وأبو حصيرة مقدس

بطلنا منسي..

فيصل الشيخ محمد

من منا لا يسمع بالشهيد البطل المقدم (أحمد عبد العزيز) الذي أثار غضبه فعل الصهاينة المجرمين وإقدامهم على ذبح الفلسطينيين العزل، فاستجاب لدعوة الجهاد، وقام بتنظيم المتطوعين، وكان معظمهم من جماعة الإخوان المسلمين، وأشرف على تدريبهم وإعدادهم للقتال في معسكر (الهايكست)، وقد وجهت له الدولة إنذاراً يخيره بين الاستمرار في الجيش أو مواصلة العمل التطوعي، فما كان منه إلا أن اختار إحالته على الاستيداع، ليتمكن من مواصلة عمله الجهادي في فلسطين.

وبذل هذا البطل الشجاع كل طاقاته وإمكاناته في إعداد وتجهيز المتطوعين بما توفر لديه من خبرة عسكرية وعتاد وسلاح، ولم ينس أن يعدّهم إعداداً نفسياً قبل الانطلاق إلى ساحات الفداء، فكان يخطب فيهم قائلاً: (أيها المتطوعون، إن حرباً هذه أهدافها لهي الحرب المقدسة، وهي الجهاد الصحيح الذي يفتح أمامنا الجنة، ويضع على هاماتنا أكاليل المجد والشرف، فلنقاتل العدو بعزيمة المجاهدين، ولنخش غضب الله وحكم التاريخ إذا نحن قصرنا في أمانة هذا الجهاد العظيم...).

وقاد هذا البطل المتطوعين، وتمكن من دحر العدو الصهيوني في مواقع ونزالات عديدة، واحتل عدداً من المستعمرات الصهيونية، وكبد العدو خسائر فادحة، وقطع الكثير من خطوط اتصالاته وإمداداته، وساهم في الحفاظ على مساحات واسعة من أرض فلسطين، ولم يمكّن الصهاينة من احتلالها، رغم كل ما بذلوه في سبيل ذلك، وما دفعوا من جنود وآليات وأسلحة ثقيلة.. كما تمكن من تحرير عدد من البلدات والقرى التي كان الصهاينة قد احتلوها، ويفعل مع إخوانه المتطوعين ما لم تستطع فعله القوات العسكرية النظامية.

وشاء القدر أن يسقط هذا البطل شهيداً برصاصات أطلقها جندي مصري بطريق الخطأ، وأن يدفن جثمانه الطاهر على ثرى فلسطين، في مقبرة عراق المنشية شمال بيت لحم، وأقيم للشهيد البطل نصباً تذكارياً شامخاً يليق بشجاعته وبطولته.. ولكن الصهاينة بعد ان احتلوا الضفة الغربية في عام 1967 أحاطوا النصب بسياج من الأسلاك الشائكة وجعلوه مكباً لنفاياتهم وأقذارهم.

أمام هذا الفعل القذر من الصهاينة لم تتحرك الدبلوماسية المصرية، ولم تحتج السفارة المصرية على ما يقوم به الصهاينة من اعتداء على نصب الشهيد المصري البطل أحمد عبد العزيز الذي سطّر ملحمة بطولية على ثرى فلسطين، وتجاهلت ما يقترفه المستوطنون الصهاينة بحق قبر هذا البطل التي تنحني الهامات له تقديراً وتعظيماً!!

وفي المقابل سمحت الحكومة المصرية لليهود أن ينظموا رحلات دينية إلى قرية (دميتوه) الواقعة في محافظة البحيرة شمال مصر، للاحتفال بمولد (أبو حصيرة) المزعوم على أنه (رجل البركات) والذي يستمر الاحتفال به 15 يوماً في كل عام، ويزوره سنوياً ما يزيد على أربعة آلاف يهودي، يؤدون طقوسهم الدينية وشعوذاتهم على قبره المزعوم ويتمسحون بحجارته، ويمطرون قبره بدموعهم وقبلاتهم.

كما غضّت السلطات المصرية الطرف عما قام به اليهود من توسعة مقبرة (أبو حصيرة) وكسوة الضريح بالرخام، ونقش الرسوم اليهودية والتلمودية على سقف وجدران القبر من الداخل والخارج.. ثم تمددوا وضموا بعض الأراضي حول الضريح وبناء سور عال له، وأقاموا منشآت أشبه بالاستراحات لتستقبل الزوار اليهود الذين يتكاثرون عاماً بعد عام. واتسعت مقبرة (أبو حصيرة) من مساحة 350 متراً مربعاً إلى 8400 متر مربع، ليتحول قبر (أبو حصيرة) المزعوم، إلى مسمار جحا للصهاينة في مصر.

رحمك الله يا شهيد الأمة أحمد عبد العزيز، ونستميحك العذر أننا لم نفعل شيئاً لحماية قبرك وإبعاد الأذى عنه، فلم يعد في عصرنا متطوعون يقومون بما لا تقوم به الحكومات، لأننا سنكون إن فعلنا ذلك إرهابيون، وتطالنا قوانين مكافحة الإرهاب، التي سنّتها ووافقت عليها معظم حكومات بلداننا العربية والإسلامية.. وليس لنا إلا الدعاء لك بالقبول والغفران والرحمة!!