"سامية".. أم .."صهيونية" معتدية ..؟!

سيف الحق محمد السيد

"سامية".. أم .."صهيونية" معتدية ..؟!

سيف الحق محمد السيد

[email protected]

يحاول اليهود على مدى الأزمان فرض ئقافتهم الانتقائية المتعالية التي تعتمد مادتها على الأساطير وعلى ثقافات الشعوب الأخرى ، منتقاة بحيث تلائم أساطيرهم بكل الوسائل المتاحة أمامها فمنذ سنوات والإعلام الصهيوني يسوق مفردات ثقافته تلك ، مبنية على أساطير النار والكره والعداء في العالم .

فبعد أن مل الناس من فكرة شعب الله المختار فأصبحت بضاعة مزجاة ، جاء الآن دور السامية ومعاداتها ؛ إذ يعد اليهود أنفسهم اصل السامية دون غيرهم ، متنكرين لسامية العرب الذين يشكلون جمهرة هذا العرق البشري، وجاعلين منها خطاً أحمر، يمنع الاقتراب منه، مبتغين من وراء ذلك حماية دولتهم من النقد أو اللوم ، وهادفين إلى إبعاد الأعين عن ممارساتهم المتوحشة في فلسطين ، وعن تدبيرهم الخفي للسيطرة على العالم ، لذلك كلما علا صوتٌ ينتقد أفاعيلهم أو يبطل أكاذيبهم أو جاء ذكر السامية بشكل موضوعي بعيدٍ عن الخرافات التي يسوقونها للعالم ، انتفض هؤلاء معترضين ومنددين ومنبهين لخطر معاداة السامية ، وأن ذلك الفعل أو القول يضطهدهم ويعاديهم .

ونظراً لأهمية هذا الموضوع ، وضرورة توضيح بعض الحقائق الغائبة عن بعض الأذهان ، ولفضح هذه الفرية ، وبيان غايات أصاحبها وأبعاد توظيفها ، وللإلمام ببعض الجوانب الخفية لهذا الموضوع ، أضع بين أيديكم هذا التقرير الموجزالذي يتطرق إلى.

حقيقة ما يزعمه اليهود من انتسابهم للسامية ‏.... ؟‏‏!‏‏!‏‏!

وهل بقي من الشعوب ما نستطيع أن نعتبره نقياً خالصاً .... ؟؟!!

وهل القدس وفلسطين فعلاً حقٌ موروث لليهود .... ؟؟!!

بعض التوضيحات الضرورية

توضيح لمفهوم شعب الله المختار :

إن تفضيل بني إسرائيل على العالمين موقوت بزمان استخلافهم، واختبارهم في حينه لحمل الرسالة ، فأما بعدما سقطوا في الاختبار فعتوا عن أمر ربهم ، وعصوا أنبياءهم ، وجحدوا نعمة الله عليهم، وتخلوا عن التزاماتهم ، فقد بين الله حكمه فيهم بأن لعنهم بأن لعنهم ((وضربت عليهم الذلة المسكنة وباءوا بغضب من الله ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون)) وكتب عليهم الذلة والمسكنة ، وكان التشرد والنبذ مصيرهم وحق عليهم الوعيد (1).

من أين أتى انتماؤهم إلى إسرائيل :

جاءت تسميتهم ببني (إسرائيل) _ كما ذكر علماء الإسلام ومفسرو القرآن _ من جهة ادعائهم بانتمائهم لإسرائيل الذي هو الاسم الثان لسيدنا يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم _ عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام _ ومعنى إسرائيل: عبدالله، لأن إسر في لغتهم هو: العبد، وإيل هو: الله، وقيل: إن إسرائيل لقب له، وهو اسم أعجمي غير منصرف(2).

واليهود اليوم يدّعون أنهم ينتهون في نسبهم إلى يعقوب أي (إسرائيل) _ عليه الســلام _ ومن هنا جاء الاسم .. ولكن السؤال الملح هنا .. هل اليهود الحاليون لهم هذا الانتماء ..؟؟

إن كل الدلائل تشير إلى نفي صلتهم بإسرائيل عليه السلام .. نسباً وعقيدةً .. حيث قام حاخاماتهم بتغييرات كبيرة في الديانة السماوية على مر العصور، ودخلت في ديانتهم أعراق غير سامية أصبحت هي الغالبية في تعدادهم .

