أعضاء "الوطني" مواطنون درجة أولى
أعضاء "الوطني" مواطنون درجة أولى
محمد شوكت الملط
على طريقة الرئيس الأمريكى الأسبق " من ليس معنا فهو ضدنا " أطلق السيد صفوت الشريف الأمين العام للحزب الوطنى تصريحا من العيار الثقيل ، مضمونه أن من ينتمى للحزب الحاكم فهو المستفيد الأول من خيرات البلاد – وخاصة فى مجال الرعاية الصحية - ومن لاينضم فلا يلومن الا نفسه ، ففى عدد الجمعة الموافق 31/7/2009 من جريدة الجمهورية أعلن سيادته : أن الحزب علي وشك الانتهاء من توفير نظام للرعاية الصحية يتضمن توفير خدمات عدد كبير من الأطباء والمستشفيات بأسعار تفضيلية لأعضاء الحزب بالمحافظات ، وذلك من خلال بطاقة عضوية عليها شعار الحزب الحاكم يستفيد منها
العضو بنسبة خصومات هائلة فى دخول المستشفيات ومعامل التحاليل ومراكز الأشعة ، والكشف لدى كبارالأطباء ، وكذلك هناك خصومات كبيرة عند شراء الأدوية من الصيدليات .
وهذا الأمر فى حد ذاته أمر طيب لو اتسم بالعمومية لجميع المواطنين ، بغض النظر عن انتماء المواطن لهذا الحزب أو ذاك، ولكن هذا الوضع ربما يكون سببا فى تشرذم المجتمع المصرى وانقسامه الى طوائف وشرائح ليست مختلفة فحسب ، ولكنها متناحرة ، مما يثير الأحقاد والضغائن بين المواطنين ، وربما يتسبب ذلك فى أن تقوم كل طائفة – سياسية وليست نقابية – بمحاكاة هذه التجربة ، كحزب الوفد أو الناصريين أو حزب التجمع ، وهنا قد يقول الاخوان المسلون : ولماذا لانقوم بذلك أيضا ، ولماذا لايقولها الأقباط ، وهكذا دواليك .
وبالرغم من أن هذا الوضع يتناقض مع مبدأ المساواة الذى ينص عليه الدستور المصرى ، فانه يثير عدة تساؤلات ، منها توقيت هذا التصريح ، فى الوقت الذى انتشر فيه الفساد والرشاوى والمحسوبية ، والجرائم العجيبة التى لم يسمع عنها المجتمع المصرى الا فى حكايات ألف ليلة وليلة ،وكأن هذا التصريح صدر لمحاولة تجميل الصورة الحقيقية للحزب الحاكم أمام الرأى العام ،وأيضا لم يبين التصريح من الذى سيدفع فرق سعر الدواء أو دخول المستشفيات أو أتعاب الطباء وغيرها من المميزات ، هل هم رجال الأعمال المستفيدين من القروض البنكية والمميزات الإستثنائية ، أم
ستدفعها الحكومة النظيفة ، من الضرائب التى يدفعها جميع المواطنين ليستفيد بها أعضاء الحزب الوطنى المساكين ؟ ،وهل يأتى ذلك- من باب الترغيب والترهيب - لينضم الى الحزب الحاكم أكبر عدد ممكن من المواطنين ، حتى يتقبلوا ثم يهللوا لمشروع التوريث ؟ ، أم أن ذلك جاء تمهيدا لانتخابات مجلس الشعب القريبة جدا ؟ ، واذا كانت الحكومة الموقرة قادرة على القيام بهذا المشروع المحترم – فى حالة تطبيقه على جميع المواطنين- فلماذا سكتت دهرا ونطقت ... ، ولماذا لايأتى هذا المشروع من صاحب الاختصاص وهو مجلس الشعب ؟ بدلا من أن يأتى من الحزب الحاكم ، وكأنه هو صاحب
البلد وليس كل الشعب هو الصاحب .
إن مصر وشعبها يمران بفترة تاريخية عصيبة ، فالتحديات الداخلية كثيرة وتحتاج الى تضافر كل الجهود من كل المصريين دون استثناء ، وفى الجنوب حيث تعبث اسرائيل بمساعدة أمريكية وأوربية بأمن مصر من خلال تحريضها دول حوض النيل ضدنا ، والقادة الإسرائليون لايخفون كراهيتهم لمصر ، وكذلك طمعهم فى احتلال أراضيها – وبالأخص سيناء - ولايخفى على أحد تراجع دور مصر الريادى فى المنطقة – طبعا بفعل فاعل - ، فضلا عن أن وضعها الحالى بين دول العالم لا يلبى طموحات أبنائها ، لأن تاريخها الحضارى يشهد بشموخها على مر الأزمنة، وذلك يستتبع أن نكون – نحن المصريين
– على قلب رجل واحد ، وأن نلفظ التفرق والتشرذم ، وأن يتساوى جميع المصريين فى الحقوق والواجبات .