عروض صيفية مغرية
في القاهرة ورام الله
أحمد الفلو /فلسطين
يبدو أن كل ذلك الكم الهائل من أعمال السخرة والخدمات الإجبارية والطوعية وعروض التخفيضات الدائمة على مدار العام والتي يقدمها الثنائي مبارك عباس للإدارة الأمريكية و إسرائيل لم تعد كافية ولا مشجعة في نظر هاتين الأخيرتين لتحفيزهما على القيام ببذل الجهود لتثبيت خادميهما الأكثر عبودية كلا ًمنهما على كرسي الحكم, بل أضحى من اللازم والضروري على ذلك الثنائي تقديم عروض إضافية موسمية يمكن تصنيفها على أنها من فئة الخدمات الاستثنائية والطارئة المتعلقة بتنفيذ مهام عسكرية واستخباراتية محدودة لمصلحة الأمريكان والإسرائيليين .
ولم يكتفِ حاكم مصر بما قام به أواخر عام 1990 حين أصرّ على عدم إعطاء أي فرصة لجهود الراحل الملك حسين لإقناع العراق بالانسحاب من الكويت بل إنه أحبط مبارك أي جهد سلمي عربي آخر لحل الأزمة حينئذٍ ليجر العرب إلى ويلات الحرب ويجلب الدمار لعراقنا الحبيب, إضافةً إلى توقيع اتفاقيات الكويز التي تم بموجبها حشر الاقتصاد المصري بين تروس الآلة الاقتصادية الرأسمالية الربوية الصهيو- أمريكية على حساب قوت الفقراء المصريين الغلابة, ناهيك عن الدعم اللوجستي للطائرات الأمريكية التي قصفت مصنع الشفاء في السودان, والأدهى من كل ذلك مساندة العدو الإسرائيلي في قتله للفلسطينيين وفتح الأجواء المصرية خلال حرب الفرقان لتحليق الطائرات الإسرائيلية للالتفاف على قطاع غزة وقصفه من جهتي الغرب والجنوب.
لعل كل ما ذكرناه آنفاً يدخل في نطاق الخدمات الروتينية اليومية لنظام حاكم مصر أما العروض الترويجية الاستثنائية فإن :
أخطرها و أولها السماح بعبور الغواصات والسفن الإسرائيلية الحاملة للصواريخ ذات الرؤوس النووية بعيدة المدى باتجاه البحر الأحمر قبل أيام ويأتي ذلك توطئة ً للهجوم على المفاعل النووي الإيراني, و الهدف الآخر هو مراقبة تحركات السفن التي تقوم بتهريب السلاح إلى حركة حماس من السودان ثم إلى قطاع غزة عبر البحر الأحمر.
وثاني تلك العروض هو الإعداد والتدريب العسكري لحثالات عباس ودحلان وتزويدهم بالدبابات والآليات لاقتحام قطاع غزة, وكما يقول دحلان مؤخراً بأن العملية لن تستغرق أكثر من ساعتين نظراً لأن الشعب الفلسطيني في القطاع متلهف لاحتضان زعرانه و مرتزقته وأنهم على أحرّ من الجمر لاستقبال قطعان اللصوص و رميهم بالورود كما يدّعي دحلان .
أما ثالث تلك العروض الاستثنائية الصيفية فهو اشتداد عمليات السرقة والسطو التي تمارسها شخصيات نافذة في النظام المصري للمساعدات الإنسانية الغذائية والدوائية الصالحة التي قدمتها دول العالم لأهلي قطاع غزة و من ثم بيعها في المدن المصرية وجني الأرباح, أما باقي المواد التموينية فبعد حجزها وتركها في ظروف جوية ومكانية غير ملائمة فإنها قد تلفت ولم تعد صالحة للاستهلاك الآدمي بعد منع إدخالها إلى أطفال غزة فإنه يتم الآن حرقها وإتلافها أمام العالم كله, ثم يطل علينا أزلام النظام المصري ليقولوا حماس تكذب وأن معبر رفح مفتوح ومصر لا تتخلى عن الفلسطينيين بل وتساندهم .
