طريق الحقيقة

طريق الحقيقة

شعارها الثقافي الاستراتيجي:

* لا أحد يملك الحقيقة.

أنا أبحث عن الحقيقة.

 أنا أملك جزءاً من الحقيقة ومن حقي أن أعبر عنها.

 شعارها السياسي التكتيكي: الديمقراطية للعربي والفارسي والتركي، والحرية للكردي.

أيديولوجيتها: سياسة غصن الزيتون، وفلسفة حقوق الإنسان.

-  شعارها الاقتصادي الاستراتيجي: مجتمع الإبداع والرخاء والعدل.

- - - - - - - - - - - - - - - - -

موضوع الحلقة.. (( الشرق الأوسط والدولة ((

- - - - - - - - - - - - - - - - -

*المقدمة.

* الشرق الأوسط والوضع المعاش والحقيقة المرة.

* الشرق الأوسط أمام الحقيقة المرة، وهي تعيش بدون دولة، والأسئلة التي تبحث عن السبب.

* تاريخ ظهور الدولة الحديثة في سياقها التاريخي.

مقومات الدولة : القديمة و الحديثة.

* الدولة القديمة.

* الدولة الحديثة.

* الدولة القديمة والدولة الحديثة من وجهة النظر الفلسفية. حقوق المواطنة في دولة الوحدانية والأيديولوجيات المنبثقة عنها.. الدينية والقومية والاشتراكية.

* النظرة الوحدانية للأيديولوجيات الثلاث في مجابهة العلم.

* العراق وصراع الفلسفات على ساحته ولمن سيكون النصر وبناء دولة القانون.

* كلمة التاريخ وموقفه من هذا الصراع على ساحة العراق.

* الإجابة عن السؤال: لماذا لم تقم الدولة في الشرق الأوسط؟

* الشرق الأوسط والمتغيرات التاريخية العالمية.

* لمن النصر على ساحة الصراع في العراق، وأي فلسفة تستطيع بناء دولة القانون.

* الشرق الأوسط وشروق شمس الأمل في بناء دولة القانون:

- لبنان.

- مصر.

- العراق.

- كلمة أخيرة من طريق الحقيقة.

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

- المقدمة:

لقد كثر الحديث والصراخ والكتابة من قبل كتابنا ومفكرينا الغيورين على مستقبل شعوبهم في الشرق الأوسط والعالم العربي مطالبين بالإصلاح من نظمنا الحاكمة.

وكلمة إصلاح تعني أن هناك بناءاً قد تصدع، وهذا البناء مهدد بالسقوط فوق رؤوسنا ورؤوس أطفالنا.

إن هذه الصرخات المطالبة بالإصلاح، إنها كصرخة في وادٍ عميق.. ولا حياة لمن تنادي. ترى لماذا صرخة في وادي ولا حياة لمن تنادي؟! والجواب لهذا السؤال هو الآتي:

لا يشك أحد في غيرة ونوايا كتابنا ومفكرينا وحبهم لوطنهم وشعوبهم. ولكن المشكلة لا تكمن في غيرتهم ونواياهم الطيبة. بل تكمن في الجهة التي توجه إليها خطابهم وصرختهم. فلا بد من تحديد الجهة التي توجه إليها هذه المطالب والصرخات، فإذا كان الخطاب والإصلاح موجه إلى دول والمطالبة بالإصلاح، فلا بد من طرح الأسئلة التالية:

- هل نحن شعوب الشرق الأوسط والشعب العربي نملك دولاً؟

- إذا كنا نملك دولاً، فمن هم أصحابها؟ هل هذه الدول للحكام؟ أم للشعوب؟

فإذا كان الخطاب موجه للحكام فسيكون جواب صرختهم، ستكون صرخة في وادٍ عميق (( ولا حياة لمن تنادي )).

أما إذا كان الخطاب موجهاً للشعوب، فلكي تكون هناك استجابة لندائهم فيجب خلق دولٍ تملكها الشعوب.