من أين جاء اسم (اليهود) . . ؟

"يهود" الذين كانوا في عهد موسى عليه السلام هم قوم من أصل سامي ، قيل : إنهم سموا كذلك باسم "يهودا" أحد أبناء يعقوب "إسرائيل" عليه السلام، فقد كان ليعقوب عليه السلام اثنا عشر ولداً ذكراً وهم: "رأوبين، شمعون، لاوي، يساكر، أبولون، يوسف، بنيامين، دان، نفتالي، جاد، أشيرا ، و يهوذا ، " الذي عرف أنه جد اليهود " . وسبق أن بينا أن اليهود الحاليين غلبت عليهم أعراق أخرى .. أوروبية .. الخزر .. إلخ ..إذ أصبح معظمهم من خارج العرق السامي ، وهكذا فإن تمسكهم بمصطلح معاداة السامية في مواجهة كل من يتكلم بحقهم كلمة حق منطقية تنصف المظلوم أو توضح الحقيقة ، إن هو إلا مماحكة سياسية لاقت هوى ورواجاً لدى الغربيين الذين تبنوا دولة الصهاينة ، بعد أن بات الانجيليون المسيحيون صهيونيون أكثر من الصهاينة .

نشأة الصهيونية وهدفها:

" صِهـْيون " : كلمة كنعانية الأصل بمعنى الجبل المشمس ، ومن معانيه: الحِصُن .

و تسمية "صِهيون" في فلسطين تعود إلى ربوة تطل على مدينة القدس ، سماها الكنعانيون صهيون ، واتخذها اليبّوسيون وهم من أصل كنعاني موقعاً وحصناً يسكنه الحاكم ، وكان ممن أقام فيها الشيخ سالم اليبوسي حوالي العام 2500 قبل الميلاد ، وهو ملك ذلك الموقع في ذلك الحين وسمي باسمه ((أورسالم)) أو أورشالم وهو القدس اليوم .(3)

فالتقف اليهود هذه التسمية لإعطاء أنفسهم شرعية كاذبة من خلال وجود اسم يربطهم بالأرض، وما أكثر أكاذيبهم التي يروجون لها حتى تصبح عند البعض حقائق مسلماً بها . والصهيونية بمعناها العام هي حركة سياسية تستمد أصولها من الفكر الصهيوني الخليط من عقائد التوراة والتلمود المتخمة بالخرافات ، كما تستمد صهيونيتها من ارتباط الفكر اليهودي بعقائد دينية وعنصرية ثابتة في أذهانهم ، ومن قومية عنصرية اقتبست الكثير من فكر القوميات العنصرية الأوروبية في القرن التاسع عشر ، ومن أطماع سياسية وعدوانية تسعى إلى إيجاد وطنٍ قوميٍ عنصري في فلسطين على حساب العرب (المسلمين والمسيحيين) الأصليين على الطريقة الغربية في إبادة وتشتيت السكان الأصليين في الأرض الأمريكية الجديدة .

وقد وجدت هذه الحركة تقبلاً من الأوروبيين وخصوصاً البروتستانتيين الذين دخلت أساطير التلمود والتوراة في تركيبتهم العقائدية ، خصوصاً فيما يتعلق بقيام دولة لليهود في فلسطين (4) لتكون عاملاً معاوناً لهم ، هذا فضلاً عن سعي الكثيرين منهم على استعمار أوطان المسلمين ، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى كان متقبلاً من الغربيين للتخلص من النفوذ اليهودي بإخراجه من أوربا ‘ وذلك بدءاً من قيام الثورة الفرنسية حيث فتحت لهم الأبواب السياسية والاقتصادية بعد أن كانوا مذلولين مهمشين بسبب أفكارهم وتصرفاتهم في كل أنحاء العالم ، واستطاعوا بعد ذلك الوصول إلى رئاسة وزراء فرنسا ، وإلى أن تملك بعض أسرهم نفوذاً مالياً وسياسياً كبيراً في انجلترا وفرنسا من عائلة (روتشيلد) (5) وقد ظهر هذا التأييد في صورته العقائدية أكثر ما ظهر في نداء القس البروتستانتي (وليم هشلر) عندما دخل مع هرتزل إلى قاعة المؤتمر اليهودي 29/8/1897 (مؤتمر بازل) وقال : ( استفيقوا يا أبناء إسرائيل فالرب يدعوكم للعودة إلى وطنكم القديم فلسطين ) .وخرج المؤتمر وقتها بما يسمى "برنامج بازل" الصهيوني، والقرار الأساسي الذي اتخذه المؤتمر هو: "إن غاية الصهيونية خلق وطن للشعب اليهودي في فلسطين يضمنه القانون العام ". (6)

أصل القصه "الموضوعة" في التوراة :

