الشعب السوري بين سندان الاستبداد ومطرقة الدكتاتورية المتربصة
الشعب السوري بين سندان الاستبداد ومطرقة الدكتاتورية المتربصة
ناصح أمين
بعد أكثر من أربعين عاما يجد هذا الشعب المسكين نفسه مابين سندان الاستبداد المتمثل بالنظام السابق والحالي ومابين مطرقة دكتاتورية استئصالية مترصدة مدعومة من الخارج الذي يتعامل مع قضية الحرية وحقوق الانسان والديمقراطية بمكيالين فهم يدعون الى نشر ثقافة الديمقراطية ويعملون على ازالة بعض الأنظمة الديكتاتورية لكنهم في نفس الوقت يتعاملون مع ديكتاتوريين اخرين ويعتبرونهم حلفاء من الدرجة الاولى.
فهؤلاء المترصدين لم يخفوا أجندتهم بل أعلنوها أنهم سيمنعون بعض فئات المجتمع من ممارسة حقهم في التعبير والعمل السياسي وبالتالي فان هذا الشعب المسكين هو الخاسر الأول والأخير بسبب هذه الديمقراطية المزيفة التي يبشر فيها الاستكبار العالمي ووكلاؤه .
ولمس الشعب السوري اثار تلك الديمقراطية التي يبشر بها ادعيائها في العراق وفلسطين فكانت فعلا ديمقراطية الديكتاتور والمستبد الذي كلامه كلام الحمل الوديع وتصرفاته تصرفات الثعلب الماكر الذي وصفه أحد الشعراء كيف يخرج على الناس بلباس النساك والعباد لكنه في حقيقته لادين ولا عهد له.
ونعود الى حاكمنا الفرد المستبد الذي لايفكر الا بطريقة فردية والعمل على تغييب التفكير والعمل الجماعي مما جعل هذا الشعب يخرج من أزمة ليرى نفسه أمام أزمة جديدة وكل ذلك نتاج الاستبداد الذي تمت ممارسته على شعبنا منذ عقود من الزمن فهو يعيش حالة من الأزمة المستمرة وعلى كافة الآصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والامنية .
لقد حول هذا النظام سورية الشعب والمقدرات الى ركام ثم يدعي زورا وبهتانا الاصلاح فكيف يتم البناء على أنقاض الخراب والدمار فما تلك الشعارات التي يطلقها النظام حول الاصلاح الا عبارة عن حذاء يستخدمه لفترة ثم مايلبث ان يغيره لحذاء أخر ليدوس فيه على حقوق الشعب وكرامته .
ورغم كل النصائح والدعوات من قبل المخلصين من أبناء الوطن من أجل الاصلاح والتغيير لكن النظام مصر على سياسته الاستبدادية ليبقى متفردا بالسلطة حتى الممات ثم تتم عملية التوريث لمستبد جديد يكون ابنا لمستبد سابق .
وحتى يستمر هذا النظام في عملية الخداع وجلب التعاطف الشعبي له فانه مستمر في سياسته الشعاراتية بانه يقف وحيدا في الساحة في وجه الامبريالية ومؤامرتها على الوطن وانها تسعى لاستعمار البلاد والعباد بينما هذا النظام الاستبدادي يمثل قمة الاستعمار الداخلي بينما الاستعمار القادم ووكلاؤه يمثلون الاستبداد الخارجي .
ورغم كل صور القهر والظلم التي يمارسها النظام بحق الشعب فما زالت هناك فئات تجعل منه المنقذ والمخلص وبدونه ستعيش البلاد في حالة من الفوضى العارمة وستضيع البلاد وكأن النظام لم يضيع البلاد في الجولان , فما زالت وسائل الاعلام وأبواق النظام في الداخل والخارج تكلق بحقه الالقاب من القائد المحنك والزعيم الملهم والحاكم الحكيم في حين ان هذه الالقاب تحمل في معانيها قيادة الشعب نحو التقدم والرفاهية والتطور وأن الزعامة تعني القدوة الحسنة والحكمة في التعامل مع أبناء الشعب في حين انه يقود هذا الشعب نحو الهاوية والتخلف والتراجع .
وبسبب هذه السياسة الاستبدادية انقلبت المفاهيم فأصبح من هم تحت فوق والعكس صحيح وتبخرت السلطات والمؤسسات وتم تجميد القانون والدستور وأصبح القضاء قضاء أمنيا مخابراتيا وأصبحت الأحكام العرفية هي الأصل فاصيب المجتمع بزلزال ضخم دمر كل استقرار أفقد المجتمع كل قيم الأمن والأمان لان عسس النظام يتابعون حتى الهمس .
وبسبب هذه القبضة الحديدية اعتقد النظام أن الامور مستقرة والأوضاع مستتبة وتجاهل أن ارهاب الدولة هو السبب في هذا الجو من الخوف والرعب ,كما يعتقد النظام أن سطح الماء هادئ لكنه يجهل أن الاعماق تتململ وأن الامواج العاتية ستتحرك في أي لحظة وعندها سيحصل الانفجار مثل البلدوزر الذي سيجرف كل أساطين الاستبداد وأثاره وعندها سيكتشف هذا النظام وبطانته السيئة والشريرة أنهم كانوا مخدوعين بما يرونه من الهدوء ولكن عندها لن ينفع الندم
( آلآن وقد عصيت ) .
ان تصرفات هذا النظام على مدى عقود من الزمن لم تجني له ولحا شيته الا مزيدا من الكراهية والبغض والاحتقار والسخرية حتى أصبح مجالا للتندر والنكتة .
ولقاء ذلك فانه لابد من تشكيل هيئة طبية لتقوم بتحويله الى مستشفى المدمنين على الاستبداد للحجر عليه , فهل نجد بين تيارات المعارضة المتنوعة في الداخل والخارج من يتصدى لتلك المهمة أم سنبقى نسمع منهم الدعوة الى الاصلاح والترقيع للثوب المهترئ الذي لايفيد معه ترقيع
وعندها لتعذرنا تلك المعارضة ان قلنا لهم لقد نفضنا أيدينا منكم لانكم لاتعبرون عن أمالنا وطموحاتنا وآن لكم أن تقدموا استقالتكم ليتولى العمل غيركم بدماء جديدة وعقلية جديدة .
6-10-2004