علاوي يتفوق على مسيلمة وعلى نفسه
علاوي يتفوق على مسيلمة وعلى نفسه
بقلم : أمير أوغلو
صرح السيد إياد علاوي رئيس الوزراء العراقي المعين, في مؤتمر صحافي خلال قمة الإتحاد الأوروبي في بروكسل, وباللغة الإنكيزية الصرفة التي يحسد عليها, وأمام كل وكالات الأنباء العالمية, صرح" بأن أهالي الفلوجة طلبوا منه تحريرهم من الإرهابيين والمتمردين الذين أخذوهم رهينة" والمقصود هنا طبعا الزرقاوي وصحبه !!!!
عندما كان أساتذنا يشرحون لنا صفة الكذب كان المثال المفضل لديهم هو مسيلمة الكذاب, ربما لأن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي سماه بهذا الاسم فلا بد أن يكون مسيلمة أكذب الناس حتما.
أما في عصرنا الحالي فقد كنت شخصيا أظن أن لقب الكذاب يمكن أن يتنافس عليه بعض حكام العرب مع جورج بوش وتوني بلير وهنا نحتاج لانتخابات ديمقراطية حقيقية حتى نختار الفائز منهم بجدارة بهذا اللقب.
ولكن هذا التصريح اليوم للسيد علاوي جاء ليبذ الجميع ويسبق جميع الكذابين المعاصرين والسابقين وربما اللاحقين , فأن يطلب أهل مدينة من رئيس وزرائهم أن يقصف بيوتهم ويدكها على أهلها بالصواريخ والقنابل ذات الأطنان من أجل أن يخلصهم من إنسان لا يعرف أحد مكانه أو حتى حقيقة وجوده فهذه كذبة لم يأت بها أحد من العالمين ولا أدري إن كان هناك مجنون في الدنيا يمكن أن يصدقها . لقد تعلم العلاوي فعلا من جورج بوش الكثير ولكن التلميذ كما يقال قد يسبق أستاذه وهنا يحق لنا أن نفاخر بأن زعيما عربيا سبق أستاذه الأمريكي وحاز على لقب أكبر كذاب بلا منازع.
لم نسمع في التاريخ عن أمة طلبت من قيادتها الحكيمة أن تبيدها لكي يستتب الأمن لهذه القيادة ! ولم نسمع عن مدينة ضحت بوجودها وأبنائها ونسائها وأطفالها من أجل سواد عيون الحاكم ولكي يتنعم هو بعدها بالأمن والاستقرار ! ولم نسمع عن قوم طلبوا إبادتهم بأنفسهم ولاء وخضوعا للقائد الملهم وفي سبيل أن يتخلص هذا القائد من شبح وهمي اسمه الزرقاوي ومعه حفنة من المارقين عن إرادة القائد الملهم ! لكن هذا في زمن العلاوي وصحبه ممكن وواقع وحقيقة.
لقد كان صدام مجرما وكان لديه حزب من مليون أو مليوني شخص من المنافقين والمهرجين والمرغمين والمقموعين , وقتل أبناء شعبه في الجنوب وفي الشمال وفي الوسط, ولكنه لم يتجرأ أن يكذب مثل هذه الكذبة أو أن يدعي مثل هذا الإدعاء . لم يقل مثلا إن الأكراد طلبوا منه أن يقصفهم بالمواد الكيمياوية ليخلصهم من الإرهابيين من بينهم , أو إن الشيعة توسلوا إليه أن يدمر مدنهم وقراهم لأن لديهم عملاء يريدون التخلص منهم , لقد كان صدام أصدق مع نفسه ومع شعبه من علاوي وزمرته وكان أشد محافظة على سمعته من علاوي الذي درس في أمريكا أصول الحكم والسياسة ويبدو أن وقاحة الأمريكان إنتقلت إليه بعد أن تضاعفت وتفاقمت فخرج منه مثل هذا الكلام.
من قبل سمعنا تصريحات فيها شيء من المبالغة وتزوير الحقائق من السيد علاوي ولكنه في هذه المرة تفوق حتى على نفسه وصار بطلا بلا منازع في هذا المجال.
في علم النفس يقولون إنه من صفات الكذاب أنه لا يستحي , لأن الحياء أحيانا يمنع الإنسان من الكذب أويجعله يخفف من المبالغة فيه , أما مثالنا الحي هذا فقد أثبت أنه أيضا لا يستحي لا من الناس ولا من المشاهدين ولا من شعبه ولا من أهل الفلوجة ولا من الله سبحانه وتعالى وقديما قيل (إن لم تستح فافعل ما شئت).
لقد غادر علاوي ورئيسه الياور اليوم العراق , ليفسحوا للأمريكان التصرف المطلق في الفلوجة ولكي تتم الجريمة وهم بعيدون عن موقع الحدث ولكن هذا لن يعفيهم من المسؤولية , والتاريخ الذي سجل جرائم صدام سيسجل هذه الجريمة الجديدة باسمهم سواء كانوا موجودين أم لم يكونوا.
لا أدري لماذا يتعلم كل البشر من التاريخ ومن تجارب الآخرين إلا حكام العرب المتسلطين المتجبرين ؟ هل السبب سكوت الشعوب وصمتها القاتل ؟ أم هو التعالي على هذه الشعوب وجنون العظمة الذي يصاب به الرؤساء والحكام ؟ أم هو سحر الكرسي الملعون كرسي الحكم الذي يقلب أخلاق الناس ويحولهم إلى وحوش يقتل بعضهم بعضا ؟ أم هي لعنة الحكم التي تصيب كل من يصل إلى منصب القيادة من أمة العرب ؟ أم هو نفاق المحيطين بالحاكم والذين يزينون له الآثام والجرائم ويحولونها في عينيه إلى محاسن ومكارم ؟ أم أنه خليط من هذا كله ؟....... أتمنى من القارئ العزيز أن يجيب على هذه الأسئلة بنفسه والسلام .
ملاحظة : أعطى اليوم السيد علاوي الأوامر للقوات الأمريكية والعراقية !!!! لتنظيف الفلوجة . ونحن لاندري من يعطي الأوامر لمن ؟ وهل هناك علاقة بين التنظيف والتطهير العرقي مثلا ؟ أو بين التنظيف وجرائم الحرب ؟
أمير أوغلو / الدانمارك / 07 تشرين الثاني – نوفمبر 2004