مات الختيار
مات الختيار
د. ريم منصور الأطرش
مات "الختيار" اليوم. أسلم أبو عمار روحه إلى بارئها. مات ياسر عرفات رمز النضال الفلسطيني، لا بل رمز النضال العربي.
حزنت عليه من كل قلبي، فقد كان ضحية للإرهاب العالمي.
كان رمزاً لشعب أصبح، دون إرادة منه، ضحية للإنسانية أجمع، بعد أن حمل" صليبه" عن الإنسانية أجمع!
ما زال المسيح حياً في قلب هذا الشعب الفلسطيني... فذاك حمل صليبه فداءً للإنسانية، وهذا يحمل صليبه ضحيةً لتلك الإنسانية ذاتها التي لم تتعلّم الدرس من المسيح" الفادي"، ابن فلسطين الحبيبة.
وما زالت هذه"الإنسانية" تكرّر المأساة ذاتها في العراق لتجعل من شعب العراق الحبيب الضحية الثانية لها في هذه المنطقة المنكوبة.
هذه المنطقة هي التي أعطت للعالم أجمع الفكر والحضارة الإنسانية الحقّة والفلسفة والعلم؛ وهو مدين لها، شاء ذلك أم أبى، بشعلة التنوير هذه التي سلمته إياها.
إلا أنه كافأها على هذا العطاء بذبحها كل يوم عشرات المرات، منذ قرون خلت وحتى الآن، دون أن يرفّ له جفن من الخجل والاستحياء.
هذا بالضبط ما فعلته الآلهة المنتقمة،في الأساطير الكلاسيكية، ب"بروميثيوس"، الذي وهب شعلة العلم والفكر للإنسان، فعاقبته بربطه بسلاسل وجعل الطير الجارح يأكل كبده كل يوم بشكل متجدد، حتى لا يتخلص من هذا العذاب!!
هذا العالم الذي يدعي الإنسانية والمدنية والحرية ما زال منذ قرون يأكل "كبد" فلسطين والعراق "عرفاناً منه بجميل" تنويرها بالفكر والعلم و الدين الحنيف والتسامح!!
فهل يصدُق قول الشاعر:
إن أنت أكرمت الكريم ملكته وإذا أنت أكرمت اللئيم تمرّدا ؟!!
آمل أن تصحو الإنسانية على أخطائها قبل فوات الأوان!
دمشق في 11/11/2004