افتراءاتٌ أخرى لسلطة رام الله

د. مصطفى يوسف اللداوي

كاتبٌ وباحثٌ فلسطيني

[email protected]

لم تنفك السلطة الفلسطينية في رام الله وأجهزتها الأمنية العتيدة تلفق التهم تلو التهم لحركة المقاومة الإسلامية " حماس " ، محاولةً تشويه صورتها ، والإساءة إلى دورها ونضالها ، والتشكيك في نواياها وأعمالها ، وتستخدم سلطة رام الله في سبيل ذلك ، كما كانت أجهزتها الأمنية السابقة في غزة ، كل السبل والطرق التي من شأنها الإساءة إلى حركة حماس ، وتشويه سمعتها لدى المواطن الفلسطيني ، والمراقب العربي والإسلامي ، وهي تدرك أن أحداً لن يصدقها ، وأنها تفتري على حركة حماس ، وتحاول أن تلصق بها كل شائنة ، وتختلق لذلك الأدلة والبراهين التي تعزز بهتانها وافتراءاتها ، وقد يصدق فيهم القول أنهم كذبوا حتى صدقوا كذبتهم .

فقد اتهمتها في غزة خلال سنوات القهر التي فرضتها أجهزتها الأمنية ، فأرعبت المواطنين ، وأخافت الناس ، وزجت بالمئات من خيرة أبناء الشعب الفلسطيني في السجون والمعتقلات ، بأن حركة حماس تتاجر في المخدرات والأفيون ، وأنها تستخدم هذه التجارة الممنوعة في تمويل عملياتها العسكرية ، وقامت أجهزتها الأمنية بعرض صورٍ ملفقة ومفبركة لكمياتٍ من المخدرات ، ادعو بأنها ضبطوها لدى حركة حماس ، وكان الضابط الفلسطيني يتفتق بلسانه وهو يحمل مؤشره ويوضح أمام كاميرات الصحافة أنواع المخدرات والأفيون التي ضبطها ، والتي بالتأكيد يعرفها ويميزها بخبرته الشخصية ، مؤكداً أنها ضبطت في مقرات حركة حماس .

وأعلنت السلطة الفلسطينية أكثر من مرة في غزة والضفة الغربية عن ضبط عناصر من الجهاز الخاص لحركة حماس ، وأنها وجدت معهم قوائم وأسماء لشخصياتٍ فلسطينية تنوي قتلها وتصفيتها ، وأنها وجدت بحوزتهم أسلحة ومعدات خاصة بعمليات الاغتيال والتصفية ، كما قامت أجهزة أمن السلطة بمداهمة مقرات ومخازن للسلاح ، وادعت أنها مخازن لحركة حماس ، وأن السلاح المخزن فيها تعده الحركة للقيام بعملياتٍ تخريبية ضد أهدافٍ فلسطينية تابعة إلى السلطة الفلسطينية .

وأعلنت أجهزة أمن دحلان في غزة عن محاولةٍ تخطط لها حركة حماس لاغتيال الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات خلال زيارةٍ له لمقابر الشهداء في مدينة غزة ، وبدأت العقول الأمنية الكيدية في غزة تنسج القصص والحكايات عن المخطط التآمري الذي تم الكشف عنه ، وأن حركة حماس كانت تنوي فعلاً اغتيال السيد الرئيس أبو عمار .

 

ولم تتعب العقول الأمنية التآمرية ولم تكل ، بل واصلت خلق القصص والحكايات ، وابتداع الروايات الخيالية ، فكشفت في الأيام القليلة الماضية عن مؤامرة جديدة لاغتيال رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ، وأشاعت الخبر ، ونسجت حوله قصصاً وحكايات ، وبدأ المحللون يضعون سيناريوهات المؤامرة ، والأدوات التي كانت ستستخدمها حركة حماس في اغتيال رئيس السلطة الفلسطينية ، وأعلن العميد عدنان الضميري الناطق باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية عن مصادرة أكثر من ثمانية ملايين ونصف المليون يورو ، وكانت الأجهزة الأمنية الفلسطينية قد صادرت خلال الأشهر الماضية ما يزيد عن 23 مليون دولار ، وادعى بأن هذه الأموال كانت مرصودة لبناء جهاز أمني خاص لحركة حماس ، وتفاخر الأجهزة الأمنية الفلسطينية بمصادرتها لأموالٍ مرصودة لمساعدة الشعب الفلسطيني ، في مؤامرةٍ متكاملة مع جهاتٍ عديدة تصادر أموال الدعم الفلسطينية ، ولا تختلف في شئ عن قيام إسرائيل بحجز عوائد الشعب الفلسطيني من الضرائب والجمارك ، وهي محاولةٌ دائمة للنيل من صمود حركة حماس والشعب الفلسطيني المقاوم ، حيت تتضافر جهود حكومة فياض ضد حركة حماس قتلاً وملاحقة واعتقالاً لعناصرها والمنتسبين لها ، ومصادرةً لأموالها ، وإغلاقاً لمؤسساتها ، وتنسيقاً أمنياً إسرائيلياً عالي المستوى لاستكمال الدور الذي تعجز عن القيام به .

