الانتخابات اللبنانية
إني أعشق السجال الانتخابي في لبنان!!
فيصل الشيخ محمد
السجال الانتخابي في لبنان أعشقه وأهيم به، وقد حُرِمَتْ منه بلدي سورية، منذ الثامن من آذار عام 1963، عندما تسوّر حفنة من الضباط المغامرين أسوار الحكم في دمشق، في غفلة من الجماهير السورية المخدّرة، بكل أحزابها، وأطيافها السياسية، ومنظمات مجتمعها المدني، ومثقفيها وعلمائها وأخيارها، وأفراد وضباط جيشها الوطني، ورجال أمنها.. بمصل (الوحدة) التي يسكرون عند سماع تغريدها، ويغيبون عن وعيهم عند شدو البعض بأغانيها وألحانها.
السجال الانتخابي الحاصل في لبنان يؤكد على (تجزّر) الديمقراطية في هذا البلد الصغير بمساحته، الكبير بأهله وأطيافه وأعراقه وأديانه.. صحيح أن هذا السجال يتخطى في بعض اندفاعاته الخطوط الحمر، والتصعيد وارتفاع وتيرة التحدي، إلا أنه حتى اللحظة فإنه لا يزال ضمن دائرة الانضباط والاحترام وضبط النفس.
في لبنان اليوم فريقان يتنازعان الفوز بالانتخابات، وكل منهما يحاول التقرب إلى الجماهير اللبنانية ببرامجهما، وكل منهما يقوم بحملته الانتخابية على طريقته الخاصة، مستخدماً ما يملك من أوراق ووسائل إعلامية مرئية ومسموعة ومقروءة، إضافة إلى ما تقوم به بعض الفضائيات ووسائل الإعلام العربية لصالح أحد الفريقين وبطريقتها الخاصة، للتأثير على الجماهير اللبنانية.
الفريقان لا ينسيان ظهور(كتلة وسطية) قوية تشكل خطراً كبيراً على قوة أيٍ من الفريقين وما يمكن أن يحوزه من مقاعد في المجلس النيابي القادم.. هذه الكتلة يقودها النائب المسيحي صاحب الشعبية الكبيرة في الأوساط المسيحية ميشيل المر، المقرب من رئيس الجمهورية ميشيل سليمان، والذي كان وراء حصول الجنرال عون في الانتخابات النيابية السابقة على أكثرية أصوات المسيحيين اللبنانيين، ولهذا نجد عون الذي يرأس كتلة الإصلاح والتغيير والمتحالف مع قوى الثامن من آذار (حزب الله وأمل وحزب البعث والحزب القومي السوري) يخشى من ظهور هذه القوة، فهو يعتبر أن (الكتلة الوسطية هي الاسم الحركي لقوى الرابع عشر من آذار، لتكسب من خلالها أصوات المسيحيين).
أيضاً فإن فريق الرابع عشر من آذار يتحسب لهذه الكتلة الوسطية، ولكن بمستوى أقل من تحسب الجنرال عون، فبطرس حرب النائب في قوى 14 آذار يرى أنه: (بإنشاء كتلة وسطية قد نخسر كقوى الرابع عشر من آذار بعض المقاعد النيابية ولكن لا مانع لدينا إذا كان هذا ما يريده الشعب اللبناني، فليس بالضرورة أن نكون نحن متعاونين لاحقاً مع هذه الكتلة.. بالعكس قد نكون متصادمين، لكن النقاش هو حول المبدأ وهل يجوز لفريق 14 آذار أو 8 آذار أو لأي إنسان أن يكون ضد نشوء كتلة وسطية؟!).
أريد أن أكون مراقباً حيادياً لهذه الانتخابات، ولكن أسلوب الخطاب عند كل من الفريقين، يجعلني أندفع في تأييد فريق على فريق.. فخطاب رموز 14 آذار تلمس فيه الشفافية والعقلانية والوطنية والوسطية والحب والمسالمة، في حين تسمع خطاب رموز الثامن من آذار فتصاب بالخوف والرعب والإشفاق على لبنان وأهله، فلغة التخوين والكراهية والحقد والتذكير بيوم السابع من أيار المشؤوم هي لغة كل قادة فريق الثامن من آذار وفي مقدمتهم (السيد حسن نصر الله والجنرال عون ونعيم قاسم ووئام وهاب وسليمان فرنجية وعاصم قانصوه).
أتمنى من كل قلبي أن تمض العملية الانتخابية في لبنان بكل سلاسة وشفافية، بعيداً عن كل تشنج ومغالاة، وأن يقبل جميع الفرقاء بنفس رضية وروح رياضية ما تفرزه صناديق الاقتراع، والقبول بكل ما يريده الشعب اللبناني ويقرره ويختار.. لأن نتيجة هذه الانتخابات لا تخص لبنان واللبنانيين فقط بل تخص المنطقة العربية كلها، فلبنان خاصرة المشرق العربي، وخاصة سورية والسوريين، لأن نتائج هذه الانتخابات تقرر ما يجب على سورية فعله وسلوكه في قابل الأيام.