فهل يستطيع أحد من المفكرين والكتاب أن يدلنا على دولة في الشرق الأوسط ومن المحيط إلى الخليج ملكاً للشعب؟

ولنبحث عن الحقيقة بدءاً من تركيا:

لقد تحولت ملكية الدولة من السلاطين العثمانيين الروحانيين إلى ملكية سلاطين العسكر الجمهوريين. وفي إيران انتقلت ملكية الدولة من الشاهنشاه الدنيوي إلى ولاية الفقيه الآخروي.

أما في الأقطار العربية فتحولت ملكية الدولة، من ملكية سلاطين بني عثمان والاستعمار الإنكليزي والفرنسي إلى أصحاب الجلالة والفخامة والسعادة والأمير والزعيم الملهم وقائد الضرورة والأب القائد.

فعندما تتحول ملكية الدولة إلى الشعوب عندها يمكن التكلم عن الإصلاح والتغيير والتطور والتقدم.. الخ ولحين مجيء هذا الوقت سيكون طرح المفكرين والكتاب في الشرق الأوسط لمطالبهم وصرخاتهم للإصلاح صرخة في وادٍ عميق.. ولا حياة لمن تنادي...

ومن أجل هذا أردنا أن نسلط الضوء على دولة الشعب.. دولة القانون وفلسفتها التعددية، في هذه الحلقة سنتابع طريق البحث عن الحقيقة.

- الشرق الأوسط والوضع المعاش والحقيقة المرة:

لقد انطلقت طريق الحقيقة وطريق البحث عن الحقيقة في مسيرتها الثقافية والتنويرية بناءاً على السؤال الذي طرحته وهو: لماذا نحن متخلفون؟

وبدأت مسيرتها عبر إصدار سلسلة من الحلقات بدأت بالأولى وها هي الثامنة عشر ساعية وراء الإجابة على السؤال: لماذا نحن متخلفون؟

إن طريق الحقيقة تؤمن بأن الكون الطبيعي الموجود. والوجود البشري. والفكر.

لا يمكن أن يكون وأن يسير إلا على الحقيقة ولا يمكن أن يقام ويسير على الخطأ، ولهذا عاهدت طريق الحقيقة أن تقول كلمتها في الحقيقة مهما تكن مرة.

وقد يعجب بعض الناس برؤيتنا في كشف الحقيقة وقولها. وقد يرفض بعض الناس رؤيتنا. فالناس الذين يعجبون برؤيتنا ويقابلوننا بعبارات المدح والثناء - ويطالبوننا بالمزيد. والذين يرفضون رؤيتنا وأحياناً يشتموننا ويصفوننا بشتى النعوت والأوصاف بالكفر والخيانة والعمالة لهذه الجهة أو تلك. أما موقف طريق الحقيقة من كلا الطرفين هو مزيد من الإحترام والتقدير للتعبير عن آرائهم مهما يكن شكلها ونوعها. ترى لماذا هذا الموقف من طريق الحقيقة؟. والجواب هو نظرتنا العلمية للواقع الذي يحيط بنا ونعيش معه سواء أكان هذا الواقع طبيعياً مادياً أو اجتماعياً بشرياً أو فكرياً ولسنا من أنصار نسبة 99.99%. إن نظرة طريق الحقيقة الفلسفية للواقع المادي الملموس والمحسوس قائمة على الاعتراف بالتعددية. هذا ما نراه ونحسه ونلمسه.

إن الكون مكون من أرض وسماء وبحار وجبال وهضاب وتلال ووديان ويابسة و.. ويتكون من آلاف الألوان والأطوال والأوزان. إننا لا نرى وحدة لا في الألوان ولا في الأوزان ولا في الأطوال. وكما يتكون الكون المادي من آلاف الأوزان والأطوال والألوان، وكذلك الوجود البشري يتكون من الاختلاف في اللون والجنس والقومية واللغة والعرق والدين والمذهب. وكذلك الفكر البشري. فهل لأحد يدلنا على الوحدة في الوجود الطبيعي البشري والفكري؟ ترى من أين جاءت فلسفة الوحدة؟

ولهذا نرى أن وجود المعارض والرافض لفكرنا ورؤيتنا له أهمية قصوى لنا تماماً بوجود المؤيد لرؤيتنا للحقيقة.