وأضاف العميد الضميري أن أجهزته الأمنية صادرت كمياتٍ كبيرة من الأسلحة والمتفجرات في مدن نابلس والخليل وقلقيلية ، إضافة إلى عشرات العبوات التي كانت معدة للتفجير من عناصر في حماس ، وادعى بأن هذه الأسلحة كانت ستستغلها حركة حماس بطريقة بشعة ، إذ أنها كانت تخطط لعمليات خطف لمسؤولين في السلطة الفلسطينية ، وعملياتٍ أخرى تمس الأمن والقانون الفلسطيني ، وأن الحركة اشترت منازل في مختلف مدن الضفة الغربية لتكون غرف عملياتٍ ميدانية ، وهي تتلقى التعليمات من قيادة الحركة في غزة بقصد التخريب والاعتداء على مؤسسات السلطة الفلسطينية ، وادعت سلطة رام الله أن حماس تقوم بتأسيس قوة تنفيذية مستقبلية في الضفة الغربية ، تكون شبيهة للقوة التنفيذية التي أسستها في قطاع غزة ، تمهيداً لانقلابٍ آخر في الضفة الغربية .

ولكن الحقيقية التي لا يمكن إخفاؤها عن الجماهير الفلسطينية ، هي أن السلطة الفلسطينية تريد أن تبرر اختطافها واحتجازها لقرابة ألف فلسطيني ينتمون إلى حركة حماس ، وتريد أن تجد المبررات والمسوغات لتعطيل الوصول إلى اتفاق فلسطيني – فلسطيني في القاهرة ، وتبرير استهدافها لمؤسسات الحركة في الضفة الغربية ، وهي تكرار للمخطط الاستئصالي الذي مارسته ذات الأجهزة الأمنية في قطاع غزة ضد حركة حماس ومؤسساتها ، بل تسعى إلى توتير الأوضاع في قطاع غزة ، وإشاعة الفوضى والفلتان الأمني فيه ، وقد ألقت وزارة الداخلية في غزة القبض على أكثر من مجموعة تابعة لحكومة رام الله ، كانت تخطط لأعمال تخريبية في قطاع غزة ، وقد نجحت بعض المجموعات في ارتكاب جرائم في غزة كمجموعة البحر .

وتدرك السلطة الفلسطينة قبل غيرها أن الأموال التي تصادرها في رام الله ، أو تلك التي تصادرها مصر وإسرائيل ، إنما هي أموال الفقراء والجياع ، وهي أموال الجمعيات الخيرية والاجتماعية ، التي تقدم الدعم والإسناد لمئات الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني ، من أسر الأسرى والشهداء ، والجرحى والمصابين ، وهي أبداً لا تستخدم ضد مصالح الشعب الفلسطيني ، ولا ضد أجهزة السلطة الفلسطينية ، فحركة حماس لا تفكر يوماً أن تستخدم السلاح ضد أبناء شعبها ، ورب قائلٍ يقول وما تفسير ما حدث في غزة ، وهو سؤال محق ، وربما لا يمكن الإجابة عليه هنا ، ولكن ما حدث في غزة إنما هو صد لاعتداء ، ومحاولة للدفاع عن النفس ، ضد مخططٍ استئصالي تآمري ، لم تكن حماس فيه مبادرة ولا مخططة ، ولكن على نفسها جنت براقش ، فقد بالغت في الظلم ، وأمعنت في الاستهداف ، وأصرت على الاستئصال ، وتعمدت الشطب والإلغاء ، فما كان رد الظلم والاعتداء يوماً ظلم ، وأما الرئيس الفلسطيني محمود عباس ، فهو رغم انتهاء ولايته ، ووصفه بأنه رئيس منتهية صلاحياته ، إلا أن حركة حماس حريصةً عليه وعلى حياته ، وهي أحرص على حياته وأمنه من حركته وأركان سلطته الذين يتآمرون عليه ، ويخططون ضده ، وينتظرون غيابه أو رحيله ، فحركة حماس لك أيها السيد الرئيس ولكل فلسطيني وطنيٍ شريف موئلٌ وسند ، ودرعٌ وعضد ، تحميك من غول الأعداء ، وكيد الأصدقاء ، وتكون لك درءاً من كل خطر ، فلا تصدقن كذبهم ، ولا تركنن إلى كيدهم ، واجنح إلى الصادقين من أبناء وطنك ، وكن للمدافعين عن حقك وحقهم عون وسند .