تكمن البداية في تلك الأسطورة المزعومة التي ذكرتها التوراة المحرفة ، انها قصة عن ‏"‏ سام وحام ويافث وارفكشاذ ‏"‏ _ أولاد نوح عليه السلام _ أراد بها اليهود قديما والصهاينة حديثا ، تحقيق سيادتهم على العالم ، حيث نسج مؤلفو التوراة قصة طويلة ملفقة ، مؤداها أن ‏"‏حاما‏"‏ وهو ابو كنعان ، جد الكنعانيين _ كما تزعم التوراة _ رأى اباه في خيمته سكراناً يرقص عاريا ، فاخبر اخوته بذلك ، فاستطاع ‏"‏سام‏"‏ جد بني اسرائيل _ كما تزعم التوارة ايضا _ بلباقته وذكائه، ان يغطي غباوة اخيه، وسواة ابيه ، فلما أفاق نوح من سكرته وعلم بالامر ، دعا على ‏"‏حام‏"‏ بان يصبح عبد العبيد لإخوته ، وان تصبح ذريته من بعده عبيدا لذراريهم‏ .‏ التوراة (7)

‏وبناء على ذلك فأبناء ‏"‏حام‏"‏ _ اي الكنعانيون العرب _ انذال ، اغبياء ، ملعونون ، وابناء ‏"‏سام‏"‏ _ اي بنو اسرائيل _ كرماء ، اذكياء ، بعيدون عن اللعنة‏ ، هذا بناءً على رأي التوراة الأسطورة ..!‏

‏ولقد تلقف الصهاينة والمخادعون وتبعهم المخدوعون هذه الفرية فنادوا بما نادي به اباؤهم واجدادهم في توراتهم من قبلهـم ، فزعموا بأن فلسطين ملك إلهي خالص لهم ، وأن عرب فلسطين _ أبناء الكنعانيين _ عبيـد خلـص لسيادتهم ، ‏"‏ فحام ‏"‏ _ أبوكنعان _ ملعون ، والله قد وعد أباهم ‏" ‏ابراهيم‏ " ‏ كما وعد إسحاق ويعقوب ومن جاء بعدهم من الانبياء بأن الأرض والمال لأبناء ‏" سام ‏"‏ الشرفاء الأخيار ، وليس لأبناء ‏"‏ حام ‏"‏ الأنذال الأشرار إلا الخزي والعار ..‏!‏‏!‏

وهذا _ كما ترى _ مؤسس على أساطير ، ومزاعم تتناقض مع أبسط حقائق الدين السماوي وتخفي في ثناياها احتقاراً للأنبياء ومقاماتهم وسلوكهم ، فأين هذه الافتراءات الكاذبة من الحقيقة والواقع ؟! .. وهل يعقل أن سيدنا نوح عليه السلام الذي قضى من عمره تسع مائة وخمسين عاماً يدعو الناس للإيمان بالله يقوم بمثل هذا الفعل الرذيل ؟! .. يرقص .. يسكر .. ويتعرى... ؟؟! حاشى لله .. ونستغفر الله ونبرأ إليه من هذه الجرأة الوقحة على نبي الله الكريم .

وبالرغم من تأكيد المؤرخين والعلماء وقناعتنا بأن ما يطلق عليه اليوم الكتاب المقدس " العهد القديم " أي التوراة ، هو كتاب ألفه حاخامات يهود ، ويحوي بين دفتيه من الأباطيل والمتناقضات الكثير .. الكثير ، إلا أنني سأناقض نفسي و أورد بعض المفارقات من هذا الكتاب تدور حول مفتريات تزعم أن لهم حقاً في فلسطين ، لتكون حجتهم الباطلة عليهم .

مناقضات من التوراة تبطل أكاذيبهم :

من المفارقات الغريبة أن المؤرخين اليهود حين يعدون الشعوب السامية يضعون العرب والكنعانيين على رأسها _ وهو كذلك _ مع أن التوراة تذكر بأنهم ‏"‏أولاد كنعان بن حام‏"‏ وليسوا ‏"‏باولاد سام"‏ ، فهل الكنعانيون من نسل ‏"‏سام‏"‏ ام من نسل ‏"‏حام ابوكنعان‏"‏‏؟‏‏!‏‏!‏ .

والغريب ان الذي افترى فرية‏ "‏اللاسامية‏"‏ هذه ، هم يهود من شرق أوربا لا ينتمون للعبرانيين ولا لبني اسرائيل بصلة ، لانهم من اصول مغولية تترية ، فهم ليسوا من نسل ‏"‏سام‏"‏ ، فزعمهم مردودٌ عليهم ‏.‏‏!‏ فلم إذاً اخترع اليهود فرية ‏"‏اللاسامية‏" ‏.. ‏؟‏

واللاسامية دعوة حديثة اختلقها اليهود في بلاد الغرب - في أوربا وأمريكا بوجه خاص - ليستروا بها عوراتهم وسخائمهم ، وليحصلوا بها على امتيازات خاصة ، وكذلك ليتخلصوا بها من اعدائهم ومنافسيهم بزعم أن الكره الذي يظهره (الأعداء) لليهود ، ليس بسبب جرائمهم وحقارتهم ... ولكن بسبب نقاء جنسهم واتساع مداركهم ، وتفردهم بامتلاك الثروة والمال..!

