كيف صار المفدالي ضابطا للقواعد في جريدة الإتحاد؟

كيف صار المفدالي ضابطا للقواعد في جريدة الإتحاد؟

د. ميرا جميل *

[email protected]

قرأت في موقع الجبهة مقالاً طيّر النوم من عيني. كاتب المقال يعتقد على ما يبدو أن كل أبناء جيله ماتوا، ولذلك يحق له أن يكذب كما يشاء. لن اسرد السيرة التي وراء كاتب المقال، فقد كان في الثانوية لا يهش ولا ينش، وعندما أنهى الثانوية دخل "دوز دوغري" إلى سلك التعليم، مطيعاً، تابعاً، ولن أقول ما يقوله أبناء قريته المهجرة بشأن بيع الأرض.

المهم انه كان معلماً مواظباً، يخاف أن يتكلم كلمة سياسة، وربما يخاف أن يفكر في كلمة سياسة. وقال لنا نحن العليمين بالأمور، إنه كان نشيطا لصالح حزب "المفدال" سنوات طويلة في انتخابات المعلمين.. والترويج لحزب المفدال في انتخابات الكنيست، مع حرف أل " ب " رمز الحزب الديني الوطني الصهيوني (المفدال) المضيء في كل انتخابات من فوق سطح منزله بلا حياء. وعندما صارت الموضة الماشية ان ينضم الناس إلى الحزب الشيوعي (راكاح) والجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، بدون أن يكلف ذلك تهديد شعرة واحدة في الرأس، انضم هو أيضا، مثل كل الذين انضموا، فقط ليستغلوا منابر الحزب الشيوعي وخصوصاً "الاتحاد" للشهرة. وغني عن القول إنها كانت الصحيفة الأبرز سياسيا وثقافيا لشعبنا، خاصة في عصرها الذهبي، عصر الإميلين حبيبي وتوما وسالم جبران!! الآن وقد مات القادة التاريخيين، وقد أصبحت"الاتحاد" والحزب في عهدة قيادة مهزوزة، وتحرير ضحل، صار صاحبنا "الكاتب الكبير" بتعيين من نفسه، و"المناضل الفلسطيني" بتعيين من نفسه، وصار "رجل لجان الصلح" بتعيين من نفسه، يظن أن كل كذبة يمكن أن يقبلها الجمهور.

في المقال إياه يقص انه كان يجيء إلى جلسة هيئة تحرير"الاتحاد" ويطلب منه الكاتب الكبير حقاً المبدع حقا .. إميل حبيبي، أن يسرد الأغلاط اللغوية في عدد اليوم.

يعني الكل يغلط، وهو سيبويه العصر يعدّد الأغلاط اللغوية. ما نعرفه أن الأستاذ عمل بضعة أشهر في "الاتحاد"، في الصفحة الأدبية، بأجرة لا تطوعاً، وكاد يضرب عن الطعام لضمان الأجرة، وخلال فترة قصيرة أرسله إميل حبيبي إلى حيث يجب أن يرسله.

هذا التاريخ عايشناه كطلاب شيوعيين وجبهويين مقربين للحزب الشيوعي وصحيفة "الاتحاد" التي لا تفارق حقائبنا المدرسية .

إن الضحية الحقيقية هي جريدة "الاتحاد" التي وصفها احد القادة الشيوعيين بأنها ميتة موتاً سريرياً، تتأرجح بين قومية حماس وقومية حزب الله، ويمكن لكل مفدالي سابق أن يعلن نفسه قائداً مشاركاً في الحزب.

بالمناسبة، إن الكثيرين من المرتزقة السابقين في المفدال صاروا يزورون رام الله ويكذبون في المقاطعة كل كذبة ممكنة وليس هناك من يكشف الكذبة.

إن الكثيرين ممن يحجون إلى رام الله أشبه بالذباب الذي يعرف كيف يقترب من الهريسة.  

ويقال إن الذباب المتحلق حول "المقاطعة" يأخذ من السلطة مالاً كان مفروضا أن يُعطي لفقراء الضفة، فيأخذه الطفيليون الذين يحملون ألقابا "كبيرة" وكل ضفدع صار "كبيراً"، في هذا الزمان الرديء بشكل عام والرديء فلسطينياً أيضا. كيف يمكن للمرتزق المفدالي ان يصير كاتبا كبيراً ورئيساً وهمياً لاتحاد كتاب فلسطينيين وهمي ، هو الرئيس للأبد بدون تكليف ، وهو كل الأعضاء ؟

لماذا يتمسك بتنظيم غير قائم إلا في صحيفة الاتحاد وموقع الجبهة ؟ ما هي الفائدة التي يجنيها ، شخصيا ... من السلطة الفلسطينية مثلا ؟؟

نحن حقاً في زمن تعيس عندما يحاول كل صوص أن يعمل من نفسه أسدا غضنفراً. ليس عندنا ما نقوله إلا الآتي: تفو على هذه الأيام التي وصلناها حيث صار المفدالي قائداً عريقاً وضابطاً للقواعد- بتعيين كاذب من نفسه- في جريدة الاتحاد المسكينة التي لا تستحق البهدلة التي هي فيها!!

