إنها حرب باردة...

تجمع لجان نصرة العراق في سورية

إنها حرب باردة...

ما يجري اليوم في العراق من جرائم وحشية ترتكبها قوات الاحتلال ضد المدنيين العزّل, وما تعلن عن

اعتزامها ارتكابه ضد المدن العراقية المحررة وفي مقدمتها الفلوجة والرمادي يشكل أكبر جريمة بحق الإنسانية ترتكب في هذا القرن, ولكن المفارقة أن حدة هذه الجريمة وشناعتها خلقت نقيضها, حيث تسجل الفلوجة نموذجاً عالياً للصمود والمقاومة وهو نموذج فريد قلّ نظيره في كثير من حروب المقاومة التي جرت خلال أكثر من نصف قرن, فقد تمكنت هذه المدينة الصامدة, من إخراج قوات الاحتلال عبر مناوشات طويلة أوقعت الكثير من الخسائر في صفوف المحتلين, واستطاعت قبل أشهر من أن تصمد أمام محاولة لاقتحامها من قبل جيش أقوى دولة في العالم, حيث اعترف العدو بعدم قدرته على اختراق المدينة دون تكلفة عالية لا تستطيع القوات الأمريكية احتمالها وخصوصاً بعد أن سقط من جنود العدو في تلك المحاولة عدداً يقارب الأعداد الرسمية المعلنة لخسائر قوات الاحتلال في حرب الاحتلال التي شملت جميع الأراضي العراقية, كما استطاعت هذه المدينة أن تهضم وتستوعب كافة العناصر العراقية بما فيها قوات الشرطة والحرس الوطني من أبناء المدينة الذين انضموا إلى المقاتلين أو دعموا صمودهم.

لقد تعلمت قوات الاحتلال درساً قاسياً من معركتها السابقة مع الفلوجة, وهو ما دفعها لإتباع سياسة الأرض المحروقة حيث عملت ولأشهر طويلة على قصف أحياء كاملة, وقتلت خلالها المئات من العائلات العراقية بهدف إفراغ المدينة من سكانها أولاً ولإضعاف الروح المعنوية للمقاومين .

هذا التدمير وتلك الحشود التي بلغت أكثر من عشرة آلاف جندي أمريكي ومعهم المئات من البريطانيين وآلاف أخرى من قوات الحرس الوطني المنتقاة بعناية والتي تقتصر على متطوعين من أعضاء أحزاب شريكة في حكومة الاحتلال ليس من المرشح أن يخوض حرباً سهلة ضد المقاومين, وحتى على فرض سقوط المدينة فإن هذا لا يعني انتهاء المقاومة وقد أظهر احتلال مدينة سامراء أن المقاومة قادرة على العودة إلى المدن المحتلة لتدفع به مرة أخرى خارجها.

إن المؤسف أن هذه الجريمة النكراء تجري تحت سمع العالم كله, حيث تنتشل جثث الأطفال من تحت أنقاض البيوت المدمرة بفعل قصف الطيران والمدفعية ولا يوجد أحد من القوى النافذة من يرفع صوته مستنكراً, ولا يتقدم أحد من الدول الأعضاء في مجلس الأمن, أو الجامعة العربية للمطالبة بإيقاف هذه المجزرة, أو استنكارها على الأقل, بل أن الكثير من تلك الدول تساهم بشكل أو بآخر في هذه الجرائم المتكررة بدعاوى زائفة وكاذبة وفي مقدمتها "مكافحة الإرهاب" ولكأن هناك إرهابا أشنع وأفظع من الإرهاب الصهيوني والأمريكي المتصهين الذي ترتكبه قوات الاحتلال في فلسطين والعراق.

ومن المؤسف جداً أن حكومة العملاء في بغداد تصدر قراراً بإعلان حالة الطوارئ كي تتستر على الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال وعملاؤها من جهة وليكون هذا الإعلان شاهداً على إعلان الحكومة حصر هذا الإعلان في المناطق ذات الأغلبية العربية وكأن شمال العراق لم يعد جزءاً منه أو لوكأنه بالأساس خارج سلطة حكومة العلاوي.

إننا ندعو أهلنا في سورية وفي الوطن العربي وفي العالم الإسلامي لمساندة شعب العراق ومقاومته وتوفير ما يستطيع كلٌ منا من أسباب الصمود والاستمرار لهؤلاء الصامدين المجاهدين المرابطين الأبطال عبر تقديم المساندة المادية والمعنوية والضغط على الأنظمة كي تراعي أبسط الواجبات الإنسانية بعيداً عن التزامات الأخوة والمصالح المشتركة, أو حتى التزام المصالح الوطنية.

تحية لصمود شعبنا في العراق.

تحية لأبطال الفلوجة الميامين.

تحية للمقاومة الشجاعة.

11-11-2004