محمد حسنين هيكل يعلن من محطة الجزيرة وفاة الأنظمة العربية سياسيا
محمد حسنين هيكل يعلن من محطة الجزيرة وفاة الأنظمة العربية سياسيا
أمير أوغلو
نجحت الجزيرة أخيرا باستقطاب الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل إليها بعد مفاوضات دامت سنتين تقريبا واستطاعت بهذا أن توجه ضربة مهنية لمنافستها العربية . قدمت الجزيرة الحلقة الأولى لبرنامج هيكل الأسبوع الماضي وكان البرنامج ضربة سياسية قاصمة لكل الأنظمة العربية السياسية , فبالرغم من تأكيد الأستاذ على أنه سيتحدث عن الماضي ولكنه بدأ بالحاضر فقام بتحليل الواقع العربي , الذي يمكن القول بأنه خير من يعرفه , على النحو التالي :
الأوضاع الحالية لا تسعد أحدا أن يتكلم حولها !
هناك عقدة في التعامل السياسي مع أمريكا
هناك عقدة وأزمة كبيرة في العراق
هناك عقدة وأزمة دائمة في فلسطين
هناك تآكل في أطراف العالم العربي كالسودان مثلا
هناك أزمة في الفكر والعمل السياسي الخارجي مثل الجامعة العربية والمؤتمرات العربية
هناك إحباط ويأس عربي شامل
هناك شيء ما في أعلى الرأس معطل
شعوبنا وأرضنا وكرامتنا مستباحة تماما
العالم العربي يمر بمرحلة انتقالية تتسم بالفوضى في كل شيء
ثم يحمّل المفكر والسياسي الكبير مسؤولية هذا الوضع المأساوي للحكام والعلماء فيقول : إن هناك مقولة في العالم العربي مفادها أن أوروبا تأخرت في العصور الوسطى نتيجة استئصال الخصوبة من الفكر الغربي من قبل الكنيسة , وأن هذا لم يحدث في العالم العربي . هذه المقولة خاطئة تماما فنفس الشيء حدث في العالم العربي واستطاع الحاكم بسيفه والعالم بفتاواه المتخلفة أن يصادر العقل العربي ويستأصل خصوبته الفكرية !
ويقول حول تخلي الحكومات والأنظمة عن دورها السياسي في العالم وفي الشرق الأوسط خاصة : إن الصراع في المنطقة سيكون في السنوات العشر القادمة صراعا تركيا إسرائيليا بعد انسحاب الأنظمة العربية منه وتقوقعها على ذاتها مثال الأردن أولا أو اليمن أولا أو مصر أولا ..... إلخ فقد أعلنت الأنظمة العربية استسلامها وانعزالها وانكفاءها على نفسها وتقوقعها في عزلتها وانسحابها من الساحة العربية والشرق الأوسط بعد أن انسحبت من العالم كله وتركت في المنطقة فراغا تحاول إسرائيل وتركيا ملأه الآن .
أما عن فشل الأنظمة العربية سياسيا في العقود الأربعة المنصرمة فقال الأستاذ : كنا حاضرين في كل العالم وكان لنا صوت مسموع في القارات الخمس وضرب أمثلة من مؤتمر باندونغ إلى دول عدم الإنحياز إلى الوحدة الأفريقية وحركات التحرر العالمية ثم انتقل إلى الحاضر البئيس ليضرب الأمثلة التالية :
الهند : تصف علاقتها بالدول العربية بعلاقة الرجل بمطلقته , مراعاة المظاهر فقط ومحاولة خداع الأطفال حتى لا يصابوا بعقد نفسية .
فرنسا : يقول ميتران منتقدا وموجها كلامه للعرب : إن باريس أكبر من أن تصبح محطة للزعماء العرب الذاهبين أو العائدين من أمريكا
بريطانيا : يقول بلير عن حكام العرب إنه يشعر أنهم يزورون بريطانيا ليتصوروا مع المسؤولين ليشعروا شعوبهم بأنهم يتحركون سياسيا وأنهم ما زالوا مهمين .
