حوار هيكل مع مثقفين عرب علي شاشة الجزيرة
حوار هيكل مع مثقفين عرب علي شاشة الجزيرة:
أيهما كان ضعيفا.. الحوار أم المتحاورون؟
علي مدي ساعتين كان لقاء محمد حسنين هيكل مع مثقفين عرب آخرين علي شاشة الجزيرة، لمناقشته ـ كما قيل في الدعاية للحلقة ـ فيما أورد من تحليل للشأن العربي الجاري أو ما قال من معلومات تتعلق به، لكن المفاجأة كانت ضعف الحلقة والحوار والطرح، بل وضحالة بعض ما قاله (مثقفو الأمة)! سؤال مثل لماذا كان ذلك كذلك، يدور حول أمرين، المشاهد المتلقي وما توقعه من الحوار (إن كان بالفعل حوارا)، وتلك الشخصيات وما قالته ـ بمن فيهم هيكل ـ، فالمشاهد توقع أن يسمع من (مثقفي أمته الكبار) شرحا للعلة الحقيقية ودليلا واضحا محددا لمواجهتها، والحديث هنا عن (المشاهد) باعتباره المواطن العربي العادي، الحائر في تشخيص ومواجهة ما يلاقيه من انتهاك لحقوقه كإنسان ومواطن، لكن الحلقة انتهت بعد ساعتين لم نسمع خلالها إلا مدحا متبادلا بين هيكل وباقي الضيوف، وعبارات إنشائية رنانة عن (أهمية الإصلاح)! أما الشخصيات نفسها التي استضافها البرنامج فهي بالتأكيد شخصيات لها احترامها ولها تجربتها الثرية مع الشأن العام كل في مساره، وقرأنا لهم واستمعنا لهم عدة مرات من قبل، لكن آفة المثقفين العرب في العقود الأخيرة ـ وفي ظل هذا التردي الحضاري الذي تعيشه شعوبهم ـ هي أنهم حريصون علي لمس ذلك الذي يسمونه (الشأن العربي الجاري) عن بُعد! إنهم لا يشخصون مرضنا بجرأة أبدا، إنهم يدورون حول العلة الحقيقية لكنهم لا يشيرون إلي سبب تدهورنا مباشرة، بدء ً بهيكل وحتي كل من شاركه الحديث، لماذا ومم يخافون؟ إنهم يملكون حصانة نسبية بأسمائهم وعلاقاتهم الخارجية، قد تمنع عنهم أذي ذوي السلطان إذا تحدثوا عنهم مباشرة، فلماذا لا يتحدثون موجهين حديثهم إلي المشاهد رأسا، بأن مشكلتنا تتلخص في وجود حاكم يمارس اللصوصية، ومواطن لا يمارس الغضب، وأن اللص لا يتوقف عن السرقة ما لم يوقفه صاحب حق غاضب، وأن الرئيس مبارك والعقيد القذافي وآل سعود وعمر البشير وغيرهم هم بحاجة ماسة إلي من يوقفهم! لكن بدلا من ذلك استعاض جميع المتحاورين بكلمات عامة وعبارات إنشائية عن الإصلاح وضرورة الديمقراطية، وكالعادة فاضوا في سب أميركا وما تبديه من غرور القوة والغطرسة، ذلك الكلام (الآمن) الذي لم يعد يغضب أحدا، لا ذوي السلطان ولا أمريكا نفسها!. فإذا كان التاريخ يقر حقيقة أن التغيير يقوده دائما مثقفو الأمة.. أو علي الأقل يفجروا شرارته.. واذا كان كبار مثقفينا يدورون حول علتنا (ويخشون) لمس الجرح الحقيقي.. فما اسعد اللصوص بهكذا مثقفين.. مفلسين!
كاتبة من مصر