الغزل الصامت

د.عبد االغني حمدو 

بين المعارضة السورية والنظام

د.عبد االغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري

[email protected]

[email protected]

عادة وعلى مر تاريخ البشرية الأحداث التي تقع على الأرض تأتي بنتائج غير متوقعة وفي أماكن أخرى قديكون بعيدا جدا الترابط بين هذه الأحداث الجمعية أوالفردية في منطقة الحدث , وبين اثر هذه الأحداث في مناطق قد تكون بعيدة عن مركز الحدث ,أكان ذلك تقارب جغرافي ام ترابط ديموغرافي  .

فلو عدنا إلى الأزمة الإقتصادية العالمية 1929 والتي نتج عنها بشكل مباشر أنظمة دكتاتورية في اوروبا .كالنازية في ألمانيا والستالينية في روسيا , وإيطاليا وغيرها من الدول . ليصل هذا التغيير الى الحرب العالمية الثانيه ونتائجها المدمرة على العالم أجمع .

سقوطالإتحاد السوفييتي أدى الى تغيير ميزان القوى في العالم أجمع . لتنفرد بذلك سياسة القطب الواحد المتمثلة في أمريكا وسيطرتها على العالم  .

أما على المستوى العربي وبعد قيام الدولة العبرية 1948 كان التأثير الكبير والواضح على المستوى السياسي والفكري في الوطن العربي ليتحول الفكر عند المثقفين العرب الى ثلاثة اتجاهات رئيسية :

1-اتجاه رأى بضرورة سيادة الفكر الغربي وتطبيقه في المنطقة العربية وبحذافيره

2-اتجاه رأى من الضروري العودة إلى التراث العربي والإسلامي وتبني الفكر السلفي للوقوف بقوة امام العدو الجديد

3-اتجاه يرى ان الاشتراكية وتطبيق اسس الماركسية هو الحل .

وعلى اثر ذلك كانت النتيجة : الإنقلاابات التي حصلت في بعض الدول العربية والتي تبنت بدورها النظم الإستبدادية والقمعية وما زالت قائمة حتى هذه اللحظه.

سقوط العراق وتأثيره في البداية كان كبيرا على هذه الأنظمة والناتج عن الخوف : من أن تحصل لهم نفس الكارثة التي حلت بالنظام العراقي مما حدى بالرئيس اليمني ان يقول(علينا ان نحلق لأنفسنا قبل أن يحلق لنا الآخرون) .

واشتدت الضغوط بعدها على النظام السوري وكان الهدف احتلال سوريه وإسقاط حزب البعث فيها .

قد تكون وجدت المعارضة السورية متنفسا كبيرا من ان سياسة الدعم للنظام السوري والتي كانت قائمة منذ قيامه وحتى الآن قد انتهت ,وبناءا عليه أصبح من السهولة بمكان إجراء التغيير في سوريه .

وكون معظم فصائل المعارضة معارضة وطنية  ولا يمكن ان يكون من سياستها التعاون مع الغرب والعوده إلى سوريه على الدبابة الأمريكية , كما حصل في العراق فقد أمن النظام السوري خطر المعارضة وترك الأمر للسياسة الخارجية المتقلبة مع الظروف والمصالح والأهداف . لأنه لايوجد خطر حقيقي على النظام بعد عدول الأمريكان عن قرارهم السابق بسبب الفيتو الإسرائيلي على ذلك الأمر. لأن اسرائيل يهمها وجود:

 نظام مستبد وقمعي على حدودها وفي مصلحتها أكثر من أن يأتي نظام آخر , ولو كان ديقراطيا وقد يصعب التعامل معه. لأن الأنظمة القمعية عادة تهتم بالسلطة أكثر من أن تهتم بأي شيء آخر.

وجاءت أحداث غزه أخيرا . واستغل هذا الحدث من قبل النظام السوري في ظهوره انه الممانع الوحيد والذي يقف بحزم مع غزه . ليكون هو البطل الحقيقي والتي تجمعت حوله الأسواط العربية الثورية والإسلامية والمساندة له من هذه الأطراف.

وقابلها في الموقف ذاته قرار الإخوان المسلمين في سورية وهي اكبر فصيل من فصائل المعارضة بتعليق كافة النشاطات والحملات ضد النظام السوري .

ولكي  يعزز الإخوان من موقفهم وتقديم حسن النية بشكل أكبر كان الإعلان عن فك التحالف مع جبهة الخلاص السوريه .

مما اعطى لمبادرة الإخوان بعدا أقوى وذو تأثير أعم على المستوى التنظيمي والعالمي والسوري .

والكل منتظر الآن رد الطرف المقابل على مبادرة الإخوان والمدعوم حديثا من البيان الصادر عن مجلس شورى الإخوان المسلمين . والذي يدعو إلى نبذ العنف ونبذ الطائفية البغيضة والبقاء على تعليق انشطة الإخوان ضد النظام السوري .

ومع ان الرد من الجانب السوري يكاد يكون معدوما. إلا انه أخذت تصدر بعض الآراء والتي تطرح لإمكانية التعامل معهم في المستقبل والمتمثلة في تصريحات بعض المحسوبين على النظام السوري. عن موقف الإخوان وعليهم ان يثبتوا انهم جادون في مواقفهم الجديدة هذه .

وعلى كل حال نأمل ان نجد بصيصا من نور في نهاية النفق المظلم هذا .

وأن تكون هذه الإشارات بداية غزل صامت يؤدي الى حب ولقاء بين الطرفين.