روسيا : يقول بريماكوف : أن تقبل الدول العربية على أمريكا لا يعني أنها يجب أن تضع كل أوراق اللعب في حضنها ولا يعني أيضا استبعاد الآخرين فالسياسة ليس فيها أصدقاء دائمون ولا أعداء دائمون . ثم يفجر الأستاذ قنبلة في حق زعماء العرب فيقول لقد باع بعضهم أسرار الأسلحة الروسية لأمريكا عربون صداقته لها وتعبيرا عن تخليه الكلي عن الروس فقد حصلت أمريكا من بعض الدول العربية على دبابات تي 62 كاملة وصواريخ مضادة للدروع وصواريخ مضادة للطائرات لفحصها وإنتاج أسلحة مضادة لها ! والمشكلة أن أمريكا أخبرت روسيا بهذا لتحطم العلاقة بينها وبين العرب نهائيا . ويضيف بريماكوف أن روسيا لم يعد لها دور عند العرب سوى في المراسم .
يضيف الأستاذ معلقا : إن في السياسة قواعد وحدود يجب أن تحترم ولا يجوز تقديم المصالح عليها .
أفريقيا : بعد أن كنا قادة في القارة الأفريقية إبتعدوا عنا تماما وصار عندنا مشكلة في التعامل معهم غير قابلة للحل
لم يعد هناك سلطة بإمكانها حجز شعبها عن العالم والأخبار والتطورات والإعلام ولا حجز نفسها بحيث لا تنتشر مشاكلها في كل العالم . وهذا ما لم تفهمه بعض الدول إلى الآن . هناك على سبيل المثال 2000 جريدة في الوطن العربي , و 95 فضائية عربية , و800 محطة فضائية يمكن التقاطها في العالم العربي !
إن العالم يتعامل معنا على أننا تاريخ , أي علاقات سابقة قديمة , وجغرافيا , أي موقع هام , وتراث ولا يتعامل معنا سياسيا بل يدارينا سياسيا . ( يا للفضيحة )
منذ ثلاثين سنة وضعنا كل الأوراق بيد أمريكا وقلنا إن 99 بالمائة من الحل للمنطقة بيد أمريكا , فماذا حصل وكيف نتصرف مع أمريكا اليوم وكيف تتصرف معنا ؟ لقد استجاب العرب لكل مطالب أمريكا : سلام مع إسرائيل ,خصخصة , ترك السلاح الروسي , حتى وصلت الطلبات الأمريكية إلى ما يمس سلطة الحاكم فبدأ الخلاف .
أما عن التغيير والإصلاح فيقول : التغيير إذا كان من الداخل فلماذا لم يأت حتى الآن ؟ وإذا كان من أمريكا فهي حليفتكم منذ ثلاثين سنة وتفضل مصلحتكم فلماذا لا تقبلوا التغيير من طرفها ؟ هناك كذبة كبرى اسمها التغيير والإصلاح وهذا التغيير يجب أن يأتي برأي الإستاذ من قوى التغيير لكي نضمن أصالته واستمراره وهي قوى المجتمع المدني .
المشكلة بين حكام العرب وأمريكا هي إما أن يفهموا سياستها أو لا يفهموها , وهم لم يفهموها !!!
ردا على زميل صحفي استنكر على الأستاذ ذهابه لزيارة السفير الأمريكي في مصر بحجة أننا يجب أن نعزله أجاب الأستاذ : العزل يكون للدولة الخارجية وسياستها وليس للسفير ثم أضاف قائلا : لو طلب هذا السفير لقاء أي مسؤول مصري خمس مرات كل يوم بدل الصلاة هل يستطيع أي مسؤول أن يتردد في تلبية طلب السفير ؟
كل المقابلة لا تحتاج إلى تعليق فهي واضحة برسالتها وأفكارها ولكننا نطرح هنا سؤالا واحدا :
إن المواطن العادي يعيش كل يوم فشل هذه الأنظمة إقتصاديا وتعليميا واجتماعيا وتنمويا وتقنيا وحضاريا وعسكريا , فإذا أضفنا إلى هذا كله رأي السياسي والخبير المحنك في الأنظمة العربية من ناحية أدائها السياسي علما بأن مالم يقله الأستاذ أكثر بكثير مما قاله , فما هي مبررات وجود هذه الأنظمة ؟