فلو لا نقد المعارض لما أدركنا أخطاءنا.

ولو لا كره المخالف لنا لما أدركنا قيمة الحب.

وكما أن الرجل لا يستطيع أن يعيش بدون نقيضه الأنثى.

وكما أنه لا يكون للنهار معنى بدون نقيضه الليل.

ولا يمكن إدراك قيمة الخير بدون نقيضه الشّر.

وهكذا يمكن إدراك الواقع الذي نعيشه. وهكذا نستطيع أن نقول: أن لا حياة للإنسان سواء أكان فرداً أو شعباً بدون تعددية. ولا أمن وسلام مع الوحدانية.

لأن الوحدانية غير موجودة في الواقع. لقد تغذت عقول أبناء الأمم الأربعة في الشرق الأوسط العربية والفارسية والتركية والكردية من ثقافة الوحدة.

ومضى قرن كامل وهو القرن العشرون وها نحن ندخل القرن الحادي والعشرون. ونحن أما حقيقة مرة وهي أننا نعيش بدون دولة.

ترى هل يعقل أن يعيش الملايين من العرب والفرس والترك والكرد والشعوب المتعايشة معها بدون دولة ؟! ؟! ؟! تلك هي الحقيقة المرة الكبرى. أما لماذا لم تقم الدولة في الشرق الأوسط بعد مرور قرن كامل – تلك هي الحقيقة التي تريد طريق الحقيقة كشفها وإعلانها للملأ والعالم علنا ندرك إلى أين يسير بنا التاريخ. علنا نستطيع أن ننقذ أنفسنا من طوفان نوح جديد.

3- الشرق الأوسط أمام الحقيقة المرة، وهي تعيش بدون دولة، والأسئلة التي تبحث عن السبب:

نعم نحن شعوب الشرق الأوسط نعيش بدون دولة. تلك هي الحقيقة المرة. وهذه الحقيقة المرة تفرض علينا طرح الأسئلة التالية والتي تبحث عن الجواب:

- هل نحن شعوب الشرق الأوسط نعيش في ظل دولة؟

- فإذا كنا نعيش في ظل دولة. لماذا نحن متخلفون؟

- فإذا لم نُقِم دولة. ما هي الأسباب التي حالت دون قيامها؟

- وهل يمكن للمجتمعات البشرية أن تعيش بدون دولة بعد كل التطور التاريخي الذي حصل؟

وجواب طريق الحقيقة على هذه الأسئلة يكون الآتي:

إن الشرق الأوسط لم تقم فيه دولة بالمعنى العصري للدولة لا في تركيا ولا في إيران ولا في الأقطار العربية. وتلك هي سبب تخلفنا الحضاري والاجتماعي والاقتصادي والسياسي والثقافي والعلمي. وشعوبنا باتت تعيش خارج التاريخ الحضاري العالمي.

كيف ذلك؟ وما هي الأدلة على ذلك؟

ب- المذهب الشيعي الإيراني:

