عالم عبد الوهاب المسيرى فى حوار نقدى
عالم عبد الوهاب المسيرى فى حوار نقدى
لم يحظ كاتب مصرى فى حياته بتكريم كالذى توجه به مفكرون وكتاب عرب وأجانب فى الاونة الاخيرة الى الكاتب المصرى عبد الوهاب المسيرى مؤلف موسوعة "اليهود واليهودية والصهيونية" وترجم عمليا فى كتاب من 1130 صفحة.
والكتاب الذى أصدرته دار الشروق بالقاهرة فى مجلدين من القطع الكبير حمل عنوان "فى عالم عبد الوهاب المسيرى ..حوار نقدى حضاري" ويعد محصلة لدراسات كتبها أكثر من 80 مؤرخا ومفكرا عربيا وأجنبيا ينتمون لمعظم التيارات الفكرية من ماركسية وليبرالية واسلامية عن المسيرى وأفكاره وانتاجه الغزير.
ففى مقدمة المجلد الاول قال الكاتب المصرى محمد حسنين هيكل ان الكتاب "رد تحية واجب. المسيرى حيا عصره وزمانه وأمته بعمل جامع قدمه للمكتبة العربية على شكل موسوعة كاملة عن "اليهود واليهودية والصهيونية".
اذا كانت موسوعة عبد الوهاب المسيرى تحية للعصر والزمن فان هذا الكتاب بجهد وقيمة المشاركين فيه رد تحية لرجل أعطى أحلى سنوات عمره حاملا عبئا علميا وبحثيا وتنظيميا وماليا اقتص ضرائبه من شبابه ومن صحته ثم جاء هذا العمل الموسوعى يطغى ويزيح ويفرض نظامه الحديدى على رجل أقبل عليه ورضى بمسؤوليته بحماسة شديدة وبحب.
وأشار هيكل الى أن العقل والفعل العربيين كانا "فى حاجة الى هذا المرجع لقيمته المعرفية أولا ولقيمته السياسية ثانيا والسبب أن هذا المرجع كشاف قوى موجه باتساع كبير وتركيز شديد الى ساحة دار عليها صراع من أخطر وأعنف ما عرفته الامة العربية طوال تاريخها وهو صراع انقضى من عمره حتى الان قرن بكامله".
وحرر الكتاب أستاذ الفلسفة بجامعة القاهرة أحمد عبد الحليم عطية الذى شدد فى مقدمة المجلد الاول على أن الكتاب "حوارى نقدى حضارى يسعى الى تأسيس تقاليد للحوار الفكرى فى ثقافتنا العربية المعاصرة التى منيت فى العقود الاخيرة بافة الصوت الواحد والرأى الواحد والذى عادة ما يكون صوت السلطة ورأى التراث والتقاليد".
وأضاف أن المشاركين فى الكتاب يؤمنون بقيمة الجهد المعرفى فى أعمال المسيرى وبعضهم يختلف معه ولكنهم يشاركون فى "تأسيس وعى سياسى وحضارى عربى بمشكلاتنا وعلاقاتنا بالغرب وبمواجهتنا للصهيونية".
ويتناول المجلد الاول الاطار النظرى لافكار المسيرى واجتهاداته التحليلية النقدية مع التركيز على القضايا التى عنيت بها الموسوعة مثل "الفكر الصهيوني" و"الشخصية اليهودية" و"الصلة بين الصهيونية والنازية".
أما المجلد الثانى فيضم "دراسات وشهادات" عن اجتهادات المسيري.
المسيرى الذى اشتهر بدراساته عما يطلق عليه الظاهرة الصهيونية كان يعمل أستاذا للادب الانجليزى بجامعة عين شمس المصرية بعد حصوله على الدكتوراه من جامعة رتجرز الامريكية عام 1969 عن دراسته المقارنة بين الشاعرين الانجليزى وليام ووردزورث 1770 - 1850 والامريكى والت ويتمان 1819 - 1892 .
وكتب المسيرى عددا من الدراسات عن اليهود واسرائيل والصهيونية خلال أكثر من ثلاثين عاما منها /نهاية التاريخ.. مقدمة لدراسة بنية الفكر الصهيونى عام1972 و"موسوعة المفاهيم والمصطلحات الصهيونية.. رؤية نقدية" عام 1975 .
واخر أعماله موسوعة ميسرة عنوانها "اليهود واليهودية والصهيونية" فى مجلدين يلخصان موسوعته التى صدرت بالعنوان نفسه عام 1999 فى ثمانية مجلدات.
وفى الكتاب التكريمى يقول المؤرخ الامريكى كافين رايلى تحت عنوان "مفكر عربى فى سياق عالمي" ان المسيرى يقف "فى مصاف المنظرين المبدعين فى مجالى الدين والمجتمع جنبا الى جنب مع أسماء مرموقة من قبيل ابن خلدون وماكس فيبر واميل دوركهايم".
وقال ان المسيرى أثناء عمله مستشارا ثقافيا للوفد الدائم لجامعة الدول العربية لدى هيئة الامم المتحدة بنيويورك 1975 - 1979 نشر فى الولايات المتحدة بالانجليزية عام 1977 كتابه "أرض الميعاد.. فى نقد الصهيونية السياسية" كاشفا الاصول المعادية للسامية لدى الحركة الصهيونية وبرنامجها.
كثيرا ما حملت كتاباته صفات نبوئية ففى أوائل السبعينيات كتب عن "نهاية التاريخ" بوصفها جوهر الصهيونية وكان ذلك قبل ما يربو على عقد من السنوات من استخدام فرانسيس فوكوياما لهذا المصطلح الذى جعل من "نهاية التاريخ مجازا للسياسة الحديثة".
وكافين رايلى الذى يرأس جمعية دراسات تاريخ العالم بالولايات المتحدة هو مؤلف كتاب "الغرب والعالم" الذى صدر فى مجلدين عام 1985 عن عالم المعرفة بالكويت بترجمة هدى حجازى وعبد الوهاب المسيري.