الشعب الإيراني يبحث عن رئيسه القادم

مصطفى زهران

"السباق الرئاسي الإيراني يقترب من بدايته ......وسط ترقب عربي وغربي .....لنتائج الإنتخابات الإيرانية"

"....الانتخابات الايرانيه هذا العام لها مذاق خاص من حيث حده التنافسيه بين اطياف مختلفه وتوجهات ورءي متباينه ,بالإضافه الي اختلافها عن سابقاتها من خلال التنوع الملحوظ وصوره الدعم سواء من قبل المرشحين او مواقف الاحزاب, الأمر الذي يعكس حجم التوتر علي الساحتين الداخليه والخارجيه الإيرانيه..."

لم تشهد الساحه الداخليه للاصوليين من قبل انقساما مثل الذي تبدي قبيل الدفع بمرشحين لخوض الانتخابات الايرانيه المزمع عقدها في يونيو الحالي , وبشكل بدي ملحوظا داخل اروقه الأصوليين ,فتعدد الرؤي لملامح الرئيس القادم والحكومه الإيرانيه المقبله و التي سيتم ترشيحها في انتخابات يونيو  الي ثلاثه اتجاهات رئيسه :

الاتجاه الاول:الوقوف بقوه وراء الزعيم الثوري "احمدي نجاد"ولعل هذه الاتجاه يستمد قوته من جمهور المحرومين الذي اولي به الرئيس الايراني اهميه كبيره وعنايه لانظير لها,وهم وقود حملته الانتخابيه الجديده.

الاتجاه الثاني يتجاوز احمدي نجادي ويضم شخصيات كبيره مقربه من الرئيس الايراني احمدي نجادي و كانوا يدعون الي حكومه ائتلافيه يتم من خلالها ترشيح رئيس الحكومه القادم واهم رموز هذا الاتجاه هم "محسن رضائي"امين مجمع تشخيص مصلحه النظام,"محسن قاليباف"رئيس العاصمه طهران,علي اكبر ولايتي"مستشار الزعيم خامنئي"والتي تحظي بتأييد من علي لاريجاني رئيس السلطه التشريعيه.

ولكن بعد قرار قاليباف رئيس العاصمه الايرانيه بعدم ترشحه في مواجهه احمدي نجاد وامتناع علي لاريجاني ووعلي اكبر ولايتي عن المضي قدما نحو الترشح ,اجهضت الفكره في مهدها ,الامر الذي ادي بمحسن رضائي في نهايه المطاف الي العدول عن الفكره ذاتها.

الاتجاه الثالث:اختيار مرشح اخر للرئاسه يمثل وجها اخر للمعتدلين مع عدم تجاوز احمدي نجاد

ربما عدم تجييش الاصوليين انفسهم وعدم الادلاء باصواتهم كامله لاحمدي نجاد يرجع لاستقلاليته وجرائته المفعمه بروح الثوره التي جلبت الكثير من المشاكل علي الصعيدين الدولي والمحلي,مما ادي الي تولد الرغبه لدي الاصوليين لدعم موسوي المرشح الاصوي والمنافس الشرس لاحمدي نجاد.

الاصلاحيين.... المنافس الصعب:

انسحاب خاتمي المفاجئ انصب بصوره قويه في صالح موسوي ويعقد الاصلاحيين علي هذا الرجل امالا كبيره ,الامر الذي دفعهم نحو محاولات لعقد صفقات لثني مهدي كروبي عن ترشحه لصالح موسوي ناهيك عن حجم الدعم الهائل الذي يتم تعبئته كل يوم لصالحه وخاصه الاحزاب الاصوليه القديمه "حزب المشاركه""حزب مجاهدي الثوره"والاحزاب الشعبيه الاخري وتلعب المراه دورا كبيرا في هذه الانتخابات وتؤازره زوجته زهرة موسوي  من خلال عقدها للمؤتمرات الصحفيه وغيرها التي تهتم بها وسائل الاعلام المختلفه وخاصه عندما تكون للمرأه دورا كهذا في دوله تتهم دائما بتهميشها للمرأه في جوانب عده.

ولعل الظهور الاعلامي للسيده زهره موسوي علي شاشات التلفاز جنبا الي جنب مع زوجها مير حسين موسوي  في مجتمع محافظ مثل ايران اثار الدهشه والاستغراب علي الساحتين الداخليه والخارجيه...وتسائل الإعلام الغربي عن هذا الظهور ... هل هو تمهيدا لظهور "سيده ايران الأولي"كمثيلاتها في الدول العربيه والغربيه..؟

ومع قرب العدالتنازلي لبدء الانتخابات الايرانيه المزمع عقدها في الثاني عشر من يونيو الجاري انحصرت دائره انتخاب الرئيس الايراني حول اربعه مرشحين .......بعد موافقه المجلس الانتخابي عليهم :

الرجل الاول:

محمود احمدي نجاد ...الثوري الملهم...!

