أليس جريمة أن يتم اختصار شعب وبلد في شخص واحد
أليس جريمة أن يتم اختصار شعب وبلد
في شخص واحد
طريف السيد عيسى
من المتعارف عليه أن الدولة كيان يعبر عن مجتمع بأكمله ,والسلطة هي رأس الدولة بموجب الدستور ولا يجوز بأي شكل من الأشكال أن تكون كافة مؤسسات الدولة وخاصة الأمنية فوق الدستور .
ولكن في بلد مثل سورية الذي يحكم بقانون الطوارئ والأحكام العرفية والحزب القائد للدولة والمجتمع حيث تحولت سورية الى كيان تتمركز فيه السلطات بيد فئة معينة فهي الدستور وهي القانون وفي فلكها يدور الشعب.
بهذه العقلية الاستبدادية تحولت سورية الى دولة شخصية فكل الأنشطة والتصرفات تصب في مصلحة الحاكم الفرد المستبد .
والقضية لاتنتهي عند رأس الدولة المستبد بل تعدى الأمر الى كل المنتفعين من سياسة القهر والظلم والذين يدورون في فلك السلطة المستبدة , فولائهم لهذه السلطة يكون بقدر المنافع التي تعود عليهم وبذلك يكون كل همهم ترسيخ شخصنة الدولة لتصبح عبادة الفرد جزء مهم لاثبات الوطنية .
وبفضل الاستبداد تم تقزيم المؤسسات وقتل ارادة الشعب تحت شعار ( يمنع منعا باتا الحديث عن كل شئ فيه انتقاد لتصرفات الدولة ومؤسساتها ) وكل من تسول له نفسه الحديث خارج دائرة الدولة الأمنية يعتبر خارجا على الدستور ويعتبر عمله طعنا في ظهر الوطن وتوهين للروح الوطنية ومن يصر فلن يكون مصيره الا مكافأته بحرمانه من الحقوق المدنية أو أن يترك لهم البلد يعيثون فيها فسادا أو الاعتقال ومن ثم محاكمته في محاكم أمنية وطبعا لايستغرب أحد بالتهم الجاهزة من قبل أجهزة الأمن والمخابرات السبعة عشر على أقل تقدير.
نعم منذ فجر الثامن من أذار عام 1963 تحولت سورية الى دولة ذات شأن خاص تعود ملكيتها لفئة معينة ولحزب معين ومن حقهم التصرف المطلق في ملكيتهم كما يشاؤون ومتى يشاؤون دون السماح لأحد بالاعتراض لان صاحب الملك حر بممتلكاته ( من حكم بماله فما ظلم ) .
ولم يتوقف الأمر عند هذه الفئة بل تعداه لتصبح حالة الاستبداد حالة جماعية حيث سمح لفئة معينة أن تتحكم بمصير بلد وشعب وأصبحت كل مفاصل الدولة بيدهم وتحت سيطرتهم فانعدمت العلاقة الدستورية بين الحاكم والمحكوم لتحل محلها العلاقة الشخصية .
وليضبط هذا النظام ايقاع الاستبداد والظلم والقهر فليس له الا الانغلاق على نفسه ولاينفتح ويحاور الا الاعداء أما الشعب فله ستين جهنم .
وكي يستمر النظام بهذه السياسة فلابد من تسليم الأمانة ليد أمينة تؤمن بنفس النهج وعن طريق عملية توريث واستنساخ لرأس الدولة ولافرق بين أن يتم ذلك بتزوير الدستور أو بانتخابات وهمية والقيادة الجديدة لاتملك أي رؤية اصلاحية لانها انشطار عن الخلية الأصلية.
قد يرد أحدهم ويقول اذا كان هذا هو وضع سورية فمن الذي يؤدي عملية ادارة الدولة وخدمة المجتمع وكيف تسير الأمور , فنقول ان الاستمرار في التسلط والاستبداد يتطلب أن تقوم الدولة بعملها من أجل ضمان بقائها في السلطة وبغير ذلك تنهار لانه يستحيل لأي دولة أن تستمر دون توفر الحد الأدنى من توفير الخدمات للمجتمع .
وقد يحتج البعض أيضا حول تصوير الوضع في سورية بهذه الصورة فهاهي الجبهة الوطنية التقدمية ( الكرتونية الوهمية ) وهاهي النقابات الى ماهناك من صور خلبية عن حرية زائفة , فلهؤلاء نقول ان كل هذه الأحزاب والمؤسسات مفرغة من القدرة على العمل الشعبي الحقيقي لانها مملوكة وبامتياز من قبل البعث الحاكم.
ان عملية تشخيص الدولة ضرب كل مكونات الشعب السوري وبالتالي تم القضاء على أي تفكير للعمل الجماعي المؤسساتي العلني والهدف من وراء ذلك تشتيت الشعب وجعل العمل الجماعي أمر مستحيل في ظل هذا النظام الشخصي مما جعل العمل الشعبي مقتصر على أفراد وهذا بحد ذاته يجعل الفرد ضعيفا مهما امتلك من الأمكانيات .
ورغم كل ذلك على شعبنا الحر والأبي على مستوى الأفراد والكيانات أن يدركوا حقيقة لابد منها أن الاستبداد والظلم لايبقى قويا الا بقدر مانكون متفرقين , وهذا يدعونا للمبادرة للعمل الجاد لانتزاع حقوقنا بعيدا عن كل أشكال الاستجداء وسيبطش النظام كعادته ولكن لايوجد في التاريخ شعبا حصل على حقوقه بدون تضحيات فالحرية ثمنها غال والذل والهوان ايضا ثمنه غال ولكن قيمة الانسان وحقوقه هي الثمن .
فيا أحرار سورية تقدموا الصفوف واكسروا الجليد وحالة الجمود التي وضعنا فيها هذا النظام قبل أن ندفع بلدنا بالكامل وعندها لايفيدنا عض الشفاه ولا ينفعنا الندم .
20 – 1 - 2005