رسالة مفتوحة إلى السيد حسن نصر الله
رسالة مفتوحة إلى السيد حسن نصر الله:
"دولة الله" هي الدولة المدنية العلمانية
ترددتُ كثيراً قبل أن أرسل إليكَ هذا الخطاب أيها السيد، تحسباً لكلمة فيه، قد تخدش صورتكَ وتغضّ من شأنكَ، ومن شأن محبيكَ ومريديكً.
أحسبكَ تعرف من إسمي أيها السيد، أنني أنتمي بالهوية المسجلة في الدوائر الحكومية اللبنانية، إلى الطائفة الشيعية في لبنان، ولا أحسب من عائلتي في لبنان من ينتمي إلى غير هذه الطائفة، لكن أحب أن أقول في مستهل خطابي هذا إليك إنني لست "شيعياً" ولن أكون، ولست متديناً ولن أكون، وأعتبر هذه "التصنيفات" تقليداً يفسد الوصية، كما جاء على لسان "المسيح" في الأناجيل، وخروجاً على الإيمان الإسلامي، الذي يعلو على ما هو "شيعي" و"سني"، لا نور لي هنا ولا هداية، إلا الآية الكريمة من سورة "آل عمران" التي تقول "واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم".
لا أريد أن أفهم حبل "الله" هذا إلا الإيمان برسالة تحضّ على عدم التفرقة بين الناس، لأن الناس ساعة ينقسمون لا يعودون مؤمنين، بل يصيرون متدينين متعصبين، وتبدأ بينهم الحروب، وفي الحروب يوارى الإيمان التراب، وتنبت الغرائز. أما التقي المكرم عند "الله" هنا فقد يكون مسلماً، أو مسيحياً، وقد يكون يهودياً أو بوذياً، وقد يكون ملحداً أيضاً، وكلنا اختبرنا في حياتنا بشراً لا يصلّون ولا يصومون، ولا يدخلون المعابد لكنهم، أقرب إلى "الله" من بشر متدينين يحجّون ويصلّون ويصومون!
عندي أن من الخطأ أن يقول امرؤ عن نفسه إنه "شيعي"، أو "سنّي" وإنه على نهج هذا الإمام أو ذاك. هذه "التوجهات" قد تكون محمودة العواقب في بيوت وأندية مغلقة، بين متصوفين وطبقات من الناس مثقفة وقديرة وواعية، تدرك معاني الكلم، وتعرف الفرق بين التدين والإيمان، لكن ساعة تهبط هذه "التصنيفات" إلى الشوارع والأزقة والقرى والدساكر، وخصوصاً في بلادٍ، معدلات الجهل والأمية فيها عالية، تتحول إلى عصبية هوجاء تهدد نسيج المجتمع، عندها يبدأ "الشحن الطائفي"، تقوم به شياطين فاغرة أفواهها، ودول لا تسعى إلا إلى مصالحها الخاصة!
حين يقول المتديّن إنه "شيعي" أو "سني" فهذا يعني أنه بدأ يتعصب، وأن القرآن في نظره ليس كافياً للوصول إلى "الله"، في حين أن المؤمن يكفيه حبل خلاص واحد هو حبل "الله"، العروة الوثقى التي تجمع
الناس، وأما الحبال الأخرى فليست إلا "تصنيفات" تفرّق ولا توحد، وتوجد فجوات بين الناس، وطريقاً أولها جحيم في الأرض، وآخرها جحيم في السماء!