لقد اخترعوها لأسباب سياسية ماكرة ، وكما قال‏ "‏هرتزل‏" ‏‏:‏‏ (‏ لو لم تكن ‏"‏اللاسامية‏"‏ موجودة لوجب علينا ايجادها‏) .‏ وهرتزل هذا يعرف تماما أبعاد قوله هذا‏ .‏

ومن هنا فقد اصبحت المعركة شرسة بين الكيان الصهيوني المصطنع الذي يدعي السامية من جهة ، وكل من يخالفهم الرأي أو ينتقد فعلهم من جهة أخرى ، وإسرائيل التي تتبجح اليوم بانها منارة الشرق ، المؤهلة لاحيائه وبعثه ، وموئل ‏"‏ الديمقراطية‏"‏ في منطقة لم تسمع بها‏.‏ إسرائيل هذه بنت الصهيونية الحاقدة أحيت _ وما زالت تحيي _ كل يوم في منطقتنا العربية الإسلامية أشكالاً من النازية و العنصرية المتغطرسة ، والتمييز العنصري المتعالي. (8)

ومن الأدلة في التوراة التي يعتمدونها ايضاً :

(ولد تارح أبرام وناحور وهاران ، وولد هاران لوطاً ومات هاران قبل تارح أبيه في أرض ميلاده في أور الكلدانيين). (9)،

ويعود تارح إلى أبناء سام بن نوح..، في حين يكون أبناء أبرام (إبراهيم) إسماعيل ، وبعده إسحاق .

وجاء أيضاً في التوراة "على لسان الرب" : وأما إسماعيل فقد سمعت لك فيه ، ها أنا أباركه وأثمره وأكثره كثيراً جداً ، اثني عشر رئيساً يلد وأجعله أمة كبيرة. (10)

وبما أن إبراهيم من أحفاد سام، وإسماعيل هو ابن إبراهيم، وباركه الرب بحسب التوراة وجعل منه أمة عظيمة، فكل فرد من أمته هو سامي، وهم هؤلاء الشعوب الذين يمتدون من الجزيرة العربية حتى حدود الأناضول شمالاً ، ومن المتوسط حتى حدود فارس شرقاً، وهم تكاثروا، وغدوا أمة عظيمة.. إنهم ساميون بشهادة التوراة ، وطبقاً لكل علوم الأنساب والوراثة الخ..

أبناء اسحق ، وأحفاده ، بدءاً من يعقوب وأسباطه الاثني عشر، اتخذوا من ساحل فلسطين وحول الأردن مكان إقامة لهم إلى جانب الفلسطينيين ليعيشوا تحت حماية العرب المسلمين ، فكيف يستقيم القول بأن الفلسطينيين القدماء انقرضوا ، حسب ما يدعيه اليهود ، وأن سلالة يعقوب ما زالوا باقين حتى الآن ؟ وما السر في ذلك..؟ مع العلم بأن 4% فقط من هؤلاء اليهود تعود أصولهم إلى سام عليه السلام .

لقد حاول اليهود قديما - وما زالوا يحاولون حديثا - هدم الفوارق والحدود بين تسميتهم بالعبرانيين وبني اسرائيل والساميين والموسويين ، ليدخلوا في روع الناس أنهم جميعاً من نسل أسباط يعقوب ‏(‏اسرائيل‏)‏ حتى ، يرجعوا بنسبهم الى ‏" ‏ابراهيم ‏"‏ ابي الانبياء والمرسلين ، فهم بذلك الأنقى جنسا ، و الأشرف نسبأ ، والاصدق ديناً ، فهم الاصل وهم شعب الله المختار ، وما عداهم من الامم والشعوب ليسوا الا جداول وروافد تنبع منهم وتصب فيهم‏ ، وهذا ما يناقض قول الله تعالى في القرآن " ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن حنيفاً مسلماً " صدق الله العظيم .

وليس من تعليل لهذه الترهات ، سوى أن اليهود كانوا _ وما زالوا _ يكنون الكره للآخر والاستعلاء عليه، لانهم كانوا على امتداد تاريخهم الطويل ضعفاء ، لا وزن لهم في نظر من كانوا ينـزلون في كنفهم ويـحـتمـون بحـرا بهـم ‏.‏ ولم يستطيعوا التعايش مع أي جنسٍ من هؤلاء ، ولم ينفكوا عن ابتكار الفتن أينما وجدوا .

