مهام خطيرة تنفذها سلطة عباس
أحمد الفلو /فلسطين
لعل ظهور فاروق قدومي امين سر حركة فتح على شاشة الجزيرة وكشفه لوثائق تتعلق باستخدام الإسرائيليين لمحمود عباس وربيبه دحلان أداة تنفيذ لتسميم ياسر عرفات وكذلك المشاركة في اغتيال المجاهد عبد العزيز الرنتيسي , لم يكن الأول من نوعه فقد سبق ذلك ظهور القيادي في حماس محمد نزال وعرض على الملأ وثائق أصلية عثرت عليها كتائب القسام في مقرات الأمن الوقائي والمخابرات التابعة لحركة فتح, تلك الوثائق لايشك في صدقيتها إلاّ مكابر عنيد وهي في مضامينها أخطر بكثير من اغتيال عرفات حيث كانت أجهزة الأمن تلك تعمل بطريقةغير مشروعة بعيداً عن رئيس الحكومة اسماعيل هنية.
وإذا كان الجزء المعروف أو المكشوف من الدور الذي تقوم به سلطة عباس فإنّ هناك أدواراً ومهام خفية أخطر مما يمنك لعقولنا أن تتصوره , وهذه المهام تتجاوز عمل جهاز المخابرات الفلسطينية بالإيجار لصالح المخابرات البريطانية والفرنسية بالتجسس على دول عربية وإسلامية عديدة مثل قيام المخابرات الفلسطينية في باكستان ببيع صور و معلومات عن المفاعل النووي الباكستاني وإرسال معلومات عن مصنع الشفاء السوداني ومحاولة اختراق المقاومة العراقية ومعلومات لصالح المخابرات البلجيكية عن عصبة الأنصار وحزب الله في لبنانإضافةً إلى التجسس على الجالية الفلسطينية في روسيا وعن تحركات الجماعات الشيشانية المسلحة, وكذلك التجسس على مجاهدي كشمير والحركات الجهادية في الصومال وأرتيريا وأوغادين, إن كل ما كشف عنه الأستاذ محمد نزال هو معلومات مؤكدة وصحيحة ولكنها أصبحت قديمة الآن لاسيما بعد ورود معلومات جديدة عن أدوار تجاوزت حدود المألوف, ويمكننا الكشف عن بعض تلك المهام :
المهمة الأولى: تشجيع النزعات الإنفصالية في الصحراء الغربية وذلك بإقامة صلات وثيقة مع جبهة البوليساريو حيث عقدت مجموعة من ضباط الأمن الفتحاويين عدة لقاءات مع قيادات البوليساريو في القاهرة والجزائر ونواكشوط وبشكل سري تحاشياً من انكشاف أمرهم للدول المغاربية خاصةً المملكة المغربية, وأن الهدف من إثارة قضية الصحراء هو زعزعة الاستقرار النسبي في المغرب لأن إدارة أوباما بحاجة ماسّة لموقف مغربي داعم لأي حل قادم لقضية فلسطين تفرضه تلك الإدارة خاصةً وأن المغرب له موقف صلب و مضاد للموقف الأمريكي بشأن موضوع القدس تحديداً, وبذلك فإن عصابات عباس تروم إلى تمليك الإدارة الأمريكية وإسرائيل ورقة ضغط فعالة للضغط على المغرب بحيث تتم المقايضة على أساس تهدئة الصحراء المغربية مقابل دعم المغرب للمشروع الصهيوني الأمريكي بشأن جعل القدس مدينة يهودية.
المهمة الثانية: هناك حقيقة مفادها عدم وجود أي علاقات فلسطينية كردية في فترة ما قبل الاحتلال الأمريكي للعراق 2003, ولكن مع بروز الجدية الأمريكية في عهد أوباما في تنفيذ نواياها بإقامة الدولة الفلسطينية المسخ , فقد أوكلت إدارة أوباما لمحمود عباس مهمة توطين اللاجئين الفلسطينيين الذين بقوا في العراق بحيث تستقبلهم الإدارة الكردية بزعامة برزاني على أراضي إقليم كردستان وبموافقة بل وإلحاح من السلطة وهذا يمهد الطريق إلى التخلص من مشكلة اللاجئين في بقية الدول العربية, ويأتي كل ذلك مترافقاً مع الخطوات الإنفصالية التي يقوم بها برزاني عن كيان الدولة العراقية عبر انتخابات ودستور وعلم وحدود مرسومة لأقليم كردستان, وفي ذات الوقت فإن نشوء الكيان الكردي المسخ سيكون شوكة في خاصرة تركيا وهي القوة الإسلامية الإقليمية التي قد تعترض طريق تسوية القضية الفلسطينية على حساب القدس, كما أن ذلك الكيان الكردي لابد أنه سيكون مصدر قلق وتحريض للأكراد في سوريا والتي لها اعتراضاتها على أي تسوية لا تمنح اللاجئين حق العودة وكذلك وقوفها سداً منيعاً ضد أي تفريط بالقدس, وهكذا فإن عصابة عباس تمهد للحل الإسرائيلي القادم.
المهمة الثالثة: إن الأردن يضم أكبر تواجد بشري للاجئين الفلسطينيين, لذا فإن العدو الإسرائيلي أقرَّ قانوناً يقضي بجعل الأردن وطناً بديلاً للفلسطينيين وهذا ما أثار استياء القيادة الأردنية ملكاً وحكومةً و برلماناً, خاصةً وأن هذا الطرح الخطير يأتي في ظل وجود عاملين أولهما وجود اتفاقية سلام (وادي عربة عام 1994) وثانيهما أن محمود عباس طالبَ مراراً بتوطين اللاجئين كما أنه يعتبر حق العودة غير واقعي , وبذلك فإن عباس يمارس سياسة الاستقواء بإسرائيل ضد الأردن أيضاً, والتمهيد لفرض التسوية الإسرائيلية على العرب.
المهمة الرابعة: إن المجازر التي ارتكبتها القوى اللبنانية الطائفية الحاقدة بالتحالف مع العدو الإسرائيلي ضد اللاجئين الفلسطينيين كان الهدف الرئيس منها هو الإبادة الجماعية الشاملة لهم في الوقت الذي لم تتمكن فيه قوات حركة فتح من حماية الشعب الفلسطيني مما أدى بعد ذلك إلى هجرة متسارعة منذ ذلك الحين إلى الدول الأوروبية وتدنت أعداد اللاجئين الفلسطينيين من حوالي 600 ألف لاجئ عام 1982 إلى حوالي 250 ألف لاجئ بعد عام 2000, وتقوم الآن سلطة عباس بإكمال مهمة تصفية قضية اللاجئين في لبنان حيث تتحالف سلطة عباس مع القوى الطائفية المجرمة التي ارتكبت كل تلك الفظائع حيث تربط عباس زكي ممثل عباس علاقات وثيقة بسمير جعجع و الجميل وبقية رموز المجازر وفي ذات الوقت الذي أنشأت فيه إدارة بوش صندوقاً لتعويض اللاجئين ومازال هذا الصندوق قائماً, بعد أن قطعت الإدارة الأمريكية السابقة والحالية وعوداً على نفسها أمام القادة الصهاينة بتصفية قضية اللاجئين وحلها عن طريق منح التعويضات لهم ولا مانع من رشوة بعشرات الملايين لكثير من قادة الأحزاب الطائفية اللبنانية لضمان سكوتهم عن مشروع التوطين .
وهذا ما يفسر العلاقة الحميمة بين عباس زكي وقادة الأحزاب المعادية للفلسطينيين, وهذا أيضاً ما يفسر ذلك الجفاء الذي تبديه قوى الغالبية أو المستقبل تجاه حركة حماس على الرغم من تيقن تلك القوى بأن حركة حماس هي التي تقف ضد التوطين وأن عباس وسلطته هم الذين يعملون على إسقاط حق العودة وتكريس التوطين, ولكن يبدو أن للمال الأمريكي نكهة وطعم ورائحة تجذب قادة تيار المستقبل و الطائفية أكثر مما تجذبهم نار المقاومة.
إن خطورة الأدوار التخريبية والمضادة لمصالح الشعب الفلسطيني التي تقوم بها سلطة عباس باعتبارها أداة منفذة إنما تهدف لإخلاء الطريق نحو الدويلة الفلسطينية المسخ , نقول أن هذه المخاطر تجاوزت الساحة الفلسطينية إلى انتهاك الأمن القومي العربي وخرق السيادة الإقليمية للدول العربية, والأعجب من ذلك كله الصمت العربي المطبق عن ممارسات المجرم عباس وأزلامه, بل توطؤ بعض هذه الأنظمة لتمرير مؤامرة الحل النهائي لقضيتي القدس واللاجئين .