يمكننا القول ان احمدي نجادي هو اكثر مرشحي الرئاسه الإيرانيه علي مدار ثلاثين عاما اطلاقا للشعارات, والتي كانت لها واقع الأثر في لفت انظار الجمهور الإيراني المترقب للتغيير, مما ساعد في النهايه الي نجاحه الغير متوقع حيث انه كان في مؤخره استطلاعات الراي التي اجرتها وزاره الاعلام والاذاعه والتليفزيون الايراني في اوائل 2005م.
لعب نجادي علي وتر الإصلاحات الإقتصاديه وارتفع صوته الي جمهور الشباب, رافعا اعلام التغيير, واضعا نصب أعينه الطبقات الفقيره ,مماكان له واقع الأثر في حشد جمهور ضخم لم يخاطب منذ الايام الأول للثورهالخمينيه ,فساعدته كل هذه العوامل علي الفوز بالانتخابات الرئاسيه الإيرانيه في 2005م.

نجاد الذي ينتمي الي تيار المحافظين وخاصه المتشددين منهم والذي يوصف بالثوري الملهم والذي ينتظر بشده ,عوده الامام المهدي ويدعو من علي المنبر الرئاسي دوما بتعجيل فرجه الشريف علي حد قوله وعندما تقلد منصب الرئاسه الايرانيه في عام2005م اصبح اول رئيسا يتولي الحكم منذ قيام الثوره الاسلاميه عام1979مدون ان يكون رجل دين,فهو بذلك يتميز عن غيره بميزات عده علي راسهم عدم تلقيه تعاليم حوزويه.

استمد نجاد قوته من الطبقه التي انتمي اليها يوما ما وخاصه الفقراء في بلده وثوريته اللامحدوده ونقده للكيان الصهيوني ووصفه المحرقه الاسرائيليه بالخرافه ودفاعه المستميت نحو احقيه امتلاك ايران للسلاح النووي ففي ابريل نيسان 2009م قال احمدي نجاد في خطاب امام الجمعيه العامه للامم المتحده بان اسرائيل بنيت علي مبادئ عنصريه ما ادي الي خروج اكثر من 30 مندوب دوله من القاعه ولكن هذه الحادثه جعلته يستقبل كالفاتحين لدي عودته ايران.

وبعد انتهاء ولايه احمدي نجادي الرئاسيه ربما ينظر منتقدو الرئيس الإيراني الي تلك الشعارات القديمه محاولا ايجاد ايه نتائج لها.... فلايجد الا زياده في معدلات التضخم وتعسر الحاله الاقتصاديه اكثرمماكانت عليها قبل نجاد ناهيك عن التوتر في السياسه الخارجيه الإيرانيه بينه وبين العرب وامريكا ..... فلايجد الا زياده في معدلات التضخم وتعسر الحاله الاقتصاديه اكثرمماكانت عليه ناهيك عن التوتر في السياسه الخارجيه الإيرانيه بينه وبين العرب علي وجه العموم وامريكا علي وجه الخصوص بسب الملف النووي الايراني.

ولكن بالرغم من تلك الإشكاليات التي تعوق نجادي نحو ضمان فوزه في الانتخابات الايرانيه الحاليه الا انه لايزال يتتمتع بتأييد الجيش والحرس الثوري الايراني مايجعله رقما صعبا ومرشحا من العسير التغلب عليه.

الرجل الثاني:

:مير حسين موسوي ...ذي الوجه البروقراطي....والرقم الصعب؟!

يعرف موسوي ايران جيدا من الداخل ومن الخارج ,فخبرته كأخر رئيس وزراء لإيران جعلته وسطا بين التيارات السياسيه المختلفه والمتنوعه والتي كانت مابين الفتره من "1981م الي1989م" ,وتلخصت سياسته دائما في تقليل التوتر في الداخل والخارج الأمر الذي اكده الساسه داخل ايران ان موسوي الوحيد لقادر علي اختراق صف الاصوليون علي حد قولهم والتي دفعته طموحاته نحو التغير الي الترشح لإنتخابات الرئاسه قائلا: ان الاحساس بالمسئوليه هو مادفعني الي الاشتراك في الانتخابات الرئاسيه العاشره.

