ان العبد لايحسن الكر والفر

ان العبد لايحسن الكر والفر

طريف السيد

كثير منا من يقرا قصصا من التاريخ العربي ولكل هدفه من وراء قراءته لكن كم منا يقف عند بعض المشاهد والمواقف التي تعبر عن واقع الامة المؤلم من ذل وهوان وظلم وعبودية واسترقاق من قبل حكام لم يكن لنا اي راي في اختيارهم بل بقوة الامن والمخابرات فرضوا انفسهم علينا ثم كانت نتيجة التصويت هي اربع تسعات .
او قفني مشهد يحتاج الى ان ناخذ منه العبرة والعظة ثم نسقطه على ارض الواقع لنرى اثره علينا .

(كلنا يسمع عن عنترة بن شداد الذي ولد اسود البشرة مما جعل والده يتنكر منه , ولكن في ساعة شدة ومحنة وخطر داهم قد يستاصل القبيلة فيستنجد الاب بابنه عنترة المشهود له بالشجاعة والمرؤوة والحب والاخلاص لقبيلته فنادى الاب بابنه قائلا - كر ياعنترة - فما كان من عنترة الا ان رد على والده - ان العبد لايحسن الكر والفر وانما يحسن الحليب والصر - فادرك الاب خطاه بحق ابنه حينما حرمه من شرف الابوة واحترام الذات فبادر الاب فورا الى تصحيح الخطا قائلا - كر وانت حر - وعندما استعاد عنترة قيمة ذاته واحترامها كر فكانت معركة خاضها برجولة وشرف خلدته بطلا يذكر عبر القرون )
1- وقبل التعليق على هذا الموقف اقول انني مواطن سوري مسلم عربي رغم ان هناك من حرمني مع مئات الالوف امثالي من هذا الانتماء واكثر من ذلك حرمنا من اي وثيقة تثبت شخصيتنا بل حرمنا حتى من حقوقنا المدنية ولم يتوقف الامر عندنا بل تعداه ليشمل زوجاتنا وحتى اولادنا الذين ولدوا خارج الو طن ومن شده الشوق منهم الى وطنه الذي لايعرفه فان مصيره هو المعتقل وكل هذا الحرمان والظلم بسبب راينا في نظام لايعرف الا الظلم والاستبداد والاعتقال والتشريد والقتل لكل من تسول له نفسه ان يقول لا بو جه الطغاة والظلمة .
2- بدا عهد العبودية والاسترقاق في سورية في الثامن من اذار 1963 حينما قاد حزب البعث العربي الاشتراكي انقلابا عسكريا ومن وقتها فرضت على البلاد والعباد حالة الطوارئ والاحكام العرفية والقوانين الاستثنائية والتي صدرت لمواجهة العدو الصهيوني , لكن المواطن السوري لم يلبث طويلا حتى اكتشف انه هو هذا العدو المقصود فطبقت بحقه كل هذه القوانين في حين لم تطبق مرة واحدة بحق العدو الحقيقي .
3- ومنذ ذلك التاريخ بدا الشعب السوري بكل مكوناته باستثناء المنتفعين والمطبلين وا لمزمرين بدا يعيش عبودية مادية حرمته من الاستفادة من ثروات بلاده التي تركزت بيد مافيا منظمة تتربع على عرش الحكم او مدعومة من راس النظام سواء الاب او الابن وكذلك بدا يعيش عبودية معنوية بسبب الكبت والاكراه وكم الافواه وجعل البعث هو القائد للدولة والمجتمع ومن اعترض فمصيره اما الى الاعتقال او القتل او التشريد والغربة عن الو طن .
4- وبسبب هذا الذل والهوان والظلم والاستبداد فقد المواطن السوري احترام الذات وقيمته الانسانية واصبحت فيمته اما رصاصة او زنزانة او غربة قاسية او يعيش عبدا في مزرعة آل اسد لان الحكم في سوريا اصبح حكما جملكيا بعد ان كان جمهوريا .
5- وفي ظل العبودية والاسترقاق ولكي يستمر ذلك وضع النظام السابق والحالي حوله طبقة من المستبدين والمنتفعين ليضمن له وعائلته الاستمرار في حكم البلاد والعباد بالحديد والنار حتى وصل بتلك الطبقة ان تضفي على الظالم والمستبد كل الالقاب بل اجبروا الشعب ان يهتف بالروح بالدم نفديك ياحافظ وبالروح بالدم نفديك يابشار والانكى انهم اضفوا عليهم القابا لاتليق الا بخالق هذا الكون , ففي عهدهم الميمون اختفت كل المؤسسات وتم وأد القانون وذابت كل السلطات واصبح هو القائد الاوحد وهو القائد الى الابد اضافة الى القاب لاتستحق الا ماقاله احد الشعراء