ورابع تلك العروض يشمل الترويج الرخيص لإعادة العلاقات العربية مع نظام مسوخ الصهاينة في العراق حيث تم تكليف موظف الخارجية المصرية عمرو موسى للقيام بتلك المهمة الجليلة, وزيادة ًعلى ذلك كله محاولات تشويه الدور القومي لسوريا والحملات الإعلامية الهابطة والتحريض ضد احتضان سوريا للمقاومة العراقية واللبنانية و الفلسطينية ذلك لأن تلك السياسات لا تروق للنظام المصري الحليف لإسرائيل والمعادي للمقاومة, بينما يريد النظام المصري الحفاظ على المنطقة العربية خالية من أي عقبات أو شوائب تعكر صفو أمريكا وإسرائيل.
أما حاكم رام الله فإنه قد فتح الأوكازيون الصيفي بعروض مبهرة لم يكن أوباما و لا نتنياهو يحلمان بها :
وأول هذه العروض الصيفية كان تصعيد حملات القمع والاغتيال والذبح ضد كل المقاومين والشرفاء , وبكل تأكيد فإن عباس وعصابته اللئيمة يمهدون لظروف مواتية لكي يتمكنوا من تصفية القضية الفلسطينية برمتها بحيث تستولي إسرائيل على القدس كاملة ويتم التنازل عن عودة اللاجئين ودون أي مقاومة مقابل أن يبقى هو حاكما ً لرام الله و تنعم عصابته بما يجود عليهم به الكرم الدايتوني الأصيل من دولارات .
أما ثاني هذه العروض الصيفية المجانية لعباس فهي دعوته لعقد المؤتمر السادس لحركة فتح في رام الله واستبعاد القادة والكوادر الوطنية الشريفة, وليس ذلك سوى سعي أكيد لتفجير حركة فتح من الداخل وتفتيتها وقتل روح المقاومة فيها بعد أن تم تفخيخها بمئات الألغام وتكبيلها بالجواسيس والمرتزقة .
وربما يكون ثالث هذه العروض هو القيام بحملة تسويقية لنظام البشمركة الكردي الانفصالي في شمال العراق حيث قام المدعو عباس قبل شهور بزيارة أربيل و حصل على بعض عروض المشاريع الإنشائية لصالح شركات أولاده طارق و ياسر في مناطق الانفصال الكردية وأعقب ذلك زيارة قام بها جبريل الرجوب برفقة القسوس ممثل عباس في بغداد الشهر الفائت لزعيم البشمركة الكردية بارزاني لتفقد أعمال المقاولات و تبادل الخبرات الأمنية فيما يتعلق بالتنسيق الأمني مع العدو الإسرائيلي الذي تمارسه كل من سلطتي الانفصال في أربيل ورام الله .
وفيما يتعلق بالعرض الرابع فهو القيام باعتقال أي أسير حمساوي محرر من السجون الإسرائيلية حيث تقوم قوات البشمركة الدايتونية بانتظار الأسير عند أول الشارع المؤدي إلى منزله أو مداهمة منزله وانتزاعه من بين أهله في اليوم الذي يلي الإفراج عنه, ويأتي ذلك كخدمةً تطوعية يحاول من خلالها عباس أن يثبت بوضوح بأنه شعرة أصيلة في ذَنَب الخنزير الصهيوني لا أكثر.
إن ما تقوم به أنظمة العار المتصهينة من تفريط بمصالح الشعوب والمتاجرة بقضايا الأمة المصيرية لم يعد خافياً بل اتخذ مساراً أكثر جرأة و وقاحة وإلى درجةٍ بالغة الخطورة أضحت فيها أمتنا وأرضنا و كرامة شعوبنا في مهب الريح فقط من أجل أن ديمومة و بقاء حكام الردة هؤلاء على كراسيهم و إطالة مكوثهم في قصور الرئاسة السوداء, وللمرء أن يلاحظ أنه كلما حققت المقاومة الإسلامية تقدماً ونصراً فإن هؤلاء الحكام يقدمون عروضاً و تنزيلات أكثر إغراءً وجذباً للعدو الإسرائيلي وكأنهم في منافسة تجارية يعرضون من خلالها مواهبهم المبتذلة , ولكن المشهد يبدو واضحاً في الآية الكريمة : {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجَرِمِيهَا لِيَمْكُرُواْ فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ }الأنعام123