والثقيلة معاً فاحزر من هو....!!!
قرأتُ عن حاكمٍ تولى أمر بلاد الشام وصفه الكاتب المؤرخ بقوله:
حـكـم بلاد الشـام ، فكمم الأفواه ، ومارس ظلماً وبطشـاً على عباد اللـه بشـتى طوائفهم ، و في عهده فاض الكيل مظالم ونكبات ، وزاد الناس فقراً ومرضاً وعاش الناس غرباء في أوطانهم. وارتكبت في عهده مآسـي انسـانية ومجـازر فظيعة ، فاسـتحق أن يوصف بالسـفـاح. فهل عرفت من هو...!! ؟
أجابه متشـككاً:
الأفواه مكممة منذ عشـرات السـنين والحريات معدومة ، والأحكام العرفية وقوانين الطواريء – ولله الحمد- سيف قائم على رقاب العباد منذ عـقود ، والظلم والبطش على عباد اللـه شـغال عمال على بطال والجماعة مو مقصرين والحق يقال ، وأما الفسـاد والفقر والنهب فحدث ولاحرج من الشـيخ المعمم الى السياسي ( الفري) وأما المآسي والمجازر فقد كثرت وتعددت.. فهلاّ أوضحت قليلاً ياصاحبي العزيز..!!
طيب..! كما تريد وعلى كيف كيفك..!
لقد قتلَ اثنين وثلاثين شـخصاً من رجالات الفكر والرأي ممن عارضوه في سورية ولبنان. هل يكفيك هذا..!؟ أجابه وهو يهز رأسـه:
لقد زدت اللغز تعقيداً. قال: كيف ؟ أجابه مستغرباً: اثنان وثلاثون شخصاً !؟ يعني هذا موضوع لازم مايُحكى فيه ثمّ ان مثل هذا العـدد قتل أمثاله كثير ، ولن أكون حانثاً لو أقسـمت لك أنه ماتولّى حاكم أمر الشـام الا وقتل مثل هذا العـدد ويزيد ، وحتى لاأبالغ يمكن أن تسـتثني واحداً أو اثنين ليكون الكلام دقيقاً. ثم أني رحت أفكر فيمن قَتل الآلاف من الشباب والشيوخ والعلماء والمفكرين وعشرات الآلاف من عامة الناس وجماهيرهم وفيهم النسـاء والأطفال والعجّز والمعوقين. اسمع –ياصاحبي- الى أحد جنرالات البعث ( العظام ) يعترف في حوار صحفي ومنذ أسـابيع أنه يتعرض لنوبات شـنيعة من الكوابيس وهو لايتذكر عدد التواقيع على أحكام الاعـدام التي جرى بها قلمـه مضيفاً كنا في الثمانينات من القرن الماضي نشـنق كل أسـبوع 150 شـخصاً من المعارضة ولكن انظري ( مخاطباً الصحفية) 36 سنة من الهدوء بدون انقلاب. وهو مع هذا يشكو من الكوابيس بس..!!!!. جنرال آخر..! قتل في نصف سـاعة قرابة 700 شـخصاً على أقل التقديرات التي نقلت عن مجزرته تلك في محاكم تفتيـش القرن العشـرين ، وهو مع هذا يتحرك اليوم (يشـطح وينطح) مقدماً نفسـه كرجل انقاذ مما يحيق بسـورية من مكاره وضغوطات مطالباً بتغييرات حقيقية في قضايا الاصلاح والديمقراطية واطلاق الحريات.
قال له: سـؤالي كان عن السفاحين وليس عن الجزارين وطغاة العصر ومجرمي البعث. يبدو أن الأمر تاه عليك.؟
انه جمال باشـا حاكم الشـام ( الملقب بالسفاح) ولقد حاز شرف هذا اللقب لأنه قتل في 6 مايو/ أيار من عام 1915 و 1916 العدد الذي ذكرته لك ، يعني في مثل هذه الأيام ولكن قبل تسعة عقود. واعتبر هذا اليوم بمثابة يوم الشهداء يحتفل فيه بذكرى من قتل واستشهد في سبيل الدفاع عن حريته ووطنه.
أجابه وهو يقول لاحول ولاقوة الا باللـه: أقولها لك ثلاثاً واللـه لم يخطر على بالي مثل هذا الاسـم لأن ماعرفته وسـمعته أنسـاني مثل هذه الأسـماء التي يمكن أن تصفها بالنظافة ( تجاوزاً) وتنسى ماكان منها يوم سـمعت بأذني ومن قناة فضائيةٍ عربية أحد أحذية النظام السوري القمعي الاسـتبدادي المخابراتي- وقد سـئل عن مجزرة مدينة حماة - يقول وبالفم المليان ودون ذرةٍ من حياء أن عدد من قتل في تلكم المدينة لايتجاوز الخمســــــــــــــة آلاف وليس صحيحاً أن العدد خمسة وعشرون أو ثلاثون ألفاً.
ولم ينس – مات حاسـدوه – أن يؤكد على المستمعين ألا يلتفتوا الى كذب وافتراءات أعداء النظام الأسـدي من المعارضة التي اعتادت على الكذب والافتراء والمبالغة في العدد.
قال له صاحبه وعلامات التأثر والانفعال بادية على وجهه: الحق والحق أقول:
لثن كان الوقت الذي ارتُكبت فـيه هكذا مـذابح ومجازرغير مسـموحٍ فيه البوح ، فان الوقت الآن يسـمح أكثر من أي وقت ٍ مضى للحديث عن هكذا سـفاحين وطغاة وجزارين على صفحات الجرائد والمنتديات والفضائيات ، والاتجاه نحو المنـظـمات الانسـانيـة والدوليـة بهذه القضيـة لينال المجرم عقابه، فلعلّ فعلنا هذا يخفف من اثمٍٍ شـارك فيه كل من علم وسـكت. ولايمنعنّكم حديث المتفذلكين أن هذا اسـتقواء على النظام في الوقت الذي يواجه أكبر الضغوط الدوليـة ليتزحزح عن مواقفه الوطنيـة والقوميـة. وأن هذا من تحريك أمريكا وضغط أمريكا على سـورية لتنال من عزمها وارادتها على الصمود. يعني اما أن نقبلـهم فنكون وطنيين ويكون عزم المجرمين والمسـتبدين والارهابيين ماضياً وصمودهم قاهـراً أو نرفضهم فنكون عملاء. تلك مقولة باطلة كباطل طغاة العصر ، ومرفوضة كدجل جزاري القرن العشرين ، ولا سـيما أن سـاعة الحسـاب اقتربت ، والسـاعة أدهى وأمرّ.
* كاتب سوري