وهم حاولوا تعويض ذلك بفخر زائف ، ولذلك كرههم الناس ونبذوهم ، ولهذا طاردهم التاريخ منذ أن حاولوا تسلقه ، وعزلهم حقدهم و إجرامهم منذ أن حلوا بين الناس لدرجة أن قال فيهم ‏"‏ جوستاف لوبون‏" ‏‏:‏ ‏"‏كان بنو إسرائيل اخلاطاً من شعوب جامحة تشكل مجموعة بدوية غير متجانسة من قبائل سامية صغيرة تقوم حياتها على الغزو ونهب القرى الصغيرة حتى تقضي عيشاً رغيداً لبضعة أيام ثم تعود الى حياة التيه والبؤس " (11)

ولاستكمال هذا التقرير لا ضير من الاقتباس من كلام المؤرخ الإسلامي الدكتور : " فايد عاشور" في مقابلةٍ له مع الأهرام العربي 20/تموز/2003 . حين أجاب محاوره على سؤال :

ما هي حقيقة انتماء اليهود للسامية ؟

" السؤال يحتاج الى وقفة تفصيلية لتوضيح الحقائق التاريخية، معروف أن عد سكان الكرة الأرضية أو سكان العالم اليوم يزيد على ستة مليارات من البشر وعدد اليهود في العالم اليوم لا يتجاوز ثمانية عشر مليون يهودي حتى لو أن أحد الكتاب قال إنهم ثلاثون مليوناً فنقول لو كان الأمر كذلك فإن من بين هؤلاء اليهود في العالم ما يقل عن مليون من الأصول العربية أي الأصول السامية ومعلوم أن اليهود العرب الذين هاجروا إلى فلسطين المحتلة هم على النحو التالي :

1- من ليبيا 77 ألف يهودي. 2- من المغرب 483 ألفاً ثم زادوا الى حوالي 750 ألفاً. 3- من العراق 267 ألف يهودي. 4- من اليمن 165 ألف يهودي. 5- من السودان 40 ألف يهودي. 6- من مصر 120 ألف يهودي .

" بالإضافة إلى أعداد قليلة أخرى لا تتجاوز عشرين ألفاً "

وفي سؤال آخر وجه للدكتور المؤرخ ، مفاده : هل هذا العدد من اليهود العرب كلهم من الساميين؟

أجاب :

لا ، لأن اليهود الذين جاءوا من المغرب على وجه الخصوص والجزائر وتونس وليبيا ينتسبون الى حام بن نوح عليه السلام ، أو إلى يافث بن نوح عليه السلام ، ومعروف أن اليهود في شمال افريقية جاء معظمهم بعد خروج العرب والمسلمين من بلاد الأندلس رحلوا إلى بلاد المغرب بحثاً عن الأمان وهرباً من جبروت الأسبان والبرتغال الذين طغوا في معاملة بني يهود والمسلمين إبان خروج المسلمين من بلاد الأندلس في القرن الخامس عشر الميلادي، وما تبعه من عدوان غربي على بلاد الإسلام، المقصود من هذا أن اليهود المغاربة معظمهم من أصول تنسب الى يافث بن نوح الذي كونت ذريته الأمم الأوروبية وبعدها الأمريكية.

أما عن يهود أوروبا و أمريكا فيقول الدكتور فايد عاشور في معرض حديثه :

إن يهوداً أوروبيين هاجروا من أوروبا للأسباب سابقة الذكر الى العالم الجديد بحثاً عن الأمان والثراء ، فكل يهود أمريكا هم من أصول أوروبية وأخرى من أصول حامية من خلال الافريقيين الذين جاء بهم الاستعمار الأوروبي من قارة إفريقيا الى أمريكا ،حتى يقوموا بالعمل وهذا يعني بكل وضوح أن يهود العالم اليوم معظمهم من أصول لا علاقة لها بالسامية ، وإنما ينتسبون ليافث بن نوح والى حام بن نوح ، في حين أن من يمكن اعتبارهم من ذوي النسب الى سام بن نوح هم اليهود العرب ، الذين لم يصل عددهم بحال الى مليون يهودي وإذا كان الأمر كذلك فإن مليون يهودي سامي في مقابل 20 مليون يهودي من نسل يافث أو حام ، أو في أوسع التقديرات اليهودية أن مليون يهودي عربي من نسل سام بن نوح في مقابل أن 29 مليون يهودي من أصول لا علاقة لها بالسامية .