موسوي الرسام والمهندس المعماري ظل بمنأي عن العمل السياسي لمده قاربت 20 عاما ولكنه كان مستشارا رئاسيا منذ 1989م حتي 2005م بالاضافه الي كونه كان عضوا في مجلس تشخيص مصلحه النظام.

تتصف ثوريه موسوي بالثوريه الأصيله التي لم تطلها أي نوع من التغير او الانحراف

عن القيم الثوريه الخمينيه الأصيله.ويري الساسه والاقلام الصحفيه في الداخل الإيراني فسنوات حكم المحافظين عكست جراء سياساتها الداخليه واقعا اقتصاديا متأرجحا ومعاناه حقيقيه من وجه نظر الاصلاحيين, فهم يرون ان اهداف الثوره الحقيقيه لا الواهمه انحرفت عن ماكانت تصبوا اليه في الماضي ,والتي تضمن ان " لاتبقي احد من الحفاه حافي القدمين"," وان يصبحوا جزءا من الطبقه المتوسطه حتي يكتسب النظام السياسي سمه الثبات "و"كذلك تدعيم الجمهوريه الإسلاميه علي الصعيدين الداخلي والخارجي علي حد سواء....والاصلاحيين يرون ان ماحدث غيرذلك فالحفاه في ايران لم ينالوا العزه التي ارادوها ولم يحتفظ اولئك الذين ينتمون الي الطبقه الوسطي بمكانتهم .

كل ذلك دفع من يوصف بالثوري المعتدل بالإندفاع نحو الترشح للرئاسه الايرانيه غير مباليا بسطوه المحافظين محاولا تغيير الواقع برؤي اكثر ثوريه ولكنها ليست مصطنعه من وجه نظره من اجل الوصول الي الحكم .

لذلك فهو يصف اللحظه الراهنه بالصعبه ,ففكره الإقتصادي يتمحور حول فكره العداله بالإضافه الي انه من يساري الثمانينات وسياساته الخارجيه تنتمي الي سياسات المواجهه مع العالم الخارجي....فهو مهندس الثوره والحرب "

نظره الجمهور الايراني لموسوي...

الجماهير الايرانيه بالداخل تصبو الي نوع من الاستقرارالإقتصادي شانها شأن أي امه,لذلك فالتأرجح الاقتصادي بالداخل الايراني وارتفاع نسبه البطاله بين الشباب ,بالاضافه الي الأزمه الماليه العالميه وانعكاساتها عل المنطقه في حاجه ملحه الي من يعيد لإيران توازنها الإقتصادي.

موسوي وتجربته السابقه والتي انتعش فيها الاقتصاد الإيراني ,والتي اتسمت بالتجربه الفريده والعداله الإجتماعيه فتره توليه رئاسه الوزراء جعلتهم ينظرون بلهفه الي موسوي آملين بتحسن اقتصادهم وتنميته ,ليواكب الدول الأخري المتقدمه ,وهو تطلع ابناء الطبقه المتوسطه التي تتأرجح بين الفينه والاخري لأسفل.

وموسوي علي حد قول هادي خسرو شاهي يشبه الواقعيين البراجماتيين مقارنه بخاتمي الذي اعلن انسحابه مبكرامن السباق الرئاسي المتقارب مع التيار المثالي الليبرالي ومن خلال هذه السمات لن يكون من السئ ان يتوجه الإصلاحيون واليسار الإسلامي لانتخاب" مير حسين موسوي"

ولكن فرص موسوي نحو الفوز تضاؤل لعده اسباب من اهمها كبر سنه وانتمائه الي الجيل الاول للثوره وهو الامر الذي يجعل من انتخابه ارتدادا للوراء وتنازل عن ادبيات الثوره التي تفرض تسليم الجيل الاول للثوره للثاني وهكذا دواليك ,تبعا لسنه التطور والدفع نحو الأمام,بالإضافه الي ظهوره مستقلا عن التكتلين الاصلاحي والاصولي أي افتقاده للانتماء ,والاقتراب بشده نحو الاصلاحيين المتشديين الذين يؤيدونه وهو الخطأ الذي ارتكبه في السابق محمد خاتمي الذي كان يقرب  الاصلاحيين المتشددين منه الامر الذي يجعله يفتقد شريحه كبري من جمهور البسطاء والفقراء.

الرجل الثالث:

محسن رضائي ...الوجه الاخر للمحافظين...!