مما  يزهدني  في  ارض  اندلس
القاب  مملكة  في غير مو iiضعها


 
اسماء    معتمد   فيها   iiومعتضد
كالهر يحكي انتفاضا صولة الاسد

6- وفي ظل العبودية كثرت اجهزة الامن والمخابرات حتى تجاوز عددها سبعة عشر جهازا فزادت مساحة الخوف والقلق وزج بعشرات الالوف في المعتقلات لقي حتفه منهم اكثر من النصف وشرد مئات الالوف وانقلبت المفاهيم فاصبح الظلم والاستبداد ديمقراطية ولكن على مزاج الزعيم الملهم حيث الديمقراطية عنده تعني ان المواطن حر ان يقول ما اريد وتحولت الحرية الى كفن تم لف الشعب به واصبحت صناديق الاقتراع توابيت دفنت فيها ارادة الشعب وماهذه الديمقراطية التي يتشدق بها النظام وابواقه الاعلامية الاعبارة عن عملية تجميل لاخفاء وجهه القبيح .
7-
وفي ظل العبودية دخل الشعب حظيرة مزرعة آل اسد ليتحول الشعب الى قطيع يساق بالعصى ومن شذ عن القطيع فهو عميل للخارج تحركه الايادي الخفية التي تتربص بالبلد شرا .
8-
وفي ظل العبودية يتفنن المستبدين في صنع معاناة الشعب والقضاء على امالهم ليصبح هذا الو طن الرحب الواسع الى معتقل كبير اسمه سوريا حتى يخشى الاب ان يتكلم ولو بك لمة واحدة ضد هذا النظام حتى ولو امام اقرب المقربين له لان النظام اقنعهم ان للجدران اذان .
9-
وفي ظل العبودية تكرست اسوا مافي الطائفية فاصبح الو طن والمواطن مترهنا لطائفة بعينها فرؤساء اجهزة الامن والمخابرات والرتب العالية في الجيش والمناصب المهمة والحساسة حكرا على هذه الطائفة اما الكركوزات من الطوائف الاخرى فهي مثل ( عزرط مابحل ولا بيربط )
10-
ان هذا النظام سلب حرية الانسان في سوريا فاصبح عبدا بلا ارادة غير قادر على الوقوف بوجه التحديات ولا بوجه المخاطر وهو غير قادر على تحقيق اي هزيمة لاعداء الو طن , ثم ينادي الابن الوريث بالشعب ليلتفوا حول القيادة الملهمة للتصدي للاخطار لكن الشعب يجيب كما قال عنترة العبسي

لاتسقني ماء الحياة بذلة              بل فاسقني بالعز كاس الحنظل

ويقولون للنظام اذا اردتنا ان نقف في وجه التحديات فما عليك الا ان تعيد لنا الحرية المسلوبة والكرامة المهدورة عندها ستجدنا نحن اهل الكر والفر.
11-
ان الشعارات التي يطلقها النظام بين الحين والاخر ماهي الا بالونات فارغة والاصلاح والمصالحة الحقيقية هي الغاء كل الاسباب التي ادت الى هذه الحالة من العبودية واقصاء كل الذين كانوا سببا لها وخلق حالة من التفاعل الايجابي بين مكونات المجتمع السوري الدينية والو طنية والقومية فهل يمتلك الرئيس بشار هذه الجراة والشجاعة والا فان البلد سيفقد سيادته كما فقدتها بلدان اخرى وعندها سيتخلى او ل من يتخلى عن هذا النظام تلك المافيا وهذه الابواق المطبلة كما حصل مع انظمة كانت تظن ان هذه الجموع الجرارة سوف تدافع عنها ونسيت تلك الانظمة ان قطيع البشر بدون حرية وقيمة واحترام للذات لاتملك القدرة للدفاع حتى عن نفسها ولكن مانت ينهار الصنم حتى ينقلب هذا القطيع الى اسودا في وجه المعتدين , فهل يتدارك الامر هذا النظام ويسرع الى مصالحة وطنية حقيقية ام سيماطل ويسوف ونقول له الوقت كالسيف ان لم تقطعه قطعك.