فهل يمكن القول : إن اليهود ساميون في ظل أن 96% منهم في العالم اليوم من أصول لا علاقة لها بالسامية من قريب أو بعيد ..؟! وهل يمكن القول إن اليهود الفلاشا (وهم 60 ألفاً جاءوا من أثيوبيا) ساميون ..؟! وهل يهود بولندا وروسيا وفرنسا وبريطانيا من الساميين ..؟! وهل يهود ألمانيا وأمريكا من الساميين ..؟! فلننظر إلى مصادر قدومهم ولنحكم إذا أردنا الحقيقة .. إنها الحقيقة الناصعة التي تظهر أمامنا بأن 96% من اليهود اليوم ليسوا من الساميين .

إن الحركة الصهيونية القومية المتعصبة هي التي ابتعثت كل هذه المفتريات والمصطلحات من "سامية" وغيرها ، وذلك من أجل تثبيت اغتصابهم لفلسطين ، وربطه بالتاريخ والدين والجغرافيا ... فسامية يهود ليست إلا فرية وعكاز ، تستعمل وقت الحاجة لترهيب العالم وتحقيق الغايات الرئيسة للحركة .. إنها فكرة واردة من الكره الذي قرره هرتزل (أبو الصهيونية) عندما قال : ( إن كل العالم يكره اليهود وإن اليهود لا يمكن أن يكونوا آمنين إلا بين بعضهم ) . وإذن فالسامية بنت الصهيونية البكر .. وهي مرتكز أساس لجعل اليهودي يشعر دائماً أنه مكروه من العالم ، وأن دولته القائمة على الاغتصاب يجب أن تكون مسلحة وقوية وعسكرية حتى تبقى . ( 12)

وسائل الصهيونية لبناء الوطن القومي .. والدعوة الباطلة بحقهم في القدس :

وفي سبيل إكساب وجود اليهود في فلسطين حقاً تاريخياً، عملت الحركة الصهيونية على وضع مخطط واسع، تمثل في تزوير الحقائق التاريخية، ووضع الموسوعات، والكتب باللغات المختلفة، وكذلك كتابة القصص المسرحية والسينمائية، التي تحاول فرض نظريات جديدة، قوامها القول بأن اليهود هم : "شعب الله المختار" الذي واجه الاضطهاد على مدى التاريخ، وأن عظماء الفكر في العالم، وكبار المكتشفين والباحثين في مختلف العلوم كانوا من اليهود.

وقد استطاعت الصهيونية بوسائلها المختلفة، وأساليبها المتعددة، وسيطرتها على الأسواق المالية والتجارية، وأجهزة الإعلام في مختلف أنحاء العالم (13) ترديد هذه الدعاوى ، و فرضها على الفكر الغربي ومحاولة فرضها على الفكر العربي والإسلامي ، وتزييف جذور هذا الفكر نفسه بالهجوم على المسيحية ، حتى أنهم استطاعوا التأثير في الفكر المسيحي وتغيير المعتقدات نحو الاتجاه الذي يخدم مصالحهم وأهدافهم .

إن اليهود يعتمدون في إثبات حق استيلائهم على فلسطين على نص في التوراة يقول: "...واجتاز إبرام" أي: "إبراهيم عليه السلام" (14) في الأرض، إلى مكان شكيم "نابلس" إلى بلوطة موزة ، وكان الكنعانيون حينئذ في الأرض ، وظهر الرب لإبرام ، قال: لنسلك أعطي هذا الأرض ، فبنى هناك مذبحاً للرب الذي ظهر له..." (15) .

فهذا النص إذا فرضنا صحته _ وهو بعيدٌ عن ذلك _ يحمل معنى واحداً فقط ، يتمثل في قول الله تعالى لإبراهيم عليه السلام: "لنسلك أعطي هذه الأرض" والكل يعلم أن إبراهيم عليه السلام هو أب لإسماعيل جد العرب ، ولإسحاق جد العبرانيين الأصبيين .

ثبوت حق العرب بالقدس

إن تاريخ القدس يبدأ قبل الميلاد بثلاثة آلاف سنة على الأقل ، ويذكر المؤرخون أن اليبوسيين هم أول قوم بنوا مدينة القدس ، وأسموها "يبوس" نسبة إليهم ، والجدير بالذكر أن اليبوسيين تسموا: بهذا الإسم نسبة إلى اسم جدهم يبوس ، وأنه ثابتٌ تاريخياً بدون أدنى شك في أن اليبوسيين هم فرع من الكنعانيين العرب ، الذين سكنوا فلسطين منذ الألف الرابع ق. م.. فهم عرب من العمالقة ، سكان الجزيرة العربية هاجروا منها إلى البلاد الخصيبة المجاورة ، كغيرهم من المهاجرين العرب الذين اضطروا إلى ترك موطنهم الأصلي ، تحت وطأة الجوع والقحط ، وغير ذلك من المؤثرات العامة التي ألمت بوطنهم.