رضائي ونجاد ينتميان لفصيلا محافظا واحد الاان رضائي غير راض علي سياسه نجاد و يكيل لها الاتهامات وخاصه في هذه الانتخابات والتي وصف فيها نجاد بانه قد "دفع ايران الي حافه الهاويه"نتيجه لما احدثه من اضطرابات في السياستين الداخليه والخارجيه,وخاصه المسأله الاقتصاديه الايرانيه وماتعانيه من ضربات متلاحقه وخاصه في ظل الازمه الماليه العالميه التي زادتها سوءا. 

رضائي البالغ من العمر 54 عاما والذي سبق وان تولي رئاسه الحرس الثوري الايراني  كان المرشح الاول الذي حصل على موافقة اللجنة الانتخابية على ترشيحه وكان رضائي قد سبق وترشح عام 2005 لكنه انسحب عشية الانتخابات.

يرفع رضائي شعارات التغيير عن طريق مكافحة البطالة والفقر، فرضائي الحائز علي الدكتوراه في الاقتصاد يجيد التعامل في ظل تلك الضربات والازمات  الاقتصاديه التي تعوق مسيره التنميه في الداخل والخارج الايراني علي حد قول من يدعمه ومؤيديه من الجكهور والنخبه الايرانيه.

اضافه الي البحث عن سياسه متوازنه وعدم الاغترار والقيام بمغامرات كلاميه علي حد قوله منتقدا نجاد  وبذلك تضح الاجنده التي يحملها رضائي خلال رحلته الانتخابيه مع الاهتمام بالملف النووي بشكل منضبط ومتوازن.

تاريخ رضائي العسكري يعود الى عهد شاه ايران حيث كان عضوا في احدى المجموعات المسلحة التي حاربت نظام الشاه المدعوم حينها من الولايات المتحدة.

وتذكر شبكه البي بي سي الناطقه بالعربيه علي الانترنت ان  رضائي هو على قائمة المطلوبين الخمسة في الارجنتين للاشتباه بضلوعه في الهجوم على مركز يهودي الذي ادى الى مقتل 85 شخصا عام 1994 .

الرجل الرابع:

مهدي كروبي....بين سندان الحرس الثوري الايراني ..ومطرقه التلاعب في نتيجه الانتخابات :

مهدي كروبي البالغ من العمر 72 عاما والرئيس السابق للبرلمان الايراني بين عامي 1989م و 1992يقدم نفسه اليوم للجمهور الايراني علي كونه اصلاحيا ,ينضم لقافله المهاجمين بشده لسياسه احمدي نجاد الداخليه والخارجيه وله وجه نظر تختلف عن نجادي في مسأله المحرقه الاسرائيليه كونها خرافه ام حقيقه .!

دائما ماينظر الي الحرس الثوري الايراني بعين من الريبه والشك ,ويقول انه لايجب علي الحرس الثوري الايراني التدخل في الانتخابات بأي شكل من الاشكال ....وان تكون اراده الشعب هي الحكم الاول والاخير.

الخط السياسي الذي وصفه كروبي بالوسطي"وهي طريقته ومنهجه في التعاطي مع القضايا الايرانيه في الداخل والخارج" هو طريق الامان من وجهه نظره  لادخال الاصلاحات السياسيه والاجتماعيه والاقتصاديه في ايران .

الا اننا كما ذكرنا انفا يتعرض كروبي لمحاولات لثنيه عن ترشحه لصالح موسوي المنافس القوي لنجاد وربما تعكس الايام القادمه غير ذلك.

الحملات الاعلاميه ...علي غرار الحملات الانتخابيه الامريكيه:

وبالرغم من ذلك العرض السابق  الا ان المنافسه الحقيقيه تنحصر بين مرشحين اثنين الاوهما نجاد وموسوي ,وشهدت الايام الاخيره حربا اعلاميه شديده بين المرشحين حيث اتنتقد موسوي ثوريه واسلوب نجادي الناري معلقا عليهم علي كونهم سببا في اجترار المشاكل لايران ...وان كرامه ايران في وضع حرج بسبب نجاد وسياسته المتعرجه.

وقابله نجادي بالسخريه من شكل حملته الانتخابيه والتي تقودها زوجته واصفا اياها بانها تعكس قله الخبره لديهما,بالاضافه الي ذكره تلاعبات اقتصاديه حدثت ابان عهده  تمهد الي وقوع فساد مالي واداري لم يكشف النقاب عنه بعد .

اذن هو سباق محموم بين جيلين مختلفين ,فهل ينتصر الشباب علي الجيل الأول للثوره......هو ماننتظره في الايام القادمه... وربما تلعب هذه الورقه دورا هاما في رجوح كفه احدهما علي الاخر.