يهودية وهابية في إسرائيل!! / نبيل عودة     

الحاخام الرئيسي للجيش الإسرائيلي "لا يريد بنات في الجيش". اليهود المتزمتون (الحراديم) يستعملون العنف لمنع فتح موقف سيارات يوم السبت في القدس. الصراع الديني العلماني على أشده في إسرائيل. موقف الحاخام العسكري من "خدمة البنات في الجيش" يثير غضب المجتمع الإسرائيلي برُمتِهِ… ليس بسبب الخدمة في الجيش، وإنما بسبب تصريحات أصولية يهودية تأتي من المصدر الديني الأول في الجيش. المجتمع اليهودي يمكن أن يقال إنه مجتمع مدني ليبرالي حساس لقضايا الكبت الديني وحقوق النساء.. وذلك بغض النظر عن فكره السياسي وموقفه من قضايا الحرب والسلام في الشرق الأوسط، ومن الأقلية العربية في إسرائيل. وفي الجيش الإسرائيلي هناك مجندات متدينات، حسب المتبع، كان باستطاعتهنَّ ان يرفضن الخدمة، تماماً مثل الشباب المتدينين (الحراديم). تبرير الحاخام الرئيسي هو تبرير يثير غضب المجتمع اليهودي العلماني في إسرائيل، ويمكن القول إن الأكثرية المطلقة -اذا أخذنا بعين الاعتبار غير العلمانيين- علاقتهم بالدين هي علاقة أعياد وطقوس شعبية لا غير.

يقول الحاخام "إن خدمة البنات في الجيش تُناقض الشريعة اليهودية وانه منذ العام 1951 لم تصدر أي فتوى تسمح بخدمة النساء في الجيش، وقد أنكر الحاخام أنه قال ذلك، ولكن صحيفة هآرتس تحدثت مع أربعة من الحضور الذين أكدوا أن "الحاخام قال ما نشر على لسانه تماماً".

تخيلوا مع كل جندية يركض إلى جانبها محرم يهودي أثناء التدريب ؟! وهناك مراقب على التنانير العسكرية لمنع تقصيرها الذي يدوخ العقل. وهناك شرطة عسكرية دينية تمنع الأحاديث وارسال نظرات التمني الى جهة "الطرش" الغريب!!

لا نريد أن نسترسل حتى لا نعلق مع حملة نفس العقلية في مجتمعنا !!

الناطق بلسان الجيش اصر على ان الحاخام لم يقل ما نشر عنه رغم ما جاء من توثيق في الصحافة.

الحديث عن مجتمعين متناقضين تماما، مجتمع يرفض القيود الدينية المتزمتة يضم متدينين منفتحين بعقلية أقرب إلى العلمانية ، وعلمانيين لا يواجهون مشكلة في التصريح بقناعاتهم حتى لو كانت إلحادية ومقابله مجتمع ديني متزمت منغلق بأسوار لا يهدمها حتى السلاح النووي .

ويبدو للقارئ ان المجتمع الإسرائيلي بناء على ما سبق وتم عرضه هو مجتمع مهزوز قابل للإنهيار.. ولكنه موضوع آخر ...

حقا نحن نشاهد صراع يهودي علماني مع يهودي ديني متزمت، فالمجتمع اليهودي تسيطر عليه القيم العلمانية لدرجة ان العلمانيين يهربون من القدس التي تتحول الى مدينة محافظة متعصبة يسيطر عليها اليهود الحراديم، التيار الاكثر تعصباً وتشدداً في اليهودية ، الى مدينة تل أبيب العلمانية ذات اسلوب الحياة الاوروبية المنفتحة .

يمكن القول ان التيار الديني المتعصب هو "التيار الوهابي" في اليهودية... لدرجة انهم يعلقون لافتات لتحذير النساء من المرور باحيائهم في لباس "غير محتشم " ... ومستعدون لخوض معركة عنيفة في سبيل الحفاظ على ما يسمونه «قدسية السبت"، حتى لو سالت الدماء ..

المسيح ابن مريم قال عن السبت : "السبت لخدمة الانسان وليس الانسان لخدمة السبت" بما مَعناهُ ان القيمة للانسان وليس للعقلية الوثنية، وطبعاً نحن لا نتدخل في صراع ديني-علماني يهودي.. ولكننا مواطنون في الدَولةِ نفسها، وكل ما يدور فيها يؤثر على حياتنا. وعندما نسافر مثلاً يوم السبت لزيارة مدينتنا المقدسة نحتاج نحن ايضاً الى اماكن نركنُ سياراتِنا فيها... وغني عن القول إن اماكن الوقوف في ايام الجمعة والسبت مكتظة الى حد الانفجار.. ولا يمكن ايجاد موقف.. مما يضطرنا للركْنِ في اماكنَ بعيدة، واستعمال وسائل نقل بديلة، كَما ويُمنع الدخول الى احياء اليهودِ المتشددين في القدس حتى بواسطةِ سيارات الاجرة. والويل للسيارة التي تخطئ... فهي تمزق شر تمزيق وركابها!!

قرأت مثلاً مقالا لكاتب اسمه عامر لطيف يحمل عنوانا استفزازياً "لولا تكنولوجيا الغرب لهلك العرب"، وأنا أقول بالمناسبة: "لولا علمانية اليهود لهلكت إسرائيل".

              

* باحثة اجتماعية وكاتبة - نيقوسيا