البطالة في المجتمع العراقي
السيد محمد حبيب غالي
تعتبر ظاهرة البطالة من أسوأ الظواهر الاجتماعية لدي شعوب العالم ككل , حيث تحاول هذه الشعوب بشتي الطرق والوسائل عدم الاقتراب اليها او القضاء علي هذه الآفة الاجتماعية التي ما ان أصابت مجتمعا معينا الا وارتدت به نحو التخلف والفقر والارهاب وتحطم افراده وتقلبه رأسا علي عقب وغير ذلك من اضرار تندرج تحت نتائج البطالة .
ويعتبر العراق في مقدمة اكثر الدول التي يحتضن هذه الآفة الاجتماعية والاقتصادية حيث ان هذه الظاهرة ليست جديدة كما يظن بعضهم, وانها انتشرت في الآونة الأخيرة اي بعد سقوط النظام في عام 2003 , وكأنما كان الشباب العراقي قبل تلك المدة يتمتعون بمميزات عالية تميزهم علي بقية العالم من أعمال وخبرات ومهارات في جميع المجالات , حيث ربما يمكن الاتفاق مع هذه الفكرة ولكن ليس بكل المجالات وانما في مجال واحد وهو ان الشباب العراقي يملك عملا واحدا يميزه عن امثاله وهو العسكرة.
ونجد ان الشاب العراقي يعاني هذه الظاهرة منذ زمن بعيد وليس بعد عام 2003 , الا ان بعد سقوط النظام السابق زادت البطالة في البلاد بشكل عام لاسباب متعددة منها القرارات التي صدرت من سلطة الائتلاف في الغاء عدد من الوزارات منها الدفاع والاعلام وغيرها حيث زاد هذا القرار من ظاهرة البطالة في الشارع العراقي اضافة الي الظروف الأمنية الصعبة التي حالت دون قدوم الشباب العراقي الي بعض الإعمال التي ربما سوف تجعلهم مهددين بالخطر وهذا يعود الي الأعمال الإرهابية والإرهابيين الذين طالما سعوا الي خراب هذا البلد وتدمير شعبه حتي وصلت الحالة الي منع بائعي الثلج من ممارسة اعمالهم والحلاقين وغير ذلك من غلق المحال التجارية والكثير الكثير من المهن الاخري .
وقد اكدت الدراسات والبحوث في الآونة الاخيرة ان من اهم اسباب ميول الشباب الي التعصب واستخدام السلاح وما الي ذلك من الاشكال التي تؤدي الي القتل والارهاب وغيرها من الافعال التي يعانيها العراق اليوم هو سبب البطالة وكثرتها في العراق .
قبل ايام من الان طُرِحَ مشروع رائع ان حُقِقَ فعلا من نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي حيث تناول هذا المشروع دراسة كاملة عن اسباب البطالة والطرق التي يتم من خلالها التخلص من هذه الظاهرة الاجتماعية السلبية .
عند قراءة هذا المشروع بشكل كامل تجده مشروعا وطنيا رائعا حيث تناول كل اسباب وتداعيات البطالة ونتائجها والطرق والوسائل المناسبة للقضاء عليها او للتقليل منها لكن هذا لا يحدث عند طرحه في الاعلام فقط ولكن عند تحقيقه بشكل فعلي وعملي علي الواقع العراقي الذي يحتاج الي مثل هكذا مشاريع وطنية لرفع مستواه المعيشي والاقتصادي من اجل ان نصبح كاية دولة في العالم وليس بمستوي الدول النفطية - برغم اننا من الدول الاولي في العالم من ناحية المخزون والانتاج النفطي - الذي فقط نسمع عنه ولم نلمسه في عمرنا الذي عشناه سواء في ذاك النظام او حتي هذا النظام (برغم ارتفاع سعر برميل النفط الي اسعار خيالية ) .
بعد طرح هذا المشروع بأيام ظهر الكثير من الآراء المؤيدة له كونه يحمل في طياته الكثير من المعالجات لتخلص العراق من هذه الآفة والتي سببت الكثير من الأمور لولا حدوثها لما وصل العراق الي هذه الحال , فقد أصدرت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بيانا قالت فيه إن هذا المشروع من المشاريع المهمة التي تساعد الوزارة في القضاء علي البطالة إلا إن مكتب نائب رئيس الجمهورية لم يسلمهم هذا المشروع للعمل عليه وتطبيقه علي الواقع , وغيرها من اقتراحات وطرق لتطبيقه من الكثير من الجهات الحكومية وغير الحكومية وحتي المجتمع المدني ... ولكن هناك الكثير من التساؤلات بشأن هذا المشروع النبيل وبشأن تطبيقه وهي :. ما هي الجهة الممولة له ؟ هل هي ميزانية الدولة أم جهات أخري ؟ متي يبدأ تطبيقه علي ارض الواقع ؟ هل هو مشروع حكومي أم مشروع الهاشمي ؟ ما دور الحكومة في هذا المشروع ؟
اعتقد إن الشعب العراقي وصل الي مرحلة من الفقر والملل والضجر من شعارات وأمور لا يمكن تطبيقها في الواقع ، فلهذا نتمني من طارق الهاشمي او الجهة المسؤولة عن هذا المشروع الإسراع في تطبيقه لكي يستفيد هذا الشعب من هكذا مشاريع ايجابية.