وتثبت الشواهد التاريخية والأثرية واللغوية أن مدينة "يبوس" اتخذت اسماً كنعانياً جديداً هو "يوروسالم" أو "يوروشالم" وتعني: مدينة الإله سالم أو شالم، إله السلام عند اليبوسيين"(16) .

وكان ملكي صادق ملك اليبوسيين هو أول من أطلق على " القدس " هذه التسمية ، ولا شك أن الاسم الذي يستعمله اليهود اليوم وهو " أورشليم " هو تحريف لاسمها الكنعاني "أورشالم" (17) الذي وجد على نقش فرعوني قديم ، يعود تاريخه إلى القرن التاسع ق. م ، كما أن هذا الاسم كان قد ورد في لوحة من لوحات " تل العمارنة " وهي محفوظة في المتحف المصري بالقاهرة ، يعود تاريخها إلى القرن الرابع عشر ق. م أي قبل دخول العبرانيين "اليهود" إلى فلسطين بمدة طويلة .

ولما جاء الفتح الإسلامي غلب على المدينة اسم "بيت المقدس" لتكون مدينة مطهرة لله سبحانه وتعالى.

عودة إلى ماهية العداء للسامية اليوم :

وفي النهاية .. أمست اليوم معاداة السامية تهمة يُرمى بها كل من يخالف المقولة التوراتية المزعومة وقد عززت تلك الفرية من قبل الصهاينة بممارسات اليهود على مرِّ العصور ، من ضمنها الهولوكوست…على سبيل المثال ؛ فقد وسم الصهاينة كل من وقف في وجههم ، وقال الحقيقة عن ذلك الحدث بالعداء للسامية ، وأصبح كل من شكك في قصة الأفران النازية وعدد القتلى في ذلك الحين معادياً للسامية ، يجب إيقافه ومحاسبته ، كما جرى للمفكر المسلم " روجيه جارودي " .

والعداء للسامية يعني العداء لإسرائيل ، والعداء للصهيونية ، والعداء لليهودية ، وهذه كلها تعني التوراة ، ولا يمكن فصل إسرائيل عن الصهيونية وعن اليهودية التوراتية …

وبالتالي فإن الامتناع عن الاعتراف بان القدس يهودية وأنها عاصمة دولة إسرائيل ، يعني معاداة للسامية…

كما أن نشر كل ما يناقض الفكر اليهودي التوراتي يعتبر من مظاهر المعاداة للسامية .

و من لا يعترف بأن اليهود هم شعب الله المختار هو معادٍ للسامية .

لوثر في عام 1532 بعد ان خاب أمله باليهود كتب رسالة ورد فيها "إن هؤلاء الكلاب يسخرون منا ، ويتهكمون على ديننا" (18) . وجاء في آخر خطبة له قبل وفاته : "ان اليهود يجدفون على اسم مخلصنا تجديفاً لا ينقطع كل يوم ، لهذا السبب يجب عليكم أيها النبلاء والسادة أصحاب الشأن في السلطة الحكومية ألا تتحملوا بعد اليوم هذا الأمر من اليهود والعلاج هو طردهم من البلاد فهم أعداؤنا بجبين وضاح" (19)

وهو ذاته يقول : إن قلب اليهودي قاس كالخشب كالحجر كالحديد كالشيطان نفسه …" (20)

فهل لوثر أيضاً معادٍ للسامية ؟؟!..

يقول فرانكلين "إذا استمر حال النفوذ الصهيوني على ما هو عليه في الولايات المتحدة فان . الأميركيين غير اليهود سيجدون أنفسهم ذات يوم خدماً وعبيداً لأبناء صهيون" (21).

ويقـول : "هناك خطـر فـادح وكبير يهدد الولايات المتحدة ، هذا الخطر هو اليهود " (22)

ويقول : "انهم خفافيش ومصاصو دماء لا يستطيعون التعايش مع أنفسهم …" (23) وغير ذلك الكثير .

فهل فرانكلين معادٍ للسامية ؟؟!..

وتقول كارين آرمسترونج في كتاب الحرب باسم الله :

حين يحتل اليهود مدينة من المدن فإنهم يدمرونها تدميراً كاملاً ويباد سكانها عن بكرة أبيهم فكان الرجال والنســــاء والأطفــــال وحتى الحيــــوانات يذبحون والمدن تستحيل أنقاضاً (24)

وهل آرمسترونج معادية للسامية أيضاً ؟؟!...

