نظرات في العولمة
نظرات في العولمة
محمد سعيد مبيض
بعد انفراط عقد الاتحاد السوفياتي وسقوط الشيوعية أصبحت أميركا الدولة الرأسمالية الأولى سيدة الموقف، لقد صرحت وصرح الغرب بعد هزيمة الشيوعية أنه لم يبق لهم خصم سوى الإسلام فسيطروا على دوله واحدة إثر أخرى.. ألبسوا الإسلام لباس الرجعية واتهموا الإسلاميين بالإرهاب ألا ترى معي أنهم عنصريون صليبيون وإلا لماذا يتحاملون على الإسلام وأهله، ها هو "ميتران رئيس جمهورية فرنسا الراحل" يصرح: أنه لا يسمح بقيام دولة إسلامية في أوروبا، سمحوا للروس بتدمير الشيشان لقاء السماح لهم بتدمير العراق "الضحية في الطرفين مسلمون".
ولكي يتمكنوا من السيطرة على المسلمين طرحوا فكرة العولمة أشبعوها بحثاً في المؤتمرات ودعاية في وسائل الإعلام حتى أصبحت بضاعة رائجة مع أن معظم المنادين بها لا يعرفون أبعادها، أعطوها صفة العالمية ليضللوا الشعوب بها.
يخطئ من يظن أن العولمة مقتصرة على الجانب الاقتصادي فحسب.. إنها دعوة إلى أسلوب حياة الغرب بمفاهيمه وأزيائه وقوانينه ودعوة اقتصادية رأسمالية تسعى إلى دخول السلع والخدمات ورؤوس الأموال والتعامل مع الشركات متعددة الجنسيات ومنظمة التجارة العالمية وصندوق النقد الدولي الذين يتحكمون في سياسته فيضغطون بواسطته على الشعوب الفقيرة ليطوعوها. قامت مظاهرات في الدول الفقيرة احتجاجاً على منظمة التجارة العالمية لأنهم سيستغلون إمكانات الشعوب الفقيرة ويمتصون دماءها ترى هل هناك دولة في العالم الثالث غير رازحة تحت وطأة الديون؟ لماذا؟ وهل رفعت هذه الديون من رفاهية الشعوب؟ أين ذهبت هذه القروض؟ ومتى سيمكن سدادها.
ويقصدون بالعولمة الثقافية فرض ثقافتهم مع تشويه لمعالم ثقافتنا وفرض عاداتهم وأزيائهم لتغيير عاداتنا وأزيائنا أقاموا أكثر من لقاء دولي في بلادنا لتحرير المرأة وماذا يهدفون من وراء ذلك! يهدفون إلى تحرير المرأة من الزي الإسلامي ومن الفضيلة و من قيم الإسلام لتكون مع نسائهم سواء.
ديننا الحنيف حرر المرأة منذ فجر الإسلام، والأحرى بهم أن ينادوا بتحرير المرأة الأوروبية والأمريكية التي استغلوا أنوثتها في ترويج بضاعتهم وهدموا حماية الأسرة لها، حرروا الأولاد والبنات من سلطة الأبوين حتى لم تعد ترى أثراً لبر الوالدين ولا لتوجيههم نظراً لسيطرة المفاهيم المادية عندهم، إنهم يريدون تحرير المرأة المسلمة من كل قيد أو قيم حتى من الضوابط الجنسية هكذا يريدونها كنسائهم ترى بم تفسر سعي السفير الأمريكي في الكويت ليحض الكويتيين على تأييد حق المرأة السياسي وتنقله من مضافة إلى أخرى لهذا الهدف لم هذا الاهتمام غير العادي؟! إنه جزء من العولمة التي يفرضونها علينا.
العولمة السياسية: إنهم ينادون بالحريات والديمقراطية ومحاربة الإرهاب. ولكن على طريقتهم الخاصة وفق مصلحتهم.. فحسب فما كان من جهاد لتحرير الأرض فهو بمنظورهم إرهاب تجب محاربته إن كان ضد أصدقائهم والثورة في وجه الاستعمار إرهاب إن كان شعارها الإسلام ولا يحق للدول التي يحتوونها أن تصدر تصريحاً دون ترخيص منهم ولا يجوز أن يتأخروا عن مؤتمر دعوا لإقامته حتى لو لم يكن لهم به صلة.
والخلاصة أن العولمة هي التبعية الفكرية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية للدول المتسلطة باسم العولمة إنه الغزو الفكري وتسلط الأقوياء على الضعفاء إنها شريعة الغاب.
ومن المؤسف أن بعض المحسوبين على الإسلام يسارعون للذوبان في مستنقعهم متوهمين أنهم بذلك يرتقون إلى القمة مع أنهم ينحدرون إلى الهاوية.. يظنون أنهم سيحلون بذلك مشاكلهم الاقتصادية ويعيشون وشعبهم برخاء مع أنهم يزدادون فقراً ويثقلون ديوناً.. ماذا دهى هذه الأمة؟ أين عزة المؤمنين؟ وأين كرامة العرب وشهامتهم؟ إنا لله وإنا إليه راجعون.