لا يمكن لأي باحث أو مؤرخ عندما يكون الحديث عن إيران أن يتجاهل الحقيقة التاريخية التي حكم فيها شاه إيران "محمد رضا بهلوي" بواسطة أجهزته الأمنية التي عرفت باسم "سافاك". إنها كانت دولة مخابراتية ذاقت الشعوب الإيرانية جميعها من العرب والأكراد والآزريين بالإضافة إلى الفرس من هذه الدولة الويلات. لقد تم سحق حقوق الإنسان في هذه الدولة بشكل فظيع. لقد غيب آلاف الناس في أعماق السجون الرهيبة ولم يروا النور ثلاثين عاماً ويزيد. إن الإطاحة لتغيير النظام كانت ثمرة جميع الشعوب الإيرانية. والشعوب الإيرانية كانت تحلم وتطمح في إقامة دولة حديثة والتخلص من دولة القرون الوسطى. وإقامة الدولة التعددية. ولكن أهل العمامات استولوا على السلطة. وأقاموا سلطة استبدلوا فيها الفلسفة الوحدانية القومية بفلسفة الوحدانية المذهبية. واستبدلوا عصا القومية بعصا الدينية المذهبية. وكما أنكر القومية الشاهنشاهية التعددية في إيران، كذلك أنكر المذهب الشيعي الإيراني وجود أكراد وعرب وآزريين في إيران. وكما أراد شاهنشاه إيران مجتمعاً إيرانياً قومياً متجانساً أراد المذهب الشيعي مجتمعاً إيرانياً شيعياً متجانساً. وفي سبيل تطبيق هذ!ه السياسة، أقاموا محاكمات خلخالية وبدأ يصدر الأحكام. وبدأ يرسل قسماً من المعارضين إلى جهنم، وقسماً يرسلهم إلى الجنة. إن هذه الأحكام تذكرنا بصكوك الغفران التي حدثت في أوروبا. وتلطخت أيدي هذا المذهب بالدماء. لقد كانت الشعوب الإيرانية تحلم بحياة إنسانية كريمة على الأرض. وكرست القيادة السياسية الشيعية الإيرانية كل فلسفتها لتربية الشعوب الإيرانية بالعيش بحياة أبدية في الآخرة، وليس في هذه الدنيا. والمصيبة الأكبر والتي سيجر مستقبل الشعوب الإيرانية بكافة قومياتها إلى الدمار والفوضى هو اعتقاد هذه القيادة السياسية بأنها لا تستطيع المحافظة على السلطة في الحكم إلا بامتلاك أسلحة الدمار الشامل, تماماً كما اعتقدت القيادة السياسية في العراق والاتحاد السوفيتي سابقاً. والتاريخ أثبت أن لا العراق استطاع أن يحافظ على السلطة ولا الاتحاد السوفيتي، وزال النظامان من الوجود. أما لماذا زالا من الوجود؟ لأن القيادتين تركت شعوبها حفاة وعراة وجياع وسحقت حرية شعوبها عشرات السنين حيث لم ينعموا بالحرية ولم يشبعوا بطونهم ولم يكسوا أجسادهم ولم يغادروا سكن الأكواخ.

إن الشعوب تحتاج إلى المأكل والملبس والمسكن والحرية والحاجيات العصرية قبل أسلحة التدمير الشامل.

إن امتلاك الأسلحة لا تحمي الأوطان والسلطات والشعوب, بل الذي يحمي الأوطان والسلطات والشعوب، هو الشعب الشبعان والحر. إن الشعوب الإيرانية بحاجة إلى بناء دولة القانون والتعددية وليس إلى بناء دولة الوحدانية. وإذا لم يدرك ساسة الإيران هذه الحقيقة ولم يبنوا دولة القانون سيجر على أنفسهم وشعوبهم الكارثة. ولن يطول الوقت أبداً. وإن طوفان نوح جديد سيحل بهم أيضاً.

إن الرشوات التي تقدمها القيادة السياسية الشيعية الإيرانية إلى هنا وهناك لا تجدي نفعاً على الإطلاق. تماماً كما لم يفد القيادة السياسية العراقية سابقاً.

ورداً على السؤال: ما موقفه من إقامة دولة القانون الدولة التعددية؟ إن المذهب الشيعي الإيراني لطخ يده بدماء الشعوب الإيرانية منذ أول يوم من استلام السلطة ساعياً وراء تطبيق الفلسفة الوحدانية ودولة الوحدانية ذات المجتمع المتجانس. إن هذا المذهب لا يمكن أن يكون مع إقامة دولة القانون.

والدولة التعددية والديمقراطية... لأن الدولة التعددية والديمقراطية يعني السلطة عن طريق الإنتخاب، وإن هذا المذهب إذا دخل في أي معركة انتخابية على أساس فلسفته سيخسر السلطة. وسيخسر معها كل المنافع والامتيازات المادية والمعنوية التي حصل عليها.

 محمد تومة