وفي ختام هذه الدراسة نصل إلى القول بثبوت ووضوح انتساب العرب لسام بن نوح عليهما السلام ثبوتاً يدحض فكرة وفرية السامية التي يدعيها الصهاينة ، حيث يقول الدكتور أحمد سوسة : (لا أكون مخطئاً أو مبالغاً إذا قلت إن الوقت قد حان لاستبدال مصطلح (سامي) وسامية بـ (أعرابي وعربية ) فقد رأينا إن تلك التسمية مصطنعة تقوم على أساس التقارب في اللهجات وعلى أساس فكرة الانتساب الواردة عن التوراة ) (25)

ومع هذا كله فنحن في تصورنا الإسلامي لا نعتد بمثل هذه الدعوات العرقية المتعصبة ولا نركز عليها ، ونحن في كل ما قلناه في السطور السابقة نريد فقط إبطال افتراءاتهم وادعاءاتهم الهدامة ، وبيان مواقع العدوان من المعتدين وليس عداوةً لدين أو قوم أو جنس ، فهو إذن بيانٌ للاعتداء على أمتنا وحسب ، فما نسبة مليون يهودي مقابل مئات الملايينً من الساميين ؟؟.. إن دعوتهم باطله وانتسابهم للسامية فرية ... لا تعدو كونها أكاذيب صهيونية استعمارية متعدية في عالم لا يحب الحقيقة ... وفي زمنٍ غابت فيه العدالة ... ,ابتعدت فيه السياسة عن الموضوعية والأمانة . وكانت اللاسامية فيه فكرة صهيونية خبيثة معتدية بامتياز ..! لاقت رواجاً مغرضاً ظالماً عند الغربيين وبعضٍ من التوابع لهم .. ولكن الحق أبلج وسيأتي يومٌ يندم فيه الظالمون على كل ما فعلوه من جورٍ بحق أمة العرب والإسلام .. وهو قريبٌ إن شاء الله

   

المراجع :

1- الظلال ج- 1 ص69)، المعجم الوسيط ج- 2 ص998) ، دار الفكر.

2- تفسير فتح القدير محمد علي الشوكاني ج- 1 ص74)، دار الفكر.

3- تعريف (( مسؤول الشؤون الدينية في المؤتمر الشعبي اللبناني )) الصهيونية الأطماع واقتراحات المواجهة أ.د. أسعد السحمراني .

4- كتاب النبوءة والسياسة ص (9) .

5- فلسطين والمؤامرة الكبرى _ مصطفى الطحان _ ص(41) .

6- بيان نويهض الحوت، فلسطين (القضية ـ الشعب ـ الحضارة)، التاريخ السياسي من عهد الكنعانيين حتى 1917، بيروت، دار الاستقلال للدراسات والنشر، 1991 .

‏‏7- العهد القديم، سفر التكوين، اصحاح 9 ‏(‏20-27‏)‏ بتصرف‏‏.

‏‏8- جذور الفكر اليهودي، تاليف/ داؤد عبد العفو سنقرط، سلسلة ابناء يهوذا في الخفاء‏(‏1‏)‏ صـ 11-53 ، باختصار ، ط/ دار الفرقان ، ‏"‏الثانية‏"‏سنة‏:‏ 1408 هـ/ 1987م‏ ‏‏.‏

9- العهد القديم ، سفر التكوين _ 11/9 .

10- العهد القديم ، سفر التكوين – 17/21 .

11- اليهود في تاريخ الحضارات الاولى لغوستاف لوبون، نقلا عن ‏:‏ خطر اليهودية العالمية‏(‏ عبد الله التل‏)‏ صـ 22‏ .‏

12- كتاب النبوءة والسياسة ص 132 – 134

13- انظر: كتاب "العالم الإسلامي والاستعمار" للكاتب الكبير أنور الجندي، انظر: ج- 1 ص: (527).

14- للإطلاع على حياة سيدنا إبراهيم بدقة انظر كتاب "إبراهيم أبو الأنبياء" لعباس محمود العقاد وراجع مقاله في الصفحة(17) عن هجرة سيدنا إبراهيم، بيروت.

15- العهد القديم ، سفر التكوين _ 12: 6، 9 .

16- - بيت المقدس، ص81).

17- فلسطين الدرة المغتصبة، القسم الثاني، الغزالي.

18- نفاق اليهود ، مارتن لوثر - مصلح بروتستانتي .

19- المرجع السابق

20- المرجع السابق

21- المؤتمر الدستوري ، 1789 ، بنيامين فرانكلين _ أحد الاباء المؤسسين لأمركا .

22- المرجع السابق

23- المرجع السابق

24- الحرب باسم الله ، كارين آرمسترونج - راهبة وباحثة في نشأة الأصولية في الديانات .

25- العرب واليهود في التاريخ ، د . احمد سوسة .