من الأفكار الاستراتيجية للإمام الشهيد حسن البنا
من الأفكار الاستراتيجية
للإمام الشهيد حسن البنا
عندما حاول بعض الإقليميين فصل البلاد العربية بعضها عن بعض، وإحياء النعرات الإقليمية الضيقة كالفينيقية والبابلية والبربرية والفرعونية، كان الإمام حسن البنا ينادي بالوحدة العربية والعمل على إحيائها وهو في الثلاثين من عمره، ففي رسالته التي تحمل عنوان: دعوتنا في طور جديد التي كتبها الأستاذ البنا في الثلاثينيات من القرن الماضي قال:
"بذلك نعلم أن هذه الشعوب الممتدة من الخليج إلى المحيط كلها عربية، تجمعها العقيدة، ويوحدها اللسان.. ونحن نعتقد أننا حين نعمل للعروبة نعمل للإسلام ولخير العالم كله."
وفي رسالة المؤتمر الخامس التي تضمنت المبادئ الأساسية لأفكار الشيخ حسن البنا التي أعلنها عام 1938 بمناسبة مرور عشر سنوات على تأسيس حركة الإخوان المسلمين، جاء فيها جملة أمور على غاية من الأهمية منها:
1 – في الحياة الدستورية:
الواقع أيها الإخوان أن الباحث حين ينظر إلى مبادئ الحكم الدستوري التي تتلخص في المحافظة على الحرية الشخصية بكل أنواعها.
وعلى الشورى واستمداد السلطة من الأمة.
وعلى مسؤولية الحكام أمام الشعب، ومحاسبتهم على ما يعملون من أعمال.
وبيان كل سلطة من السلطات.
هذه الأصول كلها يتجلى للباحث أنها تنطبق كل الانطباق على تعاليم الإسلام ونظمه وقواعده في شكل الحكم، ولهذا يعتقد الإخوان المسلمون أن نظام الحكم الدستوري هو أقرب نظم الحكم القائمة في العالم كله إلى الإسلام، وهم لا يعدلون به نظاماً آخر.
2 – خدمة الوطن:
على كل مسلم أن يخدم الوطن الذي نشأ فيه، ومن هنا كان المسلم أعمق الناس وطنية وأعظمهم تفانياً لمواطنيه، لأن ذلك مفروض عليه من رب العالمين.
وكان الإخوان أشد الناس حرصاً على خير وطنهم، وتفانياً في خدمة قومهم، وهم يتمنون لهذه البلاد العزيزة المجيدة (مصر) كل عزة ومجد وكل تقدم ورقيّ، وكل نجاح وفلاح.
فالإخوان يحبون وطنهم.
ويحرصون على وحدته القومية بهذا الاعتبار.
ولا يجدون غضاضة على أي إنسان أن يخلص لبلده.
وأن يفنى في سبيل قومه.
وأن يتمنى لوطنه كل مجد وكل عز وفخار.
3 – الوحدة العربية:
ثم إن هذا الإسلام الحنيف نشأ عربياً.
ووصل إلى الأمم عن طريق العرب.
وجاء كتابه الكريم بلسان عربي مبين.
وتوحدت الأمم باسمه على هذا اللسان يوم كان المسلمون مسلمين.
وقد جاء في الأثر:
"إذا ذل العرب ذل الإسلام".
وقد تحقق هذا المعنى حين دال سلطان العرب السياسي، وانتقل الأمر من أيديهم إلى غيرهم من الأعاجم والديلم ومن إليهم.
فالعرب هم عصبة الإسلام وحراسه.
وهنا أحب أن أنبه إلى أن الإخوان المسلمين يعتبرون العروبة كما عرّفها النبي (صلى الله عليه وسلم) فيما يرويه ابن كثير عن معاذ بن جبل:
"ألا إن العربية اللسان، ألا إن العربية اللسان".
ومن هنا كانت وحدة العرب أمراً لابد منه لإعادة مجد الإسلام وإقامة دولته وإعزاز سلطانه.
ومن هنا وجب على كل مسلم أن يعمل لإحياء الوحدة العربية وتأييدها ومناصرتها.
وهذا هو موقف الإخوان المسلمين من الوحدة العربية.