العنصرية ضد الإسلام في الغرب
العنصرية ضد الإسلام في الغرب
فكر موروث
د. محمد رحال /السويد
تتصاعد وتيرة الفكر العنصري ضد المسلمين وبوتيرة عليا في العالم الغربي وغيره ومعه يتصاعد الخطاب المضاد للعنصرية ضد الاسلام والدعوة الى وقف العنصرية ضد الاسلام والمسلمين , وياتي ذلك خاصة بعد قتل شهيدة الحجاب مروة الشربيني على يد سفاح في مدينة تعتبر من اشهر مدن اوربا الشرقية سابقا , والتي كان العالم الاشتراكي يتغنى بانسانية اهلها واشتراكيتهم والفردوس الذي كانوا يعيشون فيه , والتي انقلب سحر الاشتراكية فيها على الساحر الشيوعي , واضحت من اكبر رموز اليمين الالماني , ونسي اصحاب هذا الخطاب ضد العنصرية الاوروبية ان الفكر العنصري الاوروبي هو ثقافة وفكر موروث يدرس في جامعاتها , ويخاطب به القساوسة المؤمنين في كنائسهم, وهذا ليس منذ وقت قريب , وانما منذ ان ظهر رسول النور برسالته في المدينة التي نورها الله بهدي المصطفى عليه السلام وطاف شعاعها وعمّ العالم , وتاريخ هذا العداء العنصري والذي يرتدي طابع الحروب المقدسة تارة والتي اسفرت عن حروب اسماها باباوات الفاتيكان بالحروب الصليبية المقدسة , واجتمع فيها ملوك الغرب جميعهم واسفرت عن جيوش جرارة اكلت في طريقها الاخضر واليابس , ونالت من مسيحيي الشرق قبل مسلميه , وباسم الصليب ايضا , وادبيات فرسان الهيكل التي تركوها ورائهم , وغيرهم ممن ترك من كتابات وصفت كيف هاجم الغرب بجيوشه الجرارة على الشرق الكافر كما يطلقون عليه من اسماء مازالت تستعمل حتى اليوم , وكيف ابادوا سكانه , وكيف كانوا يجمعوا اطفال المسلمين في قدور ضخمة ويطبخونهم احياء تقربا الى الله والى المسيح , ويذكر التاريخ ان مناطق باكملها ابيد سكانها ومنها مناطق في معرة النعمان والتي كانت من اكبر حضارات الشرق الاسلامية وحواضره , وكيف قتل حملة الصليب المقدس وفرسانه اكثر من مائتي الف من سكانها , واحرقت الغابات بمن فر من مذابح القتل على يد المؤمنين من اتباع الكنيسة الاوروبية .
ولعله من اكبر الكتابات التاريخية ظلما ان يقال ان عدد الحملات الصليبية هي تسع او عشر , وذلك لان هذه الحملات تتالت حتى بلغت المئآت في حراك عنصري عقدي ضد الاسلام , ونسي كتاب التاريخ ان اسبانيا لم تسقط ثانية في احضان الغرب الصليبي المتعصب الا من خلال حروب صليبية شديدة انتهت باستئصال الاسلام من قلوب وعقول اصحابه من خلال محاكم التفتيش السيئة الصيت والتي مازال حكام اسبانيا يحتفلوا بها حتى اليوم من يمين ويسار.
والحملات المتراكمة على الشمال الافريقي عبر مئآت السنين لم يمر عليها كتاب التاريخ الا لماما , وهي التي شهدت حروب خطف وقتل واحتلال لعدد من تلك البلدان الاسلامية والتي آمن الحجر فيهاقبل البشر برسالة التوحيد الاسلامية والتي من المفروض ان يحترم الغرب هذه الرسالة لسمو دعوتها والتقائها على الاقل معهم في حب المسيح وامه الطاهرة البتول وحب حوارييه , ولكن هذا لم يشفع ابدا للمسلمين ولم تزد الايام هذه العنصرية الا اشتعالا وحربها الا ضراما , ولولا ان قيض الله لامتنا سلاطين الدولة العثمانية الاوائل قبل ان يغزوها فكر التتريك , وكانت عونا للاسلام ودرعا صد عن امتنا غوائل المرض العنصري وطوفان العداء الغربي على امتنا , وقضت بجنودها على العشرات من تلك الحملات الصليبية , بل تحولت تلك الدولة الوليدة الى قوة دكت الغرب وحصونه وهددت اكبر عواصمه الامبراطورية , ونشرت الاسلام في العديد من بلاد الغرب بعد ان كانت من معاقل المد العنصري القائم على الحروب الصليبية المقدسة ضد المسلمين .
وهذا العداء العنصري ضد المسلمين لم يشمل فقط الطرف الاوروبي الغربي وانما امتد شرره الى البلاد الاسلامية في الشرق الاوروبي وفي بلاد القفقاس والتتار والخزر وغيرها وعلى يد نفس المجموعات المتعصبة , وامتدت يد الحرق والاجرام من اجل استئصال شعوب اسلامية كاملة , ومشكلة الشيشان والشركس والافخاذيون والاذريون والتتار ليست ببعيدة عن عيوننا خاصة وان اعدادا ضخمة من ضحايا هذا الغزو العنصري فروا بانفسهم ودينهم الى بلاد الشرق الاسلامي ليحتموا باهلها وارضها وكونوا في بلاد المشرق طبقة مثقفة ومتعلمة ومميزة باسلامها ورقيها وثقافتها , لتضيف الى جداول امتنا الثرة مزيدا من الثراء والاغناء وتجدد الكثير من المفاهيم الغائبة .
ومالم يذكره المؤرخون هي تلك الحملات الصليبية التي قدمت الى البلدان الافريقية وقتلت اهلها واسرت شبانها وقادتهم في قوارب العبودية والاسر الى الدول الامريكية لتحولهم الى عبيد ارقاء بعد ان اذاقتهم ويلات العبودية والذل والجوع , ولتجعل منهم الطبقة العاملة والتي تعمل من اجل تأليه الرجل الابيض الامريكي وكان ذلك بعلم الكنسية الاوروبية وتحت سمعها وبصرها ,وكانت مآسي تلك البلاد الافريقية والتي مزقها اختطاف ابنائها وهدها سيف التجويع , كانت مآسي غابت عنها ادبيات الكتب وعيون المؤرخين , ونكاية بالاسلام فقد نسبت هذه المآسي ظلما وبهتانا وفجورا الى امتنا العربية والاسلامية , في نفس الوقت الذي كانت فيه امتنا تعاني من نفس المصير الافريقي وبصورة اكثر ظلما وقسوة , وحملّ العرب جريرة استرقاق احرار افريقيا , في الوقت الذي كان فيه الغرب هم ملاك السفن وهم الذين استعبدوا دول الامريكيتين , وهم اصحاب تجارة مستعمرات القطن , وهم نفسهم القوات التي كانت تقوم بالخطف .
ولم يكن حال الشرق الاسيوي باحسن حال من سابقيه , فمآسي المسلمين في الهند وبورما والفليبين واندونسيا وكمبوديا وغيرها هي مآس اكثر ظلما وقتامة حيث كانت العنصرية تجمع الجيوش من اجل حش رؤوس اطفال المسلمين واسترقاق نسائهم , فاين كان الضمير الانساني حينذاك , وجريمة الاسلام كانت دائما انه دين جاء من اجل اخراج الانسان من عبودية العباد الى عبادة رب الارباب , ومساواة الناس .
واستمرت هذه الحروب بعد عصر مايسمى بعصر النهضة واحتلت البلاد العربية والاسلامية من قبل تلك الجيوش والدول العنصرية احتلالا مباشرا , وساهمت حركة الجهاد التي استعرت في نفوس الكثير من ابناء الامة الاسلامية ولذلك فقد جمع الغرب جيوشه , ولم فلوله مغادرا بلداننا بعد ان فرخ في هذه البلدان فكرا تابعا له ومنهزما وعلى حساب فكرنا الوطني والاسلامي.
ولم يرتح الغرب العنصري ابدا في حروبه الصليبية المستمرة , بل كان يخطط لنا ليل نهار وامتنا نائمة مستريحة لاتدر ماذا يحيك الغرب لها , وكان ان ورّث الغرب احتلاله لانظمة تابعة له عميلة تتلقى اوامرها منه , وتحت اسم بغيض يدعى ظلما وبهتانا باسم الحكومات الوطنية , وكم كانت تلك الحكومات الوطنية عدوة لامتها , وكم كانت وما زالت عميلة سليبة لاتملك من قرار الا مجموعات من الاوامر تترجم الى العربية وتلقى على سمع الحكام من العرب والدول الاسلامية الاخرى , ثم لتتحول وبقدرة قادر الى دساتير وقوانين زادت من ذل امتنا وضياع عروبتنا وزياد هواننا على الامم حتى ان احقر امم الارض صارت تتحكم في شؤننا وتظلم امتنا وتنال منها في غفلة من الامة ورضى من حكام ارتضوا الذلة لانفسهم قبل ان يرتضوها لغيرهم .
وما زاد في هذه العنصرية هي تلك الاعداد البشرية الكثيرة , والتي درست الفكر الغربي على يد المستشرقين وكتاباتهم فشربوا الحقد على الاسلام ورضعوا حب الغرب وعبوديته ووجهوا سهامهم المسمومة الى قلب امتنا وغرزوا وبكل لئم خنجر الغدر في ظهرها فنالوا من نبيها ورسالته واهله وصحابته واهل بيته وشوهوا حقائق الاسلام , والمصيبة انهم يعرفوا ان مراجعهم كاذبة , وحججهم باطلة , والمصيبة الاكبر ان من ساعدهم في هذا الترويج حاكم خائن , او شيخ جاهل , او سلطان غافل , او صبية فكر ضال مراهقون حملوا غبار العنصرية وقيحها على ظهورهم كالحمار يحمل اسفارا وصبوه في ديارنا علقما وحميما , وكانت هذه الحرب هي من اعتى الحروب الصليبية التي ابتلي بها عقل امتنا وجسدها المريض , والشفاء منها بلغ حد الاستحالة بعد ان صار القيح زبدا طاف في الجرائد والصحف والفضائيات , وتحولت الاسماء وتبدلت المفاهيم وسجن اصحاب الرأي وصلب اهل الكرامة , وطورد اصحاب العقول , وسيطر المجون على امة بعث نبيها من اجل اتمام مكارم الاخلاق فيها .
وبقتل مروة الشربيني اليوم والتي سماها العالم شهيدة الحجاب , فان القتل لم يكن مصدره حجابها , فهذا الميز المستشري في الغرب والذي يطال العرب والمسلمين محجبات وسافرات كل على حد سواء, ويطال حتى الاطفال الصغار والذين لم تتكون لديهم اي رؤية او ايمان بعد للاسلام او العروبة , وانما هو الصورة النمطية للفكر الغربي الذي نتعايش معه , وواقع الحال الذي نعيشه نحن في هذا الغرب العنصري من طغيان هذا الميز وتفاقمه في بلدان قامت قوانينها على الديمقراطية والحرية والمساواة, وهو ميز يشمل كافة مناهج الحياة وفروعها وبدأ حتى النيامى من ابناء الجالية يحسون بهذا الميز والذي امتد الى القضاء والمدارس واماكن السكن ومجالات العمل , وهي صورة كشفها احتلال العراق لهذا الغرب العنصري والذي تفاخر بقتل اطفال الفلوجة بالعشرات وادعي ناطق الحرية الامريكي انهم قوات معادية , ولا يختلف التفسير عما يجري في الباكستان او افغانستان او فلسطين او الصومال او الشيشان او الصين , وفي كل مرة يجد دعاة العنصرية الغربية اسلحة محلية من بين ظهرانينا تقاتل عنهم وتحمي ظهورهم , وتزودهم بالشراب والطعام والغذاء والدواء والملجأ وحتى نساء الليل من اجل متعتهم .
والاخلاق العنصرية الاوروبية والتي تميز بين حجاب مروة الشربيني والذي يرمز للارهاب العربي والمسلم بنظرهم , وبين الحجاب الذي تصور فيه ام المسيح عليها السلام , هي نفس الاخلاق التي تصور اللباس العربي ومن تحته الذيل العربي والتي تميزه عن نفس الثوب الذي كان المسيح عليه السلام يلبسه , فالطهارة والاخلاق لدى الغرب هي طهارة واخلاق لها مقاييس تختلف عن مقاييس الطهارة والاخلاق التي شرعها الله , وذلك لان الاخلاق والطهارة والفكر في الغرب تقاس على اسس عنصرية واضحة المعالم , وفظائع الاحتلال في العراق وخاصة السلوكيات الشاذة المقصودة تعبر عن مدى الاحتقار العنصري الذي يحمله الغرب لنا ومدى الخطط المهينة التي يرسمها هذا الغرب لرموزنا والتي كان اخرها اجتماع الاعلام الغربي الديمقراطي الحر على تشويه الصورة المثالية والحقيقية لرسول النور المحمدي , وهذه الاعمال اللا اخلاقية والذي يسجن فاعلها في الغرب باقصى العقوبات , في الوقت الذي يكافأ فيه فاعلها منهم في بلداننا , ولهذا اقول ان العنصرية في الغرب ضد الاسلام هي سياسة ودراسة وفكر وعقيدة وايمان , ومروة الشربيني ليست اول ضحاياه ولن تكون اخره , فسلسلة الاجرام العنصري على المسلمين لاتنقض وهذا العداء هو عداء موروث موروث موروث تقام عليه الدول وتشن باسمه الحروب علينا وبمالنا ورجالنا وغازنا ونفطنا من اجل نفضنا والاستراحة منا وحاملين لمبدأ